صحافة

"المشهد اليوم"...ضربة "مُنسقة" على إيران والتصعيد يسابق الديبلوماسية"حزب الله" يحذر 25 مستوطنة شمالية بالإخلاء وبيت لاهيا تستغيث

تفخيخ العدو الاسرائيلي المربعات السكنية في القرى الجنوبية الحدودية وتدميرها (النهار)

على مدار أيام طويلة إنشغل العالم بطبيعة الرد الاسرائيليّ على ايران وحجم قوته ونطاق إتساعه الى جانب ربطه بساحات القتال الدائرة في لبنان وغزّة وسط مخاوف من تصعيد يؤدي إلى حربٍ إقليميةٍ. وسعت الادارة الاميركية الى إحتواء ذلك والضغط لعدم استهداف منشآت طهران النفطية والنووية عبر "مكافأت" قدمتها واشنطن لتل أبيب، وأبرزها تزويدها بمنظومة "ثاد" الدفاعية الصاروخية كما وعود برفع تعليق شحنات معينة من الأسلحة والذخائر وتسريع توريدها، مع الاشارة الى أن الدعم الاميركي لإسرائيل تخطى الـ 16 مليار يورو.

ووفق تحليلات وقراءات الصحف العربية الصادرة اليوم، فإن المؤشرات لا توحي بأن اسرائيل، كما ايران، ترغبان في التصعيد. وهذا ما يفسر الضربة "المحدودة" و"المُنسقة"، والتي يمكن حصر دلالاتها السياسية والعسكرية بقدرة تل أبيب على استهداف الاراضي الايرانية وفشل كل عناصر الردع التي لطالما تحدثت عنها ايران. علماً أنه من المبكر الجزم بنتائج هذه الضربة وتداعياتها على المنطقة. في المقابل، برزت بيانات الادانة والشجب التي عبرت عنها الدول العربية كالسعودية والامارات والبحرين والكويت، محذرة من مغبة اتساع رقعة الصراع.

في موازاة ذاك، عادت خطوط المفاوضات التي كانت "مقطوعة" وشهدت بشكل مفاجىء تحركات في المياه الراكدة، خاصة على الساحة الغزاوية حيث تتجه الأنظار للقاء الذي يُعقد اليوم في العاصمة القطرية، الدوحة، لاعادة إحياء مفاوضات وقف اطلاق النار بعد أشهر من العرقلة الاسرائيليّة المتعمدة. 

وعلى الجانب الآخر، ينتظر لبنان ايضاً الزيارة التي يقوم بها الموفد الاميركي اموس هوكشتاين لاسرائيل للتشاور بشأن مبادرته التي تتمحور حول وقف اطلاق النار وانسحاب "حزب الله" من جنوب نهر الليطاني ودخول الجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية "اليونفيل" وتطبيق القرار الدولي 1701.

وفي آخر الاتصالات الدولية، أفادت وزارة الخارجية الأميركية، بأن وزير الخارجية انتوني بلينكن بحث مع نظيره البريطاني ديفيد لامي مساعي الحل الدبلوماسي في لبنان والتزام البلدين بالاستقرار. فيما تناول الرئيسين المصري عبدالفتاح السيسي والفرنسي إيمانويل ماكرون، التصعيد في الشرق الأوسط وسبل الحدّ منه، وتعزيز مسار التهدئة.

وتتزامن هذه الاتصالات والتحركات الديبلوماسية، مع مواصلة "حزب الله" قصف المستوطنات الإسرائيليّة حيث أعلن، للمرة الأولى، عن استهداف قاعدة تل نوف الجوية جنوب تل أبيب بعدد من المسيّرات الانقضاضية. كما برز أمس، توجيهه تحذيرات إلى سكان 25 مستوطنة شمالية بالإخلاء، مؤكداً أنها "أصبحت هدفاً عسكرياً مشروعاً للقوة الجوية والصاروخية في المقاومة الاسلامية".

هذا وتشتعل جبهات القتال حيث يتصدى "حزب الله" لعمليات التوغل البرية مكبداً العدو المزيد من الخسائر البشرية. وكانت مصادر إسرائيليّة أشارت إلى مقتل 5 جنود في معارك جنوب لبنان، مما يرفع عدد قتلاه إلى 15 في غضون يومين كما إصابة 61 عسكرياً خلال 24 ساعة. ويعول "حزب الله"، في المعارك الدائرة، على عاملين رئيسيين: أولاً، أن يكون الميدان هو من يقود التفاوض وثانياً أن يؤدي ارتفاع أعداد القتلى من القوات الاسرائيليّة الى احتجاجات داخلية تدفع إلى وقف الحرب على لبنان.

الى ذلك، تستمر الغارات الجوية العنيفة التي تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع كما الجنوب، مع التركيز على تفخيخ المربعات السكنية وتفجيرها ضمن إطار سياسة محو القرى الحدودية، إضافة إلى ضرب المعابر التي تربط بين لبنان وسوريا، حيث بات معبرين رئيسيين وهما معبر المصنع وجوسيه خارج الخدمة كلياً. في حين استهدفت غارة إسرائيلية أمس السبت، معبر مطربا بين سوريا وشمال شرق لبنان، ما أدى الى سقوط 3 ضحايا.

وفي غزّة، يرتفع عدد الشهداء والجرحى مع تعمد الاحتلال قصف المربعات السكنية لدفع أهلها الى الاخلاء ضمن سياسة التطهير العرقي مع تشديد الحصار المتواصل منذ ثلاث أسابيع واستهداف المستشفيات والطاقم الطبي، واخرها اقتحام مستشفى كمال عدوان في مشهد يعيد الى الأذهان ما حصل في مستشفى الشفاء سابقاً. وقد تعالت نداءات الاغاثة في بيت لاهيا فجراً بعد تعرضها لغارات مكثفة  أودت بحياة العشرات، فيما لا يزال البحث متواصل عن المفقودين وسط تعذر وصول سيارات الاسعاف الى المكان.

وطغت الاحداث الاخيرة بين اسرائيل وايران على عناوين الصحف العربية حيث:

شددت صحيفة "الخليج" الاماراتية على أن "تبادل الهجمات والردود بين إيران وإسرائيل بالتزامن مع استمرار الحرب على غزّة ولبنان، سيجعل من هامش الخطأ والانزلاق إلى حرب شاملة أقرب من تجنبها وتفادي ويلاتها"، مؤكدة أن "العمل الإقليمي والدولي يجب أن ينصب في خوض معركة سياسية لا تقل قساوة عن المواجهات العسكرية، حتى تنجو المنطقة برمتها من تهديدات ومخاطر ستكون خارج السيطرة ولن تخدم أي طرف مهما كان موقعه ووضعه وقوته".

واعتبرت صحيفة "الوطن" القطرية أن الضربة الاسرائيليّة على إيران "تمثل تطوراً في غاية الخطورة، حيث تكشف عن الأهداف الحقيقية لتل أبيب، والتي تتمثل في جرّ المنطقة إلى مواجهة شاملة، واستدراج دول كبرى لصراع يمكن بكل بساطة إيجاد حل عادل وشامل ودائم له عبر تطبيق قرارات الشرعية الدولية".

أما صحيفة "الراي" الكويتية، فلفتت إلى أن "الضربة الإسرائيلية "المنضبطة" لإيران كرّست واقعاً غير مسبوق في المنطقة عنوانه "مواجهة وجهاً" بين تل أبيب وطهران". وقالت: "قد تكون "نسخةُ" 26 أكتوبر منها انتهت ولكن يصعب الجزم بأنها كانت نقطة في آخر سطر هذا الصدام الذي يعكس حصوله، وإن مع ضوابط، أمرين: الأول أن تل أبيب تريد خوض "آخر الحروب" ضد أذرع إيران والثاني أن الجمهورية الإسلامية وجدت نفسها مكرهة على تحريك "الملك" لحماية آخر خط دفاع عنها "حزب الله".

من جهتها، نبهت صحيفة "الوطن" البحرينية إلى أن "مشروع الهلال الذي بنته إيران والممتد لنفوذها من طهران إلى البحر الأبيض شمالاً والبحر الأحمر غرباً والذي كان قاب قوسين أو أدنى من الاكتمال انتهى"، موضحة أن الضربة الاسرائيلية تعكس "الاتفاق بين أميركا وإسرائيل وكذلك دول المنطقة وحتى مع إيران، لأنه من مصلحة الجميع عدم سقوط النظام بضربة خارجية، غير مضمونة النهاية"، على حدّ تعبيرها.

في الاطار عينه، كتبت صحيفة "الأهرام" المصرية تحت عنوان "ضربة اسرائيلية أرضت الجميع"، اذ تحدثت عن "دور المنسق والمشرف العام" الذي لعبته واشنطن "التي لم تترك لإسرائيل رفاهية اختيار الأهداف"، واضعة تلك الجهود في خانة الحفاظ على الانتخابات الرئاسية الاميركية ومصلحة المرشحة كامالا هاريس كما الى عدم وجود رغبة إسرائيلية بالدخول مباشرة ضد ايران وخشيتها من اندلاع حرب إقليمية.

صحيفة "الدستور" الأردنية، بدورها، علقت على الاحداث الاخيرة: "انتهت "الحرب" الإيرانية الإسرائيلية، مع استمرار صراع النفوذ والتوسع والهيمنة الضاري على العالم العربي بين المشروعين: التوسعي الإيراني والتوسعي الإسرائيلي". لتخلص إلى القول: "ضربات متفق عليها ضمنيًا لإرضاء الرأي العام الإسرائيلي، ولضمان عدم استفزاز الرأي العام الإيراني، كي لا يكون نظام الملالي مضطرًا لقصف صوري..وثمة بيننا من يصدق "وحدة الساحات" و"محور المقاومة".

وعلى المقلب الاخر، رأت صحيفة "الشروق" الجزائرية "أن التحليل القائم على رصد الحقائق الموضوعية لدى الأطراف المتصارعة يُبيِّن أن الكيان الصهيوني منذ عقد من الزمن على الأقل بدأ يفقد تدريجيا قدرة الردع لديه". وأضافت: "من المحتمل أن يُساهم ردع إيران اليوم في تشجيع باقي القوى المحلية على التنصل التدريجي من هيمنة الكيان والولايات المتحدة الأمريكية التي ترسخت في المنطقة بعد العدوان على العراق في 2003".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن