صحافة

"المشهد اليوم"... استئناف مفاوضات الدوحة ولبنان يترقب زيارة هوكشتايننتنياهو يرفض المقترح المصري بشأن غزّة وتداعيات ضربة إيران تتفاعل

من الغارة الإسرائيليّة على حارة صيدا.

تتكثف المساعي والجهود الديبلوماسية الاميركية وتسابق الزمن للوصول الى تسويات "ولو جزئية" بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزّة ولبنان وذلك قبل أسبوع واحد من الانتخابات الرئاسية الأميركية المزمع إجراؤها في الخامس من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2024. وتضغط إدارة الرئيس جو بايدن من أجل تحقيق "مكاسب" بهدف الحصول على دعم الناخبين العرب والمسلمين لضمان وصول المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس على حساب منافسها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب.

وتشكل الولايات المتأرجحة أهمية قصوى وعلامة فارقة في تحديد من سيقود الولايات المتحدة الأميركية، خلال السنوات الأربعة المقبلة، في وقت تشتعل الحروب في أوكرانيا ومنطقة الشرق الأوسط وتزداد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية. وأمام هذا المشهد السياسي المُعقد، تابعت الصحف العربية الصادرة اليوم تحليلاتها بشأن تداعيات الضربة الإسرائيليّة على إيران ودلالاتها إلى جانب تناول مسار الاتصالات المتسارعة بين الدوحة والقاهرة لإحياء المفاوضات بشأن غزّة. فيما لبنان ينتظر ما ستؤول اليه مباحثات الموفد الأميركي آموس هوكشتاين في إسرائيل والتي يمكن أن تفتح الباب أمام تحديد ماهية المرحلة المقبلة.

ومع إنطلاق جولة المفاوضات في الدوحة بعد توقف دام شهرين، كشف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن مقترح جديد لوقف إطلاق النار في غزّة ليومين، مقابل الإفراج عن 4 رهائن إسرائيليين "أحياء"، وبعض الأسرى الفلسطينيين، من أجل الوصول إلى اتفاق شامل يمكن أن يفسح المجال أمام مفاوضات أوسع لتكريس وقف نار نهائي. الا أنه، وبحسب المعلومات المتداولة في وسائل الإعلام العبرية، فإن الجانب الاسرائيلي رفض العرض المقدم، والذي يأتي على وقع مناشدات دولية بفك الحصار عن شمال القطاع وإدخال المساعدات واجلاء المصابين في أسرع وقت ممكن.

كما يتزامن مع تزايد الضغوط الداخلية على رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لعقد تسوية تقضي بإطلاق سراح الرهائن فوراً. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت استبق ذلك بالحديث عن أهمية تقديم "تنازلات مؤلمة" لإتمام الصفقة، حيث اعتبر أنه "ليس بالإمكان تحقيق أي هدف بعملية عسكرية فقط، والقوة ليس الهدف في كل شيء".

ورغم دعم غالبية الوزراء الإسرائيليين للمقترح المصري، إلا أن نتنياهو يستمر بوضع العراقيل وفرض شروط جديدة حيث يرفض الحديث عن أي هُدن ويصرّ، من وجهة نظره، أن يكون التفاوض حصراً "تحت النار"، كما يشدد على مطالبه القديمة الجديدة والتي تقضي بإستمرار السيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي ومعبر رفح الى جانب منع عودة مقاتلي الفصائل الفلسطينية إلى شمال غزّة.

وعليه، لا تلوح في الأفق أي بوادر حلحلة في ظل التعنت الاسرائيلي الذي يريد الاستفادة من الوقت الفاصل للانتخابات الأميركية للاستمرار بعملياته العسكرية قبل الجلوس على أي طاولة للمفاوضات. أما ميدانياً، فالمشهد العام لا يزال على حاله لجهة سقوط المزيد من الضحايا المدنيين.

ففي لبنان، تابع الطيران الحربي الإسرائيلي غاراته مستهدفاً للمرة الأولى، حارة صيدا، ذات الاكتظاظ السكني، ما أوقع شهداء وجرحى بعد قصفه منزلاً يعود الى حسين فنيش، وهو مسؤول أمني بـ"حزب الله"، ما أدى لمصرعه على الفور. وتزامن ذلك مع غارات همجية على البقاع والجنوب، فيما وجه المتحدث بإسم الجيش الاسرائيلي انذاراً لأكثر من 16 قرية جنوبية بضرورة الإخلاء الفوري مع تصاعد حدة العمليات البرية بين عناصر "حزب الله" وقوات الاحتلال.

 وحتى الساعة، لا يزال الحزب يدك المستوطنات والبلدات الشمالية برشقات صاروخية كبيرة ويقصف تجمعات الجنود ويقود اشتباكات عنيفة في الجبهات حيث تتزايد الخسائر الاسرائيليّة البشرية دون أن تتمكن اسرائيل من تحقيق أي تقدم ميداني مع مرور أكثر من 5 أسابيع من عمر الحرب. ووفق إعلان الجيش الإسرائيلي فقد ارتفع عدد قتلاه في معارك لبنان إلى 15 وعدد العسكريين المصابين إلى 88 خلال يومين.

وفي غزّة، حذرت الأمينة العامة المساعدة للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ جويس مسويا بأن "جميع السكان في شمال غزّة مهدّدون بالموت". في غضون ذلك، تمضي قوات الاحتلال في عملياتها العسكرية على شمال القطاع المعزول مرتكبة المزيد من الجرائم والفظائع بعد تدمير كل المستشفيات والمرافق الطبية والصحية واستهداف مدارس النزوح ومراكز الايواء بشكل يومي وممنهج وسط استمرار الحصار دون السماح لإيصال المساعدات الغذائية.

وعلى صعيد متصل، تسببت عملية الدهس التي نفذّها فلسطيني من عرب 48، بنقمة عارمة، حيث سارع وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير بالإشادة بقتل المنفّذ ورأى أن سياسته لتوسعة دائرة توزيع الأسلحة على الإسرائيليين ناجعة. بينما نفت عائلة منفذ العملية كل ما يحكى عن الهجوم، مؤكدة أنه "مجرد حادث طريق عادي".

وأبرز ما تناولته الصحف العربية اليوم:

رأت صحيفة "الرياض" السعودية أن "المعادلة التي نقف أمامها اليوم بين إسرائيل وإيران تتكون من ثلاثة معطيات رئيسية: موقف إسرائيل من السلاح النووي الإيراني ومن يدعمها، ثانيا: مدى استمرار الحرب التنسيقية بينهما حيث شهد العالم حربا يتم تسريب أهدافها وطريقها قبل أن يتم تنفيذها على الأرض، ثالثاً: أين ستذهب أذرع إيران التي دعمتها لأكثر من أربعة عقود". لتخلص الى أن "الطموحات الإيرانية والإسرائيلية تقاطعتا بشكل كبير لتعطيل أي محاولة يمكنها أن تؤدي الى الوحدة العربية تجاه قضية فلسطين تحديدا".

وفي الإطار عينه، تحدثت صحيفة "الدستور" الأردنية التي أشارت إلى أن "الرؤية العقائدية التوسعية لكل من إسرائيل وإيران تتصادم فعلياً مع رؤية أخرى في العالم العربي وهي الرؤية الساعية إلى الاستقرار والتركيز على المشاكل الاقتصادية والاجتماعية"، مشددة على أن "الواقع يقول إن لا مجال للتعايش بين رؤية قائمة على التوسع ورؤية قائمة على الاستقرار، وهذا ما يمثل وقوداً للصراع المقبل الذي سيكون مرعباً بشكل نرى فيه ما يجري حالياً ليس سوى مخاض يسير لولادة صراع مدمر هدفه السيطرة وتغيير الواقع الجغرافي في المنطقة".

ولفتت صحيفة "الأهرام" المصرية إلى أن "الضربة الإسرائيلية كشفت طهران أمام تل أبيب، حيث لم تتمكن الدفاعات الجوية الإيرانية من إسقاط ولو طائرة واحدة، وقد خرجت كل الأطراف المتشاركة في هذه الضربة راضية، فالإيرانيون راضون لعدم اتساعها للمنشآت النفطية والنووية، وإسرائيل راضية عن تحقيق أهدافها العسكرية، وإثبات قدرتها على الوصول إلى أي هدف إيراني، وواشنطن راضية عن التزام إسرائيل بحدود الضربة... والصفحة طويت تقريباً".

بدورها، اعتبرت صحيفة "الشروق" الجزائرية أن "المواجهة الإسرائيلية الإيرانية ستبلغ مداها في حالة فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة"، معددة سببين يرجحان هذا التوقع: "السبب الأول هو أن ترامب معروف بعدائه الشديد للدولة الفلسطينية وبتحيزه الظاهر إلى إسرائيل، ويضاف إليه أن اللوبي الصهيوني سيضغط في حالة فوز ترامب في اتجاه التصعيد الذي سيتجاوز المواجهة الفلسطينية - الإسرائيلية إلى المواجهة الإسرائيلية - الإيرانية".

ومن وجهة نظر صحيفة "اللواء" اللبنانية، فإن "نجاح واشنطن في تهدئة المواجهة بين إيران والكيان الصهيوني، من شأنه أن يساعد على تبريد الجبهة في لبنان، وإعادة فتح باب المفاوضات حول الصفقة في غزّة، وصولاً إلى الحديث عن التسوية الكبرى في المنطقة". وتابعت: "هذا من شأنه إنعاش آمال إنهاء الحرب سريعاً في حال لم تقتحم الواقع الراهن مفاجآت في الميدان، تعطل المسار الديبلوماسي".

وقالت صحيفة "الراي" الكويتية "بدت المنطقة العالقة منذ عام ونيف في قلب "إعصار النار" في غزّة وأخواتها وكأنّها أمام منعطف يقودها، إما إلى تعميق الحفرة التي زُجّت فيها منذ "طوفان الأقصى" وما تلاه، وإما إلى تدارك الأسوأ عبر التقاط "خشبة" الدبلوماسية العائمة فوق بحرٍ من الدم والدمار".

وتحت عنوان "غزّة تحت الركام"، كتبت صحيفة "الوطن" القطرية حيث أشارت الى أن "عبارات الشجب والدعوات التي لا معنى لها من أجل التهدئة، غير مقبولة، وهي عكست سياسة الكيل بمكيالين"، مشددة على ضروررة تدخل المجتمع الدولي "ليس من أجل وقف هذه الجريمة المروّعة فحسب، ولكن أيضاً من أجل إطلاق مفاوضات حقيقية تقوم على حل الدولتين، وبما يسمح للشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن