صحافة

"المشهد اليوم"... إسرائيل تستهدف آثار لبنان و"اليونيفل" بمرمى النار مجددًابايدن يتعهد "إنتقالاً سلمياً" للسلطة ويسعى لإبرام التسوية قبل رحيله

من آثار الدمار الذي لحق بمبنى المنشية بمحاذاة أعمدة قلعة بعلبك نتيجة القصف الإسرائيلي أمس

يسود الترقّب والجمود بإنتظار تسلم الرئيس دونالد ترامب مقاليد الحكم في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل، حيث تُقارب دول العالم ملفاتها إنطلاقاً من تصريحاته الإعلامية أو وفقاً لتجاربهم خلال مدة رئاسته السابقة التي حفلت بمواقف مثيرة للجدل. ومن هنا يمكن رصد ردود الفعل التي صدرت فور إعلان الفوز، وانقسمت بين مُرحبة كما حال دول الخليج وروسيا واسرائيل أو قلقة كالاتحاد الأوروبي وأوكرانيا وإيران.

فالحروب المشتعلة في أوكرانيا وقطاع غزّة ولبنان ستكون على رأس أولويات ترامب الذي يعد بـ"إخمادها وإحلال السلام"، دون معرفة الآليات أو الخطوات التي سيتبعها لتحقيق ذلك خصوصاً في ما يتعلق بأذرع ايران في المنطقة العربية، وهو الذي سبق وألغى الاتفاق النووي وشدّد الخناق على ما يصطلح تسميته بـ "محور المقاومة"، دون أن ننسى أنه كان وراء مقتل قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني وما اعتبر وقتها على أنه ضربة لقصم ظهر طهران لما لعبه الأخير من أدوار عسكرية "مهمة" في إطار توسيع النفوذ الإيراني في بيروت ودمشق وبغداد وغيرها من العواصم العربية.

وبإنتظار اختيار ترامب لفريق عمله وإدارته وما ستعكسه الأسماء من تحديد معالم المرحلة المقبلة بالإضافة الى فهم حقيقة سياساته الخارجية ونطاقها وتحديد ماهيتها وبنودها الرئيسية، سيكون العالم أمام مرحلة انتظار ريثما تتضح الرؤية. وفي أول موقف له منذ الفوز الكاسح للمرشح الجمهوري في الانتخابات، تعهد الرئيس جو بايدن تأمين "انتقال سلمي ومنظم" للسلطة، مشدداً على ضرورة "خفض" التوترات السياسية في الولايات المتحدة.

ويأتي ذلك على ضوء تحميله من قبل الحزب الديمقراطي الجزء الأكبر من المسؤولية عن العودة المظفّرة لترامب إلى البيت الأبيض وتكبد الخسارة المدوية نتيجة إصراره على الترشح والانسحاب المتأخر من المعركة الانتخابية. واذ تحدثت وسائل إعلامية عن خطوات يمكن أن يتخذها بايدن خلال المرحلة الانتقالية كتشديد الضغوط على إدارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. بدا لافتاً إعلان وزارة الخارجية الأميركية، أنّ "وزير الخارجية أنتوني بلينكن يعتزم العمل في ما بقي من وقت لتحريك قضايا منها وقف إطلاق النار في غزّة ولبنان".

وكان موقع "أكسيوس" نقل في وقت سابق عن مسؤول في إدارة بايدن قوله: "قلقون بشأن إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت لأنه شريك موثوق في حربيّ غزّة ولبنان والتوتر مع إيران". هذا واعتبرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الاسرائيليّة أن "بايدن قد يستغل الشهرين الأخيرين من ولايته لزيادة الضغوط للتوصل إلى صفقة الرهائن ومطالبة نتنياهو بتنازلات مثل الانسحاب من محور فيلادلفيا". كما سيحاول بايدن، بحسب الصحيفة، "تعزيز التسوية الدبلوماسية بين إسرائيل ولبنان، وهي خطوة يبدو أن نتنياهو يدفع نحوها، على عكس محاولات إنهاء الحرب في قطاع غزّة".

وفي السيّاق، تجنَّب المرشد الإيراني علي خامنئي التعليق بشأن فوز ترامب، قائلاً "هناك أنواع من الجهاد المتواصلة، اليوم، بقوّة في لبنان وفلسطين ستؤدي إلى انتصار جبهة المقاومة حتماً".

أما المشهد الميداني اللبناني، فلم يخلُ من إجرام ووحشية العدو الذي واصل استهداف المركبات والسيارات وآخرها عند مدخل مدينة صيدا، ما أدى إلى استشهاد ثلاثة أشخاص في السيارة المستهدفة، واصابة خمسة جنود من الكتيبة الماليزية التابعة لقوات "اليونيفيل" وثلاثة جنود لبنانيين. كما واصل الطيران الحربي غاراته الجوية على مناطق متفرقة في الجنوب والبقاع مخلفاً المزيد من الضحايا والجرحى ودمار هائل طاول المواقع الأثرية والتاريخية، ولاسيما في مدينة بعلبك وصور، ما دفع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) إلى إصدار بيان أكدت فيه أنها ستجتمع في 18 من الشهر الحالي "لمناقشة تعزيز الحماية المؤقتة للمواقع الأثرية اللبنانية المهددة بحملة القصف الإسرائيلي".

في المقابل، أعلن جيش الإحتلال في بيان، أنّ 5 من جنوده قتلوا وأصيب 16 آخرون في معارك بجنوب لبنان خلال الأسابيع القليلة الماضية. بدوره، أشار "حزب الله"، عبر بيانات متلاحقة، إلى استهداف تجمعات لقوات الجيش الإسرائيلي في مواقع عدة وقصف مستوطنات كريات شمونة والمنارة ونهاريا والجليل الغربي بصليات صاروخية، كما استهدف بصواريخ قاعدة "ستيلا مارس" البحرية الإستراتيجية للرصد والرقابة شمال غرب حيفا.

وفي الشق المتعلق بقطاع غزّة، أوقعت غارة إسرائيليّة على مدرسة شحيبر التي تؤوي نازحين في مخيم الشاطئ غرب القطاع 10 شهداء و30 جريحاً. فيما أعلن المدير العام لوزارة الصحة  منير البرش عن استشهاد أكثر من 1500 فلسطيني شمال القطاع، في ظل الإبادة والتطهير العرقي المستمر منذ 34 يوماً.

وعلى وقع كشف "هيئة البث الإسرائيليّة" أن الجيش يعمل على فصل شمال قطاع غزّة عن المدينة، ولا يعتزم السماح للنازحين الفلسطينيين بالعودة إلى منازلهم في الشمال. قال وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت "إنه كان بالإمكان عقد صفقة تبادل أسرى ووقف العمليات العسكرية ومغادرة محور فيلادليفا، بحسب ما نقلته عنه عدة مواقع عبرية. وأوضح غالانت - في لقاء جمعه مع مجموعة من عائلات الأسرى المحتجزين لدى حركة "حماس" - أنه "لا يوجد سبب لعدم التوصل إلى صفقة تبادل أسرى، وأن اعتبارات رفضها ليست سياسية ولا عسكرية".

وفي الصحف العربية الصادرة اليوم تسليط على إستمرار الحرب الإسرائيليّة على قطاع غزّة ولبنان وتعثر المفاوضات بإنتظار مرحلة ما بعد الرئيس جو بايدن:

رأت صحيفة "الوطن" السعودية أن "الزّعم بأنّ السلام الحقيقي والعادل في فلسطين، أو حل الدولتين، يُمكن أن يتحقق بمجرد توقيع وثيقة هو ضربٌ من الوهم، لأنّ تحقيقه يتطلب معالجة قضايا معقّدة، ومتعدّدة الأبعاد". وقالت: "من المحبط أن مساعي الولايات المتّحدة، على مدار العقود الثلاثة الماضية، قد تعثّرت، ولجأت أكثر إلى ما بات يُسمى "إدارة الأزمات" عوضاً عن "حلّ النّزاعات".

ووفق صحيفة "الخليج" الإماراتية، فإن "ما تقوم به قوات الاحتلال في شمال قطاع غزّة، ما هو إلا جريمة تطهير عرقي، تُضاف إلى سلسلة الجرائم التي ترتكبها إسرائيل يومياً، وتنتهك من خلالها القانون الدولي على مرأى ومسمع من العالم أجمع"، مشددة على أن "الخطة الإسرائيليّة والعاصفة الإعلامية والدبلوماسية الدولية المكثفة التي أحدثتها، ساعدت على إخفاء حقيقة ما يجري على الأرض، بما يعنيه من جريمة حرب فعلية".

ونوهت صحيفة "الأهرام" المصرية أن "رعاية الاحتلال البغيض على مدى ثمانين عامًا، كانت محل الاتفاق الدائم بين الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وسوف تظل، فقط تختلف الطريقة المُثلى لهذا الدعم". وأضافت: "مهما اختلفت طبيعة الانتخابات تظل هذه الحقيقة راسخة، الأمر الذي يتطلب ليس مجرد البحث عن الرئيس الأنسب في خيارٍ بين اثنين، ولكننا بحاجة إلى ترسيخ لغة سياسية جديدة وواضحة توقف التدخل المخرب في المنطقة، وتوقف نزيف الدماء وتعطي الفرصة للبناء والسلام الحقيقيين".

من جهتها، سلطت صحيفة "الجريدة" الكويتية، في مقال، الضوء على ما أسمته "الهولوكوست الإسرائيلي بحق الفلسطينيين والذي يعتبر نسخة مجددة ومطورة عسكرياً وتقنياً لسيناريو الهولوكوست الأميركي بحق الهنود الحُمر السكان الأصليين بالقارة"، مؤكدة أنه "من كان محظوظاً بالبقاء حُوصر في منعزلات أو معسكرات إبادة تشبه ما يسمى اليوم مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني، والتي سيتم إخلاؤها يوماً ما بحسب العقيدة الصهيونية المسيحية"، على حدّ تعبيرها.

وبحسب صحيفة "عُمان" العمانية فإن "أحداث غزّة أكدت أن بعض الحكومات العربية لم تعد قضية فلسطين هي القضية المحورية أو المركزية بالنسبة لها، وهذا ما عكسته مواقفها وردود أفعالها تجاه ما يحدث". ورأت "أن هذا الأمر سيكون له ما بعده، في علاقة هذه الأنظمة بشعوبها، التي تعد القضية الفلسطينية قضية وجدانية بالنسبة لها. وفـي ضوء هذا التخاذل المريب، يكون الأمن القومي العربي، قد خرج من التاريخ، ولا أعتقد أن عودته قريبة".

وتناولت صحيفة "الراية" القطرية جهود الدوحة لإنهاء الحرب في لبنان وغزّة "التزاماً منها بدورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار"، مطالبة "بضرورة التضامن الدولي لإنهاء الحرب على القطاع فورًا، وبذل كافة الجهود لإلزام إسرائيل بالامتثال للمساعي الرامية إلى تحقيق السلام العادل المستدام في المنطقة".

وفي إطار متصل، اعتبرت صحيفة "اللواء" اللبنانية أن "فترة الوقت الضائع، امام اللجنة الخماسية لاستئناف مساعيها لتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، لن تقتصر على ما مضى، بل ستطول مع تعثر وساطة المستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين". وخلصت إلى أن "كل مساعي الديبلوماسية الاميركية الحالية مؤجلة الى ما بعد تولي الادارة الاميركية الجديدة لمهامها وهذا يعني استمرار تجميد البحث بملف الانتخابات الرئاسية اللبنانية الى ما بعد وقف إطلاق النار".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن