للأسف في عالمنا العربي لا نتعلم من تجاربنا السابقة، أيضاً تطلعات الشعوب غير تطلعات الساسة، فالشعوب تبحث عن الرفاهية التي يحققها الاقتصاد القوي، والاقتصاد يحققه الاستقرار السياسي.
فيما يبحث بعض زعمائنا عن قيادة العالم العربي كاملاً غير مؤمنين بالدولة القُطرية أو تراهم مرتهنين لدول أخرى.
لذلك، نشاهد العنتريات في خطبهم في مؤتمراتنا العربية وهم بعيدون عن الواقع بكل أشكاله، فإذا كانت السياسة فن الممكن، تراهم يبحثون عن المستحيل، فقد فرطوا في كل قضايانا العربية المركزية والهامشية لبحثهم عن المستحيل، ولو رجعنا إلى الوراء قليلاً لرأينا خسائر جبهة الصمود والتحدي التي جرّت العالم العربي للوراء، والتي أصبحت كل دولها فاشلة، وعقدوا المؤتمرات لمجابهة كامب ديفيد، وحاولوا مقاطعة مصر حكومة وشعباً، ولكن دول الاعتدال قاومت ذلك ليصبح القرار مقاطعة الحكومة دون الشعب لنبقي على شيء من التواصل.
وللأسف، ونتيجة للسياسات الخرقاء في وطننا العربي نعيد في كل مرحلة ذات التجارب، فنحن الآن نرى جبهة الممانعة التي أخرت بلدانها وتسعى لجرّ العالم العربي وراءها إلى المجهول، لولا حكمة زعماء دول الاعتدال التي حالت دون الانسياق وراء زعماء المستحيل وانتهجت فن الممكن، وذلك عاد على شعوبها بالرخاء، فيما تحولت دول جبهة الصمود والتحدي وجبهة الممانعة إلى دول فاشلة.
من الغباء أن نكرر ذات التجارب وفق ذات الظروف وننتظر نتائج مختلفة.
ولكنه عالمنا العربي الذي لا يخلو من العجائب، فرغم ضعف بعض دولنا فإنك ترى تصريحات بعض زعمائها العنترية، حتى تكاد تعتقد أن هذه الدول من دول الفيتو، بينما لو نظرت إليها لوجدت زعيمها عاجزاً عن السيطرة على شعبه، ومع ذلك تجده يهز المنبر في خطب قمم الدول العربية.
فإذا كانت السياسة فن الممكن، فإن مطالب الشعوب الرفاهية الناتجة عن السياسة بغضّ النظر عن الأسلوب.
لذلك، من الحكمة أن نساير الظرف التاريخي وفق مرحلتنا الحالية حتى نصل لما نريد إذا تحسنت ظروفنا وتطورت بلداننا لتصل إلى مصاف الدول المتقدمة بعيداً عن الخطب النارية التي تخفت جذوتها بعد النزول من المنبر.
(الشرق الأوسط)