صحافة

"المشهد اليوم"..اسرائيل تصعّد وتستهدف قلب بيروت بعمليتيّ اغتيال لبنان يوافق "مبدئياً" على المسودة الأميركية بإنتظار وصول هوكشتاين

جانب من الغارة الإسرائيليّة التي استهدفت مقر "حزب البعث الإشتراكي" في رأس النبع - بيروت

تسارعت وتيرة العمليات العسكرية الاسرائيليّة مع البوادر الايجابية التي راجت بشأن موافقة لبنان "المبدئية" على مسودة المقترح الأميركي مع وجود بعد الملاحظات والنقاط التوضيحية التي سينقلها رئيس مجلس النواب نبيه بري، المُوكل بالتفاوض، للموفد أموس هوكشتاين الذي سيحط رحاله في بيروت يوم غد، الثلاثاء.

وضمن هذه الساعات الفاصلة عن موعد تسليم لبنان رده الرسمي، يوسع العدو الاسرائيلي من رقعة استهدافاته بعد تنفيذ عمليتيّ اغتيال في قلب العاصمة بيروت وبفارق ساعات مودية بحياة كل من مسؤول العلاقات الإعلاميّة في "حزب الله" محمد عفيف خلال استهداف مقر "حزب البعث الاشتراكي" في رأس النبع ورئيس دائرة العمليات في الجبهة الجنوبية للحزب محمود ماضي، بحسب ما أورد الاعلام الاسرائيلي.

وترافقت عودة الاغتيالات مع مؤشرات خطيرة تُنذر بتداعيات جسيمة بحال فشل التفاوض مع تعمّد الإحتلال قصف مناطق متداخلة تخطت ما يُسمى "البيئة الحاضنة لـ"حزب الله" حيث كانت شوارع عين الرمانة، المتاخمة للضاحية الجنوبية لبيروت، وذات الأكثرية المسيحية على موعد مع انذارات الاخلاء التي وجهها المتحدث الرسمي للجيش الاسرائيلي. ناهيك عن تمدد عمليات الاغتيال لتشمل مناطق معروفة بتنوعها السكاني واكتظاظها حتى بالنازحين الذين توافدوا اليها بعد تصنيفها ضمن المناطق "الآمنة".

وفي حين يغيب "الأمان" عن كل لبنان الذي بات هدفاً مشرّعاً للعمليات الاسرائيليّة التي تريد الإيحاء بتحقيق "النصر" والضغط على الحكومة اللبنانية و"حزب الله" للقبول بالشروط والتفاوض تحت النار في إطار تعزيز مكاسبها فيما تواصل دك القرى الجنوبية والبقاعية وضاحية بيروت بشكل ممنهج ومُرّكز وتدمير المباني السكنية وتهجير السكان الأصليين وارتكاب المجازر بحق المدنيين العُزل. ويُذكر أن الاستهداف الإسرائيليّ للعاصمة بيروت، هو الأوّل منذ حوالي الشهر عندما استهدفت غارة مسؤول الارتباط والتنسيق في "حزب الله" وفيق صفا الذي لا يزال مصيره غامضاً.

وفي تفاصيل المفاوضات، كشفت قناة "كان" العبريّة عن بعض تفاصيل مسودة اتفاق التسوية بين لبنان وإسرائيل، والتي تقضي بوضع 5000 جندي لبناني بالمناطق الجنوبية، وتعهد من إسرائيل بعدم مهاجمة لبنان وإعادة ترسيم الحدود البريّة بين الدولتين. فيما نقلت صحيفة "هآرتس" عن مسؤول أميركي قوله إن "إدارة بايدن تشك أن نتنياهو يُفضل المضي في محادثات لبنان لأن إنهاء الحرب قد يسقط حكومته"، لافتة إلى أن "الفجوة بين مرونة إسرائيل النسبية في لبنان وموقف نتنياهو في غزّة تحبط الإدارة الحالية".

أما في الميدان، فقد وثق "حزب الله" إطلاق صواريخ "نصر 1" و"فجر 5" باتجاه عدد من القواعد العسكرية الإسرائيليّة في منطقتي حيفا والكرمل الى جانب قصف عدة مستوطنات بصليات صاروخية. كما أعلن أنّ صواريخه استهدفت للمرة الأولى قاعدة "نيشر" الّتي تضمّ محطة غاز في جنوب شرق حيفا شمال إسرائيل. هذا وتستمر الاشتباكات المباشرة مع الجنود الإسرائيليين عند الأطراف الشرقية لبلدة شمع والأطراف الجنوبية لبلدة الخيام. بموازاة ذلك، ارتفع عدد شهداء الجيش اللبناني إلى 36 منذ بدء العدوان الإسرائيلي بعدما استشهد جنديين في قصفٍ طال مركزًا لهم بشكل مباشر في بلدة الماري جنوب البلاد.

وبناء على ذلك، تتراوح المؤشرات بين مخاوف من تعثر المفاوضات في اللحظات الأخيرة بسبب نوايا إسرائيليّة مبيتة بهدف استكمال الحرب تحت ذريعة القضاء على "حزب الله" وترسانته وبين "تفاؤل حذر" بإمكانية التوصل لاتفاق لوقف النار لوجود رغبة لدى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بتقديم "هدية" لإدارة الرئيس المُنتخب دونالد ترامب و"مكافأة" للرئيس جو بايدن مقابل مكاسب آخرى سيطالب بها ولاسيما في ملف غزّة، التي تغيب عن دائرة المحادثات المباشرة، وسط سيناريوهات متداولة عن أن "اليوم التالي" سيكون أشبه بكارثة على الغزاويين الذين يشهدون على كل أنواع القتل والتجويع والتهجير.

هذا وتواصل قوات الاحتلال منذ صباح يوم أمس، الأحد، نسف المنازل في مخيم جباليا شمال القطاع، باستخدام الروبوتات والبراميل المتفجرة مما أدى إلى محو أحياء سكنية كاملة واستشهاد ما لا يقل عن 70 فلسطينياً جُلّهم من كبار السن والأطفال والنساء. كما ارتكب الاحتلال مجزرتين في مخيمي النصيرات والبريج وسط القطاع، استشهد على إثرها 24 فلسطينياً، بحسب الإعلام الحكومي في قطاع غزّة.

ولا تزال تداعيات إنتخاب الرئيس ترامب والسياسات التي سوف يتخذها لاسيما في ما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط محور تحليلات وعناوين الصحف العربية الصادرة اليوم:

أشارت "الرياض" السعودية، في مقال، إلى أن "ترامب سيحاول ويضغط من أجل ايقاف الحروب وخاصة في الشرق الاوسط، ولكن السؤال الاهم يقول هل يمكن له إيقاف الحرب في الشرق الاوسط دون سلام". وأردفت: "هنا يكمن الموقف السياسي السعودي في البحث عن المسار النهائي للسلام والمتمثل في حل الدولتين، وهو الفرصة الاكثر حيوية والتي سوف يكسب منها الشرق الاوسط الاستقرار وستكسب منها أميركا موقعاً اكثر فاعلية في مسار النظام الدولي".

ومن وجهة نظر صحيفة "الشروق" المصرية، فإن "إسرائيل تمارس أقصى أنواع البلطجة والإجرام بحق فلسطين ولبنان وسوريا، لكن هناك رقماً مهماً في المعادلة وننساه دائماً وهو الشعوب"، مؤكدة أن "أمريكا قوية جداً وتدعم إسرائيل ولديهما مشروعات خطيرة لإعادة رسم المنطقة، لكن إذا واصلت الشعوب العربية الرفض وقاومت بكل الطرق النضالية السلمية، فسوف تفشل هذا المخطط، كما أفشلت غيره، أما إذا تقاعست فقد لا نستبعد حدوث نكبة كبرى أسوأ من نكبة 1948".

بدورها، أوضحت صحيفة "الغد" الأردنية أن "أقصى ما تلقاه الشرق الأوسط في أحاديث ترامب وعوداً بإنهاء الصراع، وتلك وعود مفتوحة على كل الخيارات مع رجل ليس سهلاً التنبؤ بما يمكن أن يفعله"، معتبرة أن "التصريحات والتسريبات الأكثر وضوحاً عند ترامب وطاقمه المقرب كانت فيما يخص قضايا مقلقة أكثر من زاويته السياسية، وعلى رأسها سياساته تجاه الصين والنفوذ الأميركي في شرق آسيا، ومن بعدها قضية العلاقة "الملتبسة" مع أوروبا واتفاقيات الدفاع والتحالف مثل الناتو، والصراع الروسي – الأوروبي في جغرافيا أوكرانيا".

أما صحيفة "الشروق" الجزائرية، فرأت "أن عودة ترامب، رغم الفرص التي قد تتيحها لإسرائيل، تحمل في طياتها مخاطر وتحديات، فالرئيس الأميركي معروف بأسلوبه العشوائي وغير المتوقَّع، مما يجعل من الصعب التنبؤ بسياساته طويلة الأمد"، مشددة على إمكانية "أن تقود هذه العشوائية إلى تقلبات مفاجئة في المشهد السياسي قد تؤثر على حسابات إسرائيل وتضعها أمام تحديات جديدة".

في إطار متصل، تناولت صحيفة "اللواء" اللبنانية المقترح الأميركي لوقف النار في لبنان، حيث أكدت أنه "لم يعُد سرّاً ان نتنياهو لم يعد يراهن على ما يمكن أن يقدمه له الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن بعد نحو شهرين، لكنه لا شك يراهن على ما يمكن أن يقدمه له الرئيس المُنتخب دونالد ترامب، خاصة أن الإدارات الأميركية المتعاقبة ديموقراطية أو جمهورية طالما مَدّت إسرائيل بكل أسباب الحياة والبقاء وهي الآن تفتح لنتنياهو كل مخازن السلاح وأعطته "كارت بلانش" ليفعل ما يريد"، وفق تعبيرها.

الى ذلك، تطرقت صحيفة "الراية" القطرية إلى "الجهود التي تبذلها كلّ من الدوحة وعمّان لإيقاف فوري لإطلاق النار وحماية المدنيين في غزّة، من أجل تجنيب المنطقة حربًا شاملة على عدة جبهات"، لافتة إلى ما أسمته "التنسيق عالي المستوى بين العاصمتين العربيتين لحماية الفلسطينيين واللبنانيين وإيقاف العدوان عبر الحلول الدبلوماسية".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن