لن يكون التاريخ كريماً مع رئاسة جو بايدن في تقييم تعامله مع حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على غزة. في أفضل الأحوال، سيتم الحكم على رده بأنه غير مبالٍ - وفي أسوأها، بأنها بمثابة تمكين أو حتى تواطؤ في الجرائم المرتكبة.
وهناك العديد من الأمثلة على الضعف والتواطؤ:
في 4 أبريل 2024، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالاً بعنوان: "الرئيس بايدن أخبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن الدعم الأميركي المستقبلي سيتم تحديده بناءً على كيفية تعامل إسرائيل مع المدنيين في غزة"، جاء فيه: "هدد الرئيس بايدن يوم الخميس بربط الدعم المستقبلي لإسرائيل بكيفية تعاملها مع مخاوفه بشأن الضحايا المدنيين والأزمة الإنسانية في غزة، مما دفع إسرائيل إلى الالتزام بالسماح بدخول المزيد من المواد الغذائية والإمدادات الأخرى إلى الجيب المحاصر على أمل استرضائه".
وفي الصحيفة أيضاً: "خلال مكالمة متوترة استمرت 30 دقيقة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، استغل بايدن لأول مرة المساعدات الأميركية للتأثير على سير الحرب ضد حماس التي أثارت غضب العديد من الأميركيين وغيرهم في جميع أنحاء العالم". بعد المكالمة، علَّق وزير الخارجية أنتوني بلينكن قائلاً: "إذا لم نرَ التغييرات التي نحتاج إلى رؤيتها، فستكون هناك تغييرات في السياسة".
وبعد سبعة أشهر ونصف، قُتل 12 ألف فلسطيني آخرين في المدارس والمستشفيات والمساجد التي لجأوا إليها بحثاً عن الأمان. وقُصفت مواقع الخيام المكتظة باللاجئين اليائسين، واستمرت إسرائيل في منع تسليم المساعدات الإنسانية. وذهب "تهديد" الإدارة الأميركية أدراج الرياح.
ثم في 13 أكتوبر الماضي، كتب وزيرا الخارجية والدفاع بلينكن ولويد أوستن إلى الحكومة الإسرائيلية يعبران عن قلقهما إزاء الوضع الإنساني "الخطير" في غزة، مشيرين إلى عزل الجزء الشمالي من القطاع، والأوامر المتكررة بالإخلاء، وحجب المساعدات الإنسانية، واستهداف عمال الإغاثة، والسياسات الإسرائيلية الأخرى التي أثرت سلباً على الفلسطينيين. وقد منحا إسرائيل 30 يوماً لتحسين الوضع الإنساني وحماية المدنيين في غزة، أو مواجهة عواقب غير معلنة.
بعد خسائر "الديمقراطيين" في نوفمبر، افترض بعض المعلقين أنه بعد زوال الضغوط السياسية، قد يتحرك الرئيس بايدن بجرأة لمعالجة الأزمة في غزة ومواجهة نتنياهو والإدارة القادمة لترامب. لكن أربعة إجراءات اتخذتها إدارة بايدن خلال الأسبوع الماضي أظهرت أن مثل هذه الآمال كانت بلا جدوى.
مع اقتراب الموعد النهائي لرسالة (بلينكن/أوستن)، أبلغت مجموعات الإغاثة الأميركية والدولية ومسؤولو إدارة بايدن المعنيون بالشؤون الإنسانية الوزيرين بأن الوضع في غزة قد ازداد سوءاً، وأن شحنات الغذاء والمياه والأدوية ما زالت غير كافية بشكل لا يطاق، وأن عمال الإغاثة ما زالوا يتعرضون للتهديد، وأن هناك مجاعة وشيكة. ومع اقتراب فصل الشتاء، حذروا من أن الأزمة الإنسانية ستزداد تفاقماً. ومع ذلك، في 12 نوفمبر الماضي، أعطت الولايات المتحدة تقييماً خادعاً "بالنجاح" لإسرائيل عن "حدوث تحسينات" في الأوضاع في غزة.
في 20 نوفمبر الجاري، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضد قرار جديد لوقف إطلاق النار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بعد مفاوضات استمرت شهوراً، الأمر الذي أعاق جهود المجتمع الدولي لإنهاء الحرب. وكان الأمر الأكثر إثارة للقلق هو الادعاء الواضح من جانب الولايات المتحدة بأنها تعارض القرار لأنه لم يدعو إلى الإفراج الفوري عن الرهائن الإسرائيليين، في حين أنه يتضمن على وجه التحديد "وقف إطلاق نار فوري وغير مشروط ودائم وإطلاق سراح جميع الرهائن".
وفي اليوم نفسه، صوت مجلس الشيوخ الأميركي على ثلاثة مشاريع قوانين تعارض تزويد إسرائيل بأسلحة أميركية بمليارات الدولارات. وزعم أعضاء مجلس الشيوخ المؤيدون بأن تزويد إسرائيل بهذه الأسلحة ينتهك القوانين الأميركية التي تحظر إرسالها إذا استخدمت بطريقة تعرض المدنيين للخطر أو تعرقل المساعدات الإنسانية. متجاهلاً الأسس الواقعية لهذه الاتهامات وأدلة الانتهاكات للقوانين الأميركية، أصدر البيت الأبيض "نقاط نقاش" لأعضاء مجلس الشيوخ في حزبه، تتهمهم بأن "رفض شراء الأسلحة لإسرائيل في هذه اللحظة من شأنه أن يصب في مصلحة إيران وحزب الله وحماس". وكان استخدام البيت الأبيض لهذا النهج لتحريض أعضاء مجلس الشيوخ في حزبه مثيراً للقلق بشدة.
لذا، من الواضح أن الرئيس بايدن سينهي فترته دون تغيير في القلب أو السياسة. في الشهر الماضي فقط، رفض مراراً فرصاً للنأي بنفسه عن السياسات الإسرائيلية.
(الاتحاد الإماراتية)