يُعتبر البحث العلمي ركيزةً أساسيّة لدفع عجلة تنمية الاقتصاد وبناء القدرات الوطنيّة، ويعوَّل عليها كمرتكزٍ أساسي في النّهضة المتجدّدة ودورٍ كبير في التّنمية المُستدامة ومنها دفع عجلة النموّ والتّنمية إلى آفاقٍ أرحب، عبر تمكين دور المعرفة والبحث العلمي والتّطوير والابتكار من حلّ التّحدّيات القائمة في القطاعات الاقتصاديّة، ومع الأخذ في الاعتبار الميزة التّنافسيّة، عن طريق توطين التّقنيات ذات الصّلة بأبرز الأنشطة الاقتصاديّة.
البحث العلمي والتّطوير والابتكار من أهمّ مُستلزمات التّنمية وأدوات تمكين ترجمة الأهداف إلى واقعٍ ملموس
تكتسب العلاقة بين البحث العلمي والتّطوير والابتكار والتّنمية المُستدامة، أهميةً كبيرة في الاقتصاد المُعاصر والقائم على المعرفة، إذ يرتبط البحث العلمي والابتكار بشكلٍ مباشر بالتّنمية المُستدامة، ويسعى هذا الهدف إلى تأسيس بُنى أساسيّة قادرة على المُطاولة وتعزيز التّصنيع المُستدام وتشجيع الابتكار، إذ يُعدّ البحث العلمي من أهمّ مولّدات المعرفة الدّاعمة لوضع الحلول المُستدامة للتّحدّيات الاقتصاديّة والاجتماعيّة.
وفي هذا السّياق، لا بدّ من الإشارة إلى الغاية الأساسيّة للتّنمية المُستدامة والتي تتمثّل في إيجاد تفاعلٍ مثالي بين احتياجات الحاضر مع ضمان قدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها، وبغضّ النّظر عن مستوى الاستدامة المنشودة سواء كانت مؤسّسيًّا أو قطاعيًّا أو وطنيًّا، فإنّ البحث العلمي والتّطوير والابتكار من أهمّ مُستلزمات التّنمية وأدوات تمكين ترجمة الأهداف إلى واقعٍ ملموس، وتعزيز التّكييف نحو الاستدامة على مستوى المُمارسات، وكذلك الثّقافة المهنيّة التي تقودها التّطورات التّكنولوجيّة السّريعة.
وهذا ما حرص عليه البحث العلمي والابتكار والتّطوير، حيث تمّ إدماج محاور الاستدامة البيئيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة في البرامج الدّاعمة للبحث العلمي والابتكار، إذ اعتمدت مؤشّرات الأداء على بلوَرة أهداف التّنمية المُستدامة ذات الصّلة بالبحث العلمي والابتكار، وتحديد التّحدّيات النّاشئة في الأنظمة الاقتصاديّة والبشريّة والبيئيّة والتّكنولوجيّة، على المستوى الكلّي للتنميّة.
لا يمكن الحديث عن التّنمية بعيدًا عن الدّور الذي يقوم به البحث العلمي
ويحفّز التّكامل بين الكتل الرّئيسيّة للمنظومة الوطنيّة للبحث العلمي والابتكار، تحويل المعرفة النّاتجة عن الجهود البحثيّة إلى حلولٍ ابتكاريّة قادرة على إحداث النّقلة النّوعيّة والتّغيير الإيجابي عن طريق توجيه العلوم والتّكنولوجيا لخدمة أهداف التّنمية، وهذا هو صميم عمل الجهود القائمة في قطاع البحث العلمي والابتكار، كهدفٍ وغاية، فتوظيف المعرفة والبحث العلمي هما بمثابة القوّة الدّافعة للابتكار والتّطوير والقدرة التّنافسيّة الّتي هي بدورها تمثّل مفاتيح تحقيق التّنمية المُستدامة.
ومن الجدير الإشارة إليه، أنّ عملية البحث العلمي والتّطوير والابتكار تُسهم في إحداث التّأثير الإيجابي في مختلف مؤشّرات التّنمية، فلا يمكن الحديث عن التّنمية بعيدًا عن الدّور الذي يقوم به البحث العلمي كمنطلقٍ لتحقيق النّموّ الاقتصادي والرفاه الاجتماعي في مختلف القطاعات، خصوصًا وأنّ التّنمية الاقتصاديّة المُستدامة هي بمثابة المحرّك الأساسي لتعزيز التّنميّة الوطنيّة الشّاملة، وذلك عبر تمكين دور المعرفة والبحث العلمي والابتكار من حلّ التّحدّيات القائمة في القطاعات الاقتصاديّة.
امتلاك التّقنيّة والمعرفة هو أعظم استثمار
وهذا الدّور يمثّل أهمّ مرتكزات رفع الإنتاجيّة من الموارد الاقتصاديّة والبشريّة المُتاحة، ومُواكبة التّطوّرات العلميّة والتّكنولوجيّة المتلاحقة، عبر اكتساب التّكنولوجيا وجذب الكوادر العلميّة الوطنيّة للمشروعات الاقتصاديّة القائمة على المعرفة والتّكنولوجيا، والمُساهمة في توطين الموارد البشريّة والكفاءات، والّتي من شأنِها إرساء الرّكائز الأساسيّة لمراكز الابتكار الوطنيّة التي تعمل كمحرّكات النموّ الاقتصادي.
وانطلاقًا من أنّ البحـث العلمـي يُعتبر الرّكيـزة الأساسـيّة للتّقـدم، فهو يُتيح تفسير الكثير من الظّواهر وإيجاد الحلول للمشاكل والتّحدّيات الّتي تواجه البشر في كافة النّواحي للعيش في حياة أفضل، إذ إنّ امتلاك التّقنيّة والمعرفة هو أعظم استثمار، والّذي بدوره يُلقي بظلاله على التّقدم والازدهار، غير أنّ الحاجة المُلحّة للبحـث العلمـي تُحتِّم مزيدًا من الاهتمام به من حيـث تطويـر آليّاتـه ودعـم موازناته وتشجيع الباحثين.
الدّول التي تخطّط لتطبيقات مخرجات البحث العلمي تتبوّأ الصّدارة وقد تسيطر على مجريات الأمور العالميّة
فنجاح أو تعثّر مؤسّسات البحث العلمي والتّطور يعتمد على عوامل عدّة، منها الدّعم المادّي، القوى العاملة، والمفهوم والتّقدير السياسي والنّظرة الاجتماعيّة لدور الأبحاث في تطوير المجتمع، وتشريع سياساتٍ للبحث العلمي، وتوافر المعلومات العلميّة والتّكنولوجيّة، وإيجاد قنوات لتطبيق نتائج البحث العلمي في مختلف المؤسّسات وقطاع المجتمع.
لا جدال في أنّ للبحث العلمي وتطبيقاته التّكنولوجيّة دورًا مهمًّا في تطوّر ورفاهيّة المجتمع، وعليه يمكن اعتبار إجراء البحوث العلميّة مقياسًا لتقدّم الدّول ونموّها الاجتماعي والاقتصادي والصّناعي، فالدّول التي تخطّط لتطبيقات مخرجات البحث العلمي، تتبوّأ الصّدارة في مجالاتٍ عدّة، بل وقد تسيطر على مجريات الأمور العالميّة.
(خاص "عروبة 22")