صحافة

"المشهد اليوم".. غارات إسرائيلية على الحوثيين و"رتوش نهائية" لصفقة غزّةفرنسا تستضيف اجتماعًا دوليًا حول سوريا وروسيا تنقل عتادها العسكري المتطوّر إلى ليبيا

كل المؤشرات تشي بقرب التوصّل إلى إبرام صفقة وقف النار وتبادل الأسرى في قطاع غزّة الذي يكابد أهله كل أنواع الإجرام الذي تمارسه قوات العدو الاسرائيلي بحقه. وفي هذا الصدد، أعلن قيادي في حركة "حماس"، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أنّ المفاوضات "تمكنت من حسم الغالبية العظمى من النقاط الخلافية"، مضيفًا أنّ "الاتفاق قد يكون في مرحلة وضع الرتوش النهائية". ويترافق ذلك مع رفض اليمين الإسرائيلي للاتفاق، إذ قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إنه بشكله الحالي "ليس جيدًا ولا يخدم أهداف إسرائيل في الحرب ويشكّل طوق نجاة لحركة حماس".

وفجر اليوم، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه شنّ غارات جوية على "أهداف عسكرية" تابعة للحوثيين في اليمن شملت خصوصًا "موانئ وبنى تحتية للطاقة". وأتت هذه الغارات بعيد اعتراض سلاح الجو الإسرائيلي "صاروخاً أُطلق من اليمن قبل أن يعبر إلى الأراضي الإسرائيلية"، بحسب ما تم تداوله إعلاميًا.

وفي الغضون، لا تزال معالم المرحلة المقبلة في سوريا ضبابية وغير واضحة الأفق رغم المواقف "الدقيقة" لقائد القيادة العامة لإدارة العمليات العسكرية في سوريا أحمد الشرع، الذي يحاول "دوزنة" إيقاع تصرفاته وتصريحاته لبث رسائل إيجابية للدول الغربية كما فتح الباب أمام الدول العربية للحوار والتشاور، خاصة أن الانفتاح العربي على سوريا لا يزال محدوداً ولا يتناسب مع مكانة دمشق وجغرافيتها وأهميتها في المنطقة.

ولكن ظروف عدة تحول دون الانفتاح العربي التام وعلى رأسها الخلفيات الدينية لـ"هيئة تحرير الشام" التي انبثقت من تنظيم "القاعدة" والمخاوف من حكم إسلامي يمكن أن يكون له تداعيات على المنطقة بأكملها نظراً لموقع سوريا الاستراتيجي. ومن هنا تدرس الدول العربية مواقفها وتربطها بما ستحمله الأيام المقبلة من إشارات ستبني عليها قراراتها نحو الانفتاح التام أو الانكفاء مع تداعيات ذلك على عدة ملفات محورية وأهمها إعادة الاعمار التي ستكون على رأس المعضلات في الأيام المقبلة.

وتتجه الأنظار إلى تركيا التي باتت نقطة جذب للقيادات والشخصيات في سبيل استطلاع الأوضاع خاصة بعد انتصار الفصائل المحسوبة عليها في سوريا وما يكرسها من لاعب أساسي في تحديد مصير هذا البلد، وهو أمرٌ كان قد عبّر عنه صراحةً الرئيس المُنتخب دونالد ترامب في تصريح سابق. فيما لا يزال لغز اختفاء عشرات المساجين في السجون السورية يلقي بظلاله على العائلات التي تنتظر ذويها وأقاربها على وقع اكتشاف المزيد من المقابر الجماعية.

وفي المستجدات، أشارت فرنسا إلى أنها ستستضيف اجتماعاً دولياً حول سوريا في شهر كانون الثاني/يناير المقبل، مشددة على أنّ "رفع العقوبات وتقديم مساعدات إعادة الإعمار يجب أن يتوقفا على التزامات سياسية وأمنية واضحة من جانب الإدارة الجديدة لدمشق". في وقت اتفق الرئيسين ايمانويل ماكرون ورجب طيب أردوغان على أن عملية الانتقال السياسي في سوريا يجب أن تحترم حقوق كل الطوائف في البلاد. وأفاد بيان صادر عن قصر الإليزيه بعد محادثات هاتفية بين الرئيسين بأنهما "عبَّرا عن رغبتهما في حدوث انتقال سياسي سلمي وممثل لأطياف المجتمع، وفقاً لمبادئ القرار 2254".

بدوره، دعا المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن إلى تنظيم انتخابات "حرة وعادلة" مع انتهاء المرحلة الانتقالية، آملاً في الوقت نفسه "بحلّ سياسي" مع الإدارة الذاتية الكردية، في اشارة الى قوات سوريا الديمقراطية (قسد). هذا وأكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أن "هناك حاجة الآن لعملية سياسية في سوريا لا تقاد من الخارج بل يقودها سوريون من الداخل". وكشفت أنها قدمت خطة من 8 بنود تشمل بناء مؤسسات الدولة السورية وتدمير الأسلحة الكيميائية وصولاً إلى القضايا الإنسانية وإعادة الإعمار وإمكانية عودة اللاجئين.

ويهمين على المطالبات الغربية الحفاظ على التعددية والتنوع في المجتمع السوري وضمان حقوق الاقليات والمرأة وهي محاور أساسية ستكون محط مراقبة بظل الدعوات المستمرة لرفع العقوبات المفروضة على سوريا. وهو أمرٌ دعا إليه وزير الخارجية التركي هاكان فيدان حيث قال  "حان الوقت للمجتمع الدولي، بدءا بالأمم المتحدة… لإزالة أسمائهم من قائمة الإرهاب"، في إشارة إلى "هيئة تحرير الشام".

ميدانياً، انطلقت أمس الأربعاء، أول رحلة جوية تجريبية من مطار دمشق الدولي إلى مطار حلب، بعد توقف لأيام عقب سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد. كما عادت المصارف السورية الى ممارسة تداولاتها وأعمالها بشكل طبيعي محددة سعر صرف الدولار بـ15 ألف ليرة سوري. هذا وتتواصل الانتهاكات الاسرائيليّة وآخرها التوغل البري الذي وصل الى عمق 9 كيلومترات داخل ريف درعا في جنوب سوريا، كما دخولها، للمرة الأولى، الى قرية كويا وسد الوحدة التاريخي قرب الحدود السورية - الأردنية.

تزامناً، نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أميركيين وليبيين قولهم إن روسيا تسحب عتاداً عسكرياً  متطوراً من قواعدها في سوريا وتنقله إلى ليبيا بعد سقوط الأسد. وقد أظهرت بيانات ملاحية أن طائرات شحن روسية أجرت رحلات عدة إلى قاعدة "الخادم" الليبية. وهو ما يطرح اسئلة عن مستقبل القواعد العسكرية الروسية في دمشق ودور موسكو الذي تعاظم في السنوات الاخيرة بعد تقديم الدعم العسكري لبقاء الاسد في الحكم.

وفي لبنان، تستمر حالة المراوحة السياسية بانتظار ما ستؤول اليه التحالفات السياسية وخاصة في ملف انتخاب رئيس للجمهورية، الذي يشكل أولوية داخلية وخارجية على حدّ سواء، وتعتبره الدول المعنية بالملف اللبناني كشرط رئيسي لتوفير الاموال للبدء بعملية اعادة الاعمار. في وقت يمعن الاحتلال الاسرائيلي بخرق اتفاق وقف النار بحجج واهية، حيث عمد الى التوغل داخل بلدة بني حيان في الجنوب، والتي لم يستطع أن يدخلها خلال الحرب ودمر عدد من مبانيها، كما قام بتفجير المنازل في منطقة طير حرفا، الجبين وشيحين في قضاء صور.

ولليوم الثالث على التوالي تواصل الجرافات الإسرائيليّة هدم أحياء في بلدة الناقورة، حيث أوضح رئيس البلدية أن 70% من البلدة تم تدميرها، ولكن اللافت ان ما يقارب نصف هذا الدمار حصل بعد اتفاق وقف النار.وفي حادثة خطيرة تواكب الاعتداءات، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّ مواطنين إسرائيليين عبروا الحدود إلى لبنان ونصبوا خياماً، مشيراً إلى ان التحقيق "جارٍ في هذا الحادث الخطير".

وعكست الصحف العربية الصادرة القضايا ذات الأولوية على الساحة السياسية من تطورات الملف السوري وصولاً إلى الدور الإيراني والحرب الإسرائيليّة المستمرة في غزّة. وأبرز ما ورد:

تناولت صحيفة "الخليج" الاماراتية خطط اسرائيل الاستيطانية في المنطقة والتطورات الميدانية الأخيرة في الجولان السوري المحتل، إذ لفتت إلى أن "العقيدة الصهيونية ترى أن احتلال الأرض والسيطرة عليها، لا يكتمل من دون غرس المستوطنين فوق الأرض". وقالت: "تمضي إسرائيل في تكريس الاحتلال والتوسع والاستيطان بالقوة، غير عابئة ببيانات الشجب والإدانة، لأنها لا تؤمن إلا بالقوة لهزيمة الحق والقانون والقيم الإنسانية".

بدورها، اعتبرت صحيفة "الوطن" القطرية أن "الثورة السورية الحقيقية قد بدأت الآن ضد نظام البعث وحكم الأقلية وضد الجلادين والمجرمين الذين ارتكبوا أبشع مجازر القرن"، مشددة على أن "الطريق لن تكون سهلة، لكنها في نفس الوقت، ليست مستحيلة لأنها ستستفيد حتما من تجارب الثورات العربية الأخرى من أجل ضمان نجاح الانتقال الديمقراطي... حظوظ نجاح سوريا أكبر من مخاطر فشلها لأنها جاءت في سياق مختلف".

ورأت صحيفة "عكاظ" السعودية أن "سقوط نظام متغول في قضايا محيطه لا يمكن أن تكون تداعياته بهذه السهولة، فقد فرض النظام السوري السابق هيمنته على القضية الفلسطينية فترة طويلة، وفرض خياراته على القيادة الفلسطينية السابقة (ياسر عرفات)، فضلاً عن الشأن اللبناني". وقالت: "اليوم تعثر كل شيء، ولم يعد بالإمكان فك عقدة الحبال المتشابكة، والمصالح المتداخلة، ولا يمكن التوصل لنظرية سياسية حاكمة، وفكرة الانحياز التام والتوافق التام ولّت، ويحل مكانها بالتدريج، التوافق الجزئي على بعض الملفات، والاختلاف في غيرها".

وفي إطار ذات صلة، تحدثت صحيفة "الوطن" البحرينية عن المشروع الايراني "الذي بني خلال أربعين عاماً وحرم الشعب الإيراني من رفاهيته، ولكنه يتهاوى وينهار وتضيع كل استثمارات إيران في الشرق الأوسط". وأردفت: "ثلاث عواصم عربية كلفت إيران عشرات المليارات استثمرتها في مشروعها التوسعي انهارت كلها تماماً، وضاعت الجهود وضاعت أرواح من الشعب الإيراني الذين ماتوا في أراضٍ غير أرضهم وفي حروب لا ناقة للشعب الإيراني فيها من قريب أو بعيد".

الى ذلك، سلطت صحيفة "الأهرام" المصرية الضوء على الوجود الروسي في سوريا ومستقبله، حيث أشارت الى أنه "بعد سقوط الأسد صار مستقبل الوجود العسكري الروسي فى شرق البحر الأبيض المتوسط غير واضح"، منبهة الى أن موسكو "استعدت استراتيجياً لهذه اللحظة من خلال تجهيزها لبدائل في المنطقة، ومنها ليبيا..صحيح لن تمنح ليبيا نفس الموقع والنفوذ الذي كانت تتمتع به روسيا داخل سوريا، لكنها تضع لها موطئ قدم على البحر الأبيض المتوسط ونقطة انطلاقة نحو افريقيا".

وعن الجرائم الاسرائيليّة، كتبت صحيفة "الدستور" الأردنية عن تمدد العدوان الى الضفة الغربية ومحاولات اسرائيل المستميتة للتطهير العرقي والتهجير القسري والاستيلاء على الممتلكات، داعية الى "تحميل إسرائيل المسؤولية عن جرائم الحرب وأهمية مواصلة الجهود الجماعية والجادة لوقف المذبحة في غزة، ووقف التطهير العرقي والاستعمار الاستيطاني".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن