تُعدّ معركتا القادسية واليرموك؛ الأولى مع الفرس، والثانية مع الروم، هما أول إعلان مدوٍ في إقليم الشرق القديم عن قدوم «الأمة البدوية»، التي عاشت طوال خمسة آلاف عام معزولة داخل الجزيرة العربية لا يسمح لها بالاقتراب من خيرات الشام أو العراق، والتي ستسود العالم القديم ولا يزال أبناؤها يسودون أسواق الطاقة والمال إلى اليوم.
لقد عمد الفرس مثلاً على غزو أبناء الجزيرة العربية حتى قبل الإسلام لضمان بقائهم معزولين، بل إن ملكهم سابور الثاني غزا شرق الجزيرة ونجد وصولاً إلى شمالها سنة 325 ميلادية، للحد من خروج أبناء الجزيرة إلى السواحل الشرقية من الجزيرة أو تمددهم نحو العراق الذي كان محتلاً من الفرس.
أبرهة الأشرم الملك الحبشي القادم من أفريقيا هو الآخر غزا مكة قبيل البعثة بسنوات قليلة، ليقضي على قلب العرب، في محاولة لتدمير السلطة الدينية المركزية التي نمت في مكة.
البدو الذين خرجوا من المجهول التاريخي نحو العالم بعد اليرموك والقادسية، لم يكونوا مجرد قبائل غاضبة، بل كان لديهم مشروعهم الحضاري الذي ثبت تفوقه على الفرس والروم.
ذلك المشروع لم ينعكس للأسف على الجزيرة العربية التي عادت إلى العزلة، نعم خرج الأبناء للعالم الآخر لكنهم لم يعودوا إلى مرابعهم وموطنهم الأصلي، ربما لأسباب تعثر طرق المواصلات وصعوبتها.
بعد أكثر من ألف ومئتي عام، نفس أحفاد أولئك البدو الذين حرروا بلاد الشام ومصر والعراق من القوميات غير العربية وأسّسوا الحضارة الأموية والعباسية والأندلسية، يتعلمون الدرس جيداً فيؤسسون مشروعهم الحضاري في جزيرتهم العربية.
بدو اليوم هم الذين بنوا أرامكو ونيوم والقدية، وذا لاين، وهم من يصنعون سياراتهم الكهربائية، وطائراتهم المسيّرة، وهم من يبنون اقتصاداً عملاقاً أضحى اليوم أحد الاقتصادات العشرين في العالم.
لقراءة المقال كاملًا إضغط هنا
("عكاظ") السعودية