صحافة

"المشهد اليوم"...سوريا أمام مرحلة انتقالية وزيارة مصرية "مفاجئة" لليبياأطفال غزّة ضحايا الجوع والبرد والمفاوضات تُرحل للعام المقبل

عنصر في أحد فصائل "هيئة تحرير الشام" أمام مدخل قاعدة حميميم الروسية في محافظة اللاذقية (أ.ف.ب)

تعيش شعوب المنطقة العربية على أملٍ بغد أفضل، خاصة أن العام الحالي شهد تغيرات جذرية في دول وحمل هموم إضافية في دول آخرى. فبينما عاش السوريون فرحة اسقاط النظام السوري الذي تحكم بالبلاد والعباد وعاث الفساد ونشر الخوف والرعب. ينتظر اللبنانيون عام 2025 علّه يشهد على إعادة "الروح" لمنصب الرئاسة الأولى، والشاغر منذ أكثر من عامين، فيما المؤسسات الدستورية تسير "بعناية الهية" رغم ما يحيط هذا البلد الخارج من الحرب من هموم وتحديات اقتصادية واجتماعية جمة.

أما الهمّ الأكبر فيحمله الشعب الفلسطيني الذي عانى طوال هذا العام من التهجير والتجويع وعايش الجرائم الاسرائيليّة المتواصلة حتى اللحظة دون أن تلوح في الأفق بوادر حل لتسوية تنهي المعاناة المستمرة منذ ما يقارب الـ451 يوماً. والآمال نفسها يحملها الشعب العراقي واليمني اللذين عايشا ايضاً الحروب وتعرضا للاعتداءات الاسرائيليّة وينظران بعين "الترقب" لما ستكون عليه الأيام المقبلة خاصة مع الضربات العسكرية رداً على صواريخ الحوثيين، فيما العراق يحاول ضم فصائل الحشد الشعبي وغيرها من الجماعات في صفوف الجيش الوطني بمحاولة لمنع أي "مغامرة" يمكن أن يقدم عليه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.

واستنتاجاً، حمل العام الحالي تطورات دراماتيكية ووثق لحظات لن تنساها شعوب المنطقة والعالم بأسره رغم أن تداعياتها الحقيقية لا تزال غير مكتملة المعالم بل ستتبلور في السنوات المقبلة بعد التغير الذي طال موازين القوى وغيّر في بنيان الدول وهيكليتها، بظل ما يصطلح البعض على تسميته "الشرق الاوسط الجديد".

وفي المستجدات والتطورات الاخيرة، أكد القائد العام للإدارة السياسية الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، في حديث اعلامي، أن "هيئة تحرير الشام" سيتم حلّها في النهاية، وهو ما سيتم الإعلان عنه في مؤتمر الحوار الوطني المقبل. وأضاف أن "هناك مراحل سياسية عديدة ستسبق اختيار شخصية رئيس جديد". ورأى أن "أي انتخابات سليمة ستحتاج إلى القيام بإحصاء سكاني شامل"، مشيراً إلى أن "إجراء انتخابات قد يستغرق مدة تصل إلى 4 سنوات، وإن عملية كتابة الدستور قد تستغرق 3 سنوات".

وجدّد الشرع تطمين دول الجوار، ولاسيما تركيا، قائلاً: "لن نسمح بأن تشكل سوريا منصة انطلاق لهجمات "حزب العمال الكردستاني"، وتابع: "نتفاوض مع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) لحل أزمة شمال شرقي سوريا. والأكراد جزء لا يتجزأ من المكونات السورية". ويحاول الشرع ارسال تطمينات للدول العربية والغربية، على حد سواء، سعياً وراء اعادة دور سوريا المحوري رغم أن التحديات الداخلية تبقى كبيرة ومعقدة.

وضمن هذا الإطار، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن السلطات الجديدة في سوريا، اعتقلت نحو 300 شخص من العسكريين في الجيش ومسلحين موالين له ومخبرين للأجهزة الأمنية خلال أسبوع، وذلك في إطار الحملة التي أطلقتها لملاحقة "فلول" الرئيس المخلوع بشار الأسد. في وقت قتل 11 شخصاً في انفجار مستودع للأسلحة في المنطقة الصناعية في عدرا، على بعد نحو 30 كيلومتراً من دمشق "يُرجح" أن سببه قصف إسرائيلي، دون أن تتضح حقيقة ذلك.

وفي تطور مفاجىء، أجرى رئيس جهاز الاستخبارات العامة المصرية، اللواء حسن رشاد، أمس الأحد، زيارة هي الأولى له إلى شرق ليبيا، التقى خلالها القائد العام لـ"الجيش الوطني الليبي" المشير خليفة حفتر، بحسب ما ذكرت صحيفة "الشرق الأوسط". ويأتي ذلك بعد الزيارة التي قام بها وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي إلى سوريا، والتقى خلالها الشرع. مع الاشارة إلى أن مصر لا تزال تراقب التطورات السورية بحذر وريبة وهذا ما "يُعيق"، حتى اللحظة، حصول أي تواصل بين الدولتين اسوة بما حصل مع دول عربية آخرى.

على المقلب اللبناني، يواصل العدو الاسرائيلي خروقاته واعتداءاته اليومية. وبحسب بيانات وزارة الصحّة اللبنانيّة، شهدت البلاد منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي تسجيل 319 خرقًا إسرائيليًّا تسبّبت في مقتل 32 شخصًا وإصابة 38 آخرين. وتزامنت الخروقات الأخيرة مع جولة ميدانيّة قام بها رئيس الأركان الاسرائيلي هرتسي هاليفي، في جنوب لبنان، حيث صرّح بأنّ "الانتصار الحقيقيّ على "حزب الله" لن يقتصر على النواحي العسكريّة فحسب، بل سيمتدّ إلى إعادة تنشيط الحياة الطبيعيّة في المناطق الجنوبيّة"، على حدّ تعبيره.

وفي الشق الفلسطيني، أشار القيادي في حركة "حماس" أسامة حمدان أن إسرائيل مصرة على أمرين في المفاوضات، وهما عدم "الانسحاب الكامل من القطاع ووقف العدوان"، واصفاً السلوك الأمني الذي تنتهجه السلطة الفلسطنيية في الضفة الغربية بالـ"مخزي ويتنافى مع أخلاقيات شعبنا الفلسطيني". وفي هذا الصدّد، تداولت معلومات اسرائيليّة عن رفض نتنياهو طلباً من الولايات المتحدة بنقل أسلحة وذخيرة إلى السلطة الفلسطينية، على الرغم من عمليتها المستمرة في مخيم جنين، شمال الضفة الغربية، منذ قرابة الثلاثة أسابيع.

انسانياً، أفادت مصادر طبية فلسطينية بوفاة رضيع في قطاع غزّة، أمس الأحد، بسبب البرد وانخفاض درجات الحرارة، وهو الرضيع الخامس، الذي يلاقي حتفه من البرد خلال أقل أسبوع. ويأتي ذلك على وقع استمرار الاحتلال باستهداف المستشفيات، حيث قصف مبنى "مستشفى الوفاء" كما "مستشفى المعمداني"، الذي يُعدّ الوحيد الذي لا يزال يعمل في مناطق شمال قطاع غزة، عقب خروج "مستشفى كمال عدوان" عن الخدمة بعد تدميره. إلى ذلك، شدّد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على "الحاجة الملحّة إلى إيصال مساعدات إنسانية ضخمة إلى قطاع غزّة الذي يواجه وضعاً كارثياً وخسائر بشرية لا تُطاق"، وفق ما أفاد به "الإليزيه" في بيان.

وتهيمن التطورات السورية على ما عداها على عناوين الصحف العربية الصادرة اليوم. وأبرز ما ورد يمكن تلخيصه بالآتي:

ركزت صحيفة "الراية" القطرية على أنه "بعد انتهاء حقبة حُكم عائلة الأسد، تدخل سوريا مرحلة جديدة من التحولات السياسية والاقتصادية. لقد تركت هذه الحقبة بصمات عميقة على بنية الدولة ومؤسساتها، مما يجعل إعادة البناء والاستثمار في المستقبل تحديًا وفرصة في الوقت نفسه"، مشددة على أن "سوريا اليوم على مفترق طرق، وبناء المستقبل يتطلب رؤية شاملة تتضمن استغلال الموارد الطبيعية والبشرية، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وخلق توازن سياسي إقليمي ودولي".

من جهتها، رأت صحيفة "عكاظ" السعودية أن "الواقع السوري يتّسم بهشاشة يغلّفها فرح بالخلاص، ويستوطنها قلق منطقي من بداية تطرّف تُهيمن فيه جماعة الهوس الديني بإعادة إنتاج النموذج الطالباني والإخواني والداعشي والصفوي"، معتبرة أن الحل يكمن عبر "خارطة الطريق التي رسمتها الجامعة العربية والمتمثلة في ضرورة احترام جميع الأطراف لسيادة سورية ووحدة أراضيها واستقرارها، وحصر السلاح بيد الدولة، وحلّ أيّ تشكيلات مسلحة، ورفض التدخلات الخارجية المزعزعة للاستقرار".

أما صحيفة "الجريدة" الكويتية، فلفتت، في مقال، إلى أن "أخطر مرحلة تمر بها سورية هي المرحلة الانتقالية"، فإذا اجتازتها بأمان ودون انتقام فسيكتب لهذا البلد العربي السلامة والاستقرار وإلا فسندخل في نفق جديد". وقالت: "أمامنا تجربتان ومدرستان ليستا بعيدتين عنا: الأولى ما يعرف باجتثاث البعث العراقي، والثانية التسامح والتصالح المغربية، والطريق واضح بنهاياته، إما الغرق في التشرذم والتقسيم والتناحر، وإما التسامي فوق الجراح ولمّ الشمل".

ونبهت صحيفة "الدستور" الأردنية الى أن "سوريا تحتاج إلى من يضمد جراحاتها ويلملم شتاتها. إلى من يوحد أرضها وشعبها ويعيد إعمار ما تهدم، ويحيي أمل السوريين بمستقبل أفضل". وأضافت: "الفراغ السوري أكبر من قدرة أي قيادة جديدة، لا على ملئه بقدرات ذاتية، ولا على منع ملئه من اطراف إقليمية ودولية تريد لسوريا أن تبقى ضعيفة جريحة في المدى المنظور".

بدورها، تطرقت صحيفة "الأهرام" المصرية للواقع اليمني حيث أكدت أن "اليمنيين المناهضين للحوثي يدركون أن الضربات الإسرائيلية على البنية الأساسية لليمن تُنعش الجماعة المتمردة أكثر مما تضرها"، موضحة أن "إنهاء تمرد الميليشيات، وإنهاء حالة التوتر الأمني إقليمياً لن يتم إلا باستعادة مؤسسات الدولة الشرعية اليمنية. وهذا لا يعني فقط معركة عسكرية محدودة، بل إعادة الاعتبار للمؤسسات وبناء الجيش الوطني الذي لا تنقصه القوى البشرية ولا الجغرافيا".

هذا واعتبرت صحيفة "الخليج" الإماراتية أن "نظرة بسيطة لحالة العالم عام 2024، تعطينا فكرة عن حجم الأهوال والكوارث التي تضرب أكثر من مكان في مختلف القارات، وتهدد بانهيار كل حدود السلام وصولاً إلى حرب عالمية جديدة ربما تحمل نذر حرب نووية تضع نهاية لهذا العالم". وتابعت: "هنا في منطقتنا العربية هناك عدوان إسرائيلي على غزّة والضفة الغربية ولبنان وسوريا، يحظى بضوء أخضر غربي - أمريكي يتخذ شكل إبادة جماعية مع ارتكاب جرائم حرب يومية غير مسبوقة في تاريخ الحروب، محمولة بمخططات توسعية لتغيير خريطة المنطقة".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن