صحافة

"المشهد اليوم"…إحتضان عربي ودولي لسوريا واستحقاقات لبنان تتفاعلالخروقات الاسرئيليّة تتواصل في الجنوب وعودة مفاوضات غزّة بعد إقتراحات مصرية

من اللقاء الذي جمع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ووزير خارجية فرنسا جان نويل بارو في عين التينة (وكالات)

تتزاحم الزيارات واللقاءات الدبلوماسية في المنطقة على وقع الأحداث التي تتسارع وتيرتها. ويطغى على المشهد العام الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الذي يزور طهران نهاية الأسبوع الحالي غداة التطورات السورية، وزيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين يوم الإثنين المقبل الى لبنان للبحث في تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والملف الرئاسي المحتدم، وصولاً الى استمرار الوفود الدولية والعربية في التقاطر الى دمشق وأبرزهم وزير خارجية فرنسا جان نويل بارو الذي سيحط رحاله في سوريا بعد لبنان اليوم، الجمعة.

وتتزامن هذه الحركة السياسية مع الانفتاح السعودي الملحوظ على الادارة السورية الجديدة وهو ما عكسته اللقاءات والتصريحات التي واكبت الزيارة الرسمية التي قام بها الوفد السوري برئاسة وزير الخارجية أسعد الشيباني الذي أعرب عن أمله في فتح "صفحة جديدة ومشرقة في العلاقات السورية السعودية تليق بالتاريخ العريق المشترك بين البلدين". وكان الوفد عقد لقاءين منفصلين مع كل من وزير الدفاع السعودي الامير خالد بن سلمان الذي شدد على أنه "آن الأوان أن تستقر سوريا وتنهض، وتستفيد مما لديها من مقدرات". في حين، تناول اللقاء الثاني مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان موقف السعودية الداعم لكل ما من شأنه "تحقيق أمن واستقرار سوريا بما يصون سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها".

هذا وتحمل العودة السعودية الى سوريا في طياتها الكثير من الدلالات والمعاني خاصة لما تمثله المملكة من دور وثقل اسلامي وسياسي ومؤشر لما سيمكن أن ينتج عن فتح صفحة جديدة بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد الذي شرّع أبواب دمشق للتغلغل الايراني والروسي مقابل انكفاء الدور العربي. وعليه ينظر المراقبون لهذه العودة على أنها ستعيد التوازن الى الساحة السورية بما يضمن عدم انزلاقها نحو سياسة المحاور، رغم أن أنقرة تعتبر نفسها اليوم صاحب الفضل الأكبر في رحيل الأسد وتحرر الشعب السوري. ومن هنا فهي تطرح نفسها كضمانة وحامية للاقليات، وهذا ما أكده تصريح وزير الخارجية هاكان فيدان الذي شدد على أن بلاده تبذل قصارى جهدها "من أجل حماية الأقليات في سوريا"، مضيفاً أن تركيا "هي الراعي والحامي لهم، تماماً مثل الآخرين بسوريا".

وعليه فإن الاحتضان العربي والدولي لسوريا، إن إستمر على نفس الوتيرة، دون أن تعكر صفوه حسابات "فلول النظام" والتهديدات الايرانية المستمرة على لسان كبار مسؤوليها، سيفتح الباب على مصراعيه امام عودة الاستثمارات وتبني مشاريع إعادة الاعمار. وضمن هذا الإطار، قال وزير الإدارة المحلية في حكومة تصريف الأعمال السورية محمد مسلم، إن الوزارة أجرت عمليات مسح جوية لعدد من المناطق المدمرة، وذلك ضمن مرحلة أولية تهدف لإحصاء جميع القطاعات المحتاجة لإعادة إعمار، لافتاً إلى "تسجيل دمار هائل في جميع المحافظات السورية".

الى ذلك، تترافق التطورات السورية مع مستجدات على الساحة اللبنانية التي تستعيد زخمها بعد عطلة الاعياد، حيث يهيمن الملف الرئاسي مع اقتراب موعد الجلسة المقررة في 9 كانون الثاني/يناير الحالي دون أن تلوح في الأفق أي تقارب في وجهات النظر بين الأفرقاء السياسيين على الرغم من أن الانتخابات الرئاسية محصورة بين أربعة مرشحين هم قائد الجيش جوزيف عون، مدير عام الأمن العام الياس البيسري، مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور والمصرفي سمير عساف.

ويحاول المجتمع الدولي الضغط على الافرقاء اللبنانيين للسير بانتخاب رئيس خاصة بظل حساسية المرحلة التي تمر بها البلاد مع استمرار الخروقات الاسرائيليّة رغم اتفاق وقف النار. ومن هنا كانت اللقاءات التي عقدها رئيس مجلس النواب نبيه بري، عراب التسوية، مع رئيس لجنة المراقبة لتنفيذ الإتفاق الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز كما مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو. وفيما كان لبنان الرسمي ينتظر ويحلل في دوافع الزيارة التي كان سيقوم بها وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، تحدثت عدة معلومات صحافية عن عدوله عنها مع الاكتفاء بلقاءات سيجريها مستشاره للشؤون اللبنانية يزيد بن فرحان مع المسؤولين اللبنانيين بهدف بحث الاستحقاق الرئاسي.

في الإطار اللبناني عينه، يدأب العدو الاسرائيلي على خرق وقف إطلاق النار، حيث أغار الطيران الحربيّ مساء أمس، للمرة الأولى، على منطقة البريج عند الأطراف الشماليّة لمنطقة إقليم التفاح، بصاروخي جوّ - أرض، كما استهدف في سلسلةٍ غارات المنطقة الواقعة بين زحلتا وجباع في قضاء جزين، والمنطقة الواقعة بين سجد والريحان المُسماة بوادي الزغارين. هذا وبررت "هيئة البث الإسرائيلية" هذه الاعتداءات بأنها شملت "منصات إطلاق صواريخ تابعة لـ"حزب الله" في جنوب لبنان". وصدر عن الجيش الإسرائيليّ، بيان قال فيه "أرسلنا طلبًا إلى الجيش اللبناني قبل الضربة على موقع "حزب الله"، والضربة على موقع الحزب نفذت بعد عدم التعامل مع طلبنا الموجه للجيش اللبناني".

بموازاة ذلك، أثار هبوط طائرة تابعة لشركة الطيران الإيرانيّة "ماهان إير" في مطار رفيق الحريري الدولي بلبلة بعد اشتراط الأجهزة الأمنية خضوعها للتفتيش. وجاءت هذه الخطوة وسط شكوك بأن الطائرة كانت تحمل شحنات مالية موجهة إلى "حزب الله"، مما استدعى تدخل الأمن بشكلٍ فوريّ. وفي تصريح له، أكد وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي أنه "يتمّ تفتيش الطائرة الإيرانية في مطار بيروت وجهاز أمن المطار يطبق التعليمات".

فلسطينياً، صعد العدو الاسرائيلي من غاراته حيث نفذ، وفقاً لمكتب الإعلام الحكومي بغزة، 34 غارة خلال الـ24 ساعة الماضية راح ضحيتها 71 شهيداً وعشرات الجرحى. تزامناً، أجاز رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لوفد من الموساد (جهاز الاستخبارات الخارجية) والشين بيت (جهاز الاستخبارات الداخلية) والجيش، مواصلة المفاوضات في الدوحة"، بحسب "وكالة الصحافة الفرنسية". ووفقاً لـ "العربي الجديد"، فإنّ اجتماع وفد "حماس" في القاهرة، مع المسؤولين المصريين، توصل إلى مقترح بإرجاء الحديث حوّل بعض النقاط الخلافية إلى ما بعد المرحلة الأولى من الاتفاق، وهو ما سيتم عرضه على الجانب الإسرائيلي.

على المقلب الآخر، قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ"هجوم أميركي محتمل" على المنشآت النووية الإيرانية، إذا "تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي" قبل موعد تنصيب الرئيس الأميركي المُنتخب دونالد ترامب في 20 كانون الثاني/ يناير الحالي. وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح "الضوء الأخضر" لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و"لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين".

وتنوعت اهتمامات الصحف العربية الصادرة بين الملف الفلسطيني وتعقيداته والواقع السوري المستجد وصولاً إلى المشهد الداخلي اللبناني. وفي إيجاز لأبرز ما ورد ضمن جولة اليوم:

رأت صحيفة "عكاظ" السعودية أنه "وعلى الرغم من أن الأحداث التي عصفت بسوريا مؤخراً شأن داخلي بحت، غير أن وجود بؤر متطرفة داخل منطقة الشرق الأوسط يهدد -ليس فقط دول المنطقة- بل المصالح الغربية أيضاً"، مشددة على أن "لا يمكن لأي إدارة جديدة أن تغير نظام البعث ما بين عشية وضحاها، فالقضايا التي تنتظر النظام الجديد عديدة، ولعل أهمها عودة جميع السوريين إلى ديارهم حتى يتم التوافق على صياغة دستور جديد يحافظ على حقوق كافة أطياف الشعب السوري".

ووفق صحيفة "القدس العربي"، فإن "أحجار الدومينو" تحركت بفعل عملية "طوفان الأقصى" مما اضطر "محور المقاومة" إلى قلب استراتيجياته، من تفعيل جبهات غزة ولبنان واليمن وسوريا في حال حصل هجوم إسرائيلي على إيران، إلى الدخول في "معارك مساندة" لحركة "حماس" في غزة. وخلصت الى أن "قدوم ترامب يؤشر، على ما يظهر، إلى احتمال الوصول إلى هدنة، أو تسوية، أو حل ما في غزة، إلا إذا جنحت حكومة الإرهاب الإسرائيلية إلى مزيد من الإبادة والتطهير العرقيّ وهو خيار سيُفضي، بالضرورة، إلى تداعيات خطيرة، في فلسطين نفسها، وفي المنطقة العربية، وفي العالم".

ونبهت صحيفة "القدس" إلى أن "خريطة السيطرة الإسرائيلية في قطاع غزة مع بداية عام 2025، تظهر احتلال الجيش الإسرائيلي 36% من مساحة القطاع، وهذا مؤشر خطير يدل على نوايا إسرائيلية لمواصلة احتلال حوالي ثلث مساحة القطاع من أجل إقامة مناطق عسكرية عازلة"، مؤكدة أنه "مع احتلال مناطق واسعة من شمال ووسط وجنوب القطاع، تكون إسرائيل قد أكملت حلقات مخططاتها الاستعمارية، التي تثبت حقيقة سعيها لمواصلة احتلال القطاع، وتنفيذ أخطر مشاريع السيطرة على ما تبقّى من أرض فلسطينية وطرد سكانها".

أما وجهة نظر صحيفة "الخليج" الاماراتية، فترتكز على أن "منطقتنا ابتليت منذ عام 2011 بما يسمى "الربيع العربي" بهذا الوباء الذي اسمه الإرهاب، وعانته الكثير من الدول العربية، ثم انتشر في العالم من خلال عمليات قتل عشوائي وتفجيرات في أماكن عامة، ثم تحول الإرهاب إلى ظاهرة عالمية من خلال "الإسلاموفوبيا". وقالت: "لم يكن الإرهاب ليتمكن من هذا الانتشار لولا وجود بيئات حاضنة له، ودعم مادي من جهات رسمية وغير رسمية، ومؤسسات استخبارية لاستخدامه أداة للضغط على دول وشعوب وتغيير أنظمة".

من جهتها، اعتبرت صحيفة "البلاد" البحرينية أن "صفحة أخرى من صفحات الخذلان تعجز فيها الأنوروا واليونيسيف وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة، عن حفظ كرامة الإنسان الفلسطيني وحقه في الحياة والأمن والصحة ليتجمّد أمام أعيننا أطفال غزة حتى الموت بسبب البرد ونقص المأوى"، موضحة أن "من نجا من هؤلاء الأطفال من الموت في العام 2024، فقد أُصيب بندوب جسدية وجروح نفسية عميقة، وحرمان تام من الحق في التعليم".

بدورها، تناولت صحيفة "اللواء" اللبنانية الزيارة السعودية الى لبنان حيث لفتت إلى أن "المملكة أبلغت من يعنيهم الأمر أنها غير معنية، لا من قريب ولا من بعيد، بشخص الرئيس المقبل، إلا من زاوية المواصفات التي وضعتها الخماسية للرئيس العتيد"، منوهة إلى أنه "ثمة حرص سعودي على عدم إتخاذ مواقف مسبقة من الرئيس والعهد الجديد، قبل تقييم الأداء ومعرفة الإتجاهات التي سيسلكها سواءٌ في السياسة الخارجية، أو على مستوى المعالجات للأزمات والمشاكل الداخلية، المالية منها والإدارية، ومدى جدّية العمل لإخراج لبنان من دوامة الإنهيارات الراهنة".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن