صحافة

"المشهد اليوم"...تقارب سوري - عربي مستمر وإحتدام ملف لبنان الرئاسي "تفاؤل حذر" بشأن مفاوضات غزّة التي تسابق موعد وصول ترامب للبيت الأبيض

وزير الخارجية في الإدارة السورية الجديدة أسعد شيباني لدى وصوله إلى الدوحة برفقة وزير الدفاع ورئيس الاستخبارات (أ.ف.ب)

ينقسم "المشهد اليوم" بين 3 عناوين ستطبع المرحلة القادمة التي ستغرق بالتحليلات والتفاصيل ذات الصلة. ويتمحور العنوان الأول حول الجهود المبذولة لوقف اطلاق النار والوصول الى تسوية شاملة في غزّة واطلاق سراح الرهائن قبل موعد وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى البيت الأبيض. أما العنوان الثاني فيتركز على طبيعة المرحلة المقبلة في سوريا وتأثيراتها وتداعياتها خاصة بظل الانفتاح المستمر على الدول العربية والتقرب منها، بعد جنوح دمشق في السنوات الاخيرة نحو المحور الايراني الذي عزّز نفوذه الى جانب روسيا، وتحكم بمفاصل أساسية في البلاد.

وفي حين يسلط العنوان الثالث الضوء على الحراك الاميركي - السعودي المتواصل بالتزامن مع اقتراب جلسة انتخاب رئيس للجمهورية في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة التي يمرّ بها لبنان على وقع استمرار الاعتداءات والخروقات الاسرائيليّة وعدم الالتزام بمقرارات التسوية التي تم الاتفاق على بنودها. وعليه، تضج المنطقة العربية، التي ينخر عظامها، عدة مواضيع وقضايا آخرى كالوضع الانساني المزري في السودان نتيجة استمرار الحرب التي خلقت عدد هائل من القتلى والجرحى وتدمير مقدرات البلد وخيراته والاستهداف الاسرائيلي المتكرر للحوثيين في اليمن كما، دون أن نغفل، التحديات الجسام التي يرزح تحتها العراق وأهمها دمج الفصائل المسلّحة في الجيش الوطني لتوحيد صفوفها خاصة أن معظمها يدين بالولاء لإيران.

تفصيلا، نبدأ من الحدث الفلسطيني مع توارد معلومات عن موافقة حركة "حماس" على قائمة قدمتها إسرائيل تضم أسماء 34 أسيراً إسرائيلياً لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين ضمن اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار في غزّة. وفي السياق، أفادت وسائل إعلام إسرائيليّة بأن رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) ديفيد برنياع، سيتوجه اليوم، الاثنين، إلى العاصمة القطرية الدوحة لمواصلة المفاوضات، فيما نقل موقع "أكسيوس" أن مستشار الرئيس الأميركي جو بايدن، بريت ماكغورك، وصل إلى الدوحة للانضمام للمحادثات الجارية.

وفي الشأن السوري، تستمر خطوات الانفتاح على الدول العربية، حيث حط وفد ضم كلاً من وزير الخارجية في الإدارة السورية الجديدة أسعد الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبو قصر ورئيس جهاز الاستخبارات أنس خطاب في الدوحة. ووفق البيان الصادر، فقد أكد رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، على موقف بلاده الثابت من وحدة سوريا واستقلالها وسيادتها وتحقيق تطلعات شعبها الشقيق في العيش الكريم وبناء دولة المؤسسات والقانون. 

من جهته، نقل الوزير الشيباني توجسات الإدارة السورية الجديدة، لاسيما فيما يتعلق بالعقوبات الاقتصادية. وفيما جدّد مطالبة الولايات المتحدة برفع العقوبات عن الشعب السوري، شدد على أن سوريا الجديدة ستحظى بعلاقات جيدة جداً مع دول المنطقة. كما أشاد بدور قطر الداعم دائماً، معرباً عن شكره للدوحة على مساعدتها وشراكتها الاستراتيجية مع دمشق.

ويترافق ذلك مع خطوات داخلية تتخذها الحكومة السورية الجديدة التي يقع على عاتقها تحديات جلل وأبرزها الشأن الاقتصادي بعد حرب داخلية ضروس دمرت القطاعات الحيوية والانتاجية. وفي هذا الصدد، قال وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال السورية محمد أبا زيد "إن الزيادة 400 ٪؜ على رواتب الموظفين الحكوميين ستُقر اعتباراً من شهر شباط/فبراير المقبل"، منوهاً إلى أن "سبب التأخير يعود إلى وجود عملية هيكلة في المؤسسات والدوائر الحكومية، بعد اكتشاف فساد كبير على زمن النظام المخلوع".

أما لبنانياً، فالمشهد ينقسم بين الملف الرئاسي المحتدم على بُعد ثلاثة أيام من الجلسة المحددة في التاسع من الشهر الجاري وبين الخروقات الاسرائيليّة المتواصلة وعدم الالتزام بمضمون التسوية. وفيما حملت جولة الوفد السعودي برئاسة يزيد بن فرحان إلى لبنان دلالات هامة لجهة "تفضيل" المملكة قائد الجيش جوزف عون، برز معطى آخر تمثل بوصول الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى الرياض قبل أن يحط رحاله اليوم في لبنان.

وأفادت وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس"، بأن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، التقى مساء أمس الأحد، في مقر وزارة الخارجية بالرياض، المبعوث الأميركي، حيث جرى خلال اللقاء مناقشة القضايا الإقليمية الراهنة، بما فيها التطورات على الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها. ويأتي هذا الحراك بالتزامن مع تصريح مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في "حزب الله" وفيق صفا الذي قال "انّ لا فيتو" على قائد الجيش، بينما الفيتو الوحيد للحزب هو على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي يحمل مشروعاً "فتنوياً" على حد قوله.

وعليه، يصل هوكشتاين اليوم وفي جعبته مواضيع في غاية الحساسية حيث، وفق المعلومات الاعلامية، من المتوقع أن يؤكد على دعم خيار قائد الجيش مع أهمية اختيار شخصية مقبولة من الغرب في المرحلة الراهنة وتتمتع بالثقة من أجل اعادة الاعمار وإطلق باكورة المشاريع. كما سيكون ملف وقف النار في صلب لقاءاته خاصة مع وجود نوايا اسرائيلية حقيقية بعدم الالتزام بمهلة الـ60 يوماً المحددة والبقاء فترة أطول ما يفتح الباب على مصراعيه أمام معضلة داخلية جديدة، لأن هذا البقاء يأتي مع مواصلة نسف وتفجير المنازل  والقرى السكنية وآخرها في بلدة الطيبة في مرجعيون.

وفي هذا الإطار، تمكن الجيش اللبناني من اعادة فتح ثلاث طرق كانت قوات إسرائيلية أغلقتها في بلدة الطيبة التي لم تغادرها إلا بعد إحراق المنازل والقيام بعملية تمشيط واسعة داخل أحياء البلدة في انتهاك متواصل ومتعمد لاتفاق وقف النار. بموازاة ذلك، أعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش حدّد اليوم الأول من شهر آذار/ مارس المقبل موعداً لإعادة المستوطنين إلى البلدات الشمالية. هذا وبدا لافتاً ما صدر عن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الذي أكدّ أنّه "إذا لم ينسحب حزب الله إلى خلف الليطاني فلن يتبقى أي اتفاق، وسنتحرك لإعادة سكان الشمال لبيوتهم".

كخلاصة، سيكون لهذه العناوين تداعيات وسترسم معالم المرحلة المقبلة لأنها شديدة الارتباط ببعضها البعض، فمن "اليوم التالي" في غزّة بحال صدقت النوايا الاسرائيليّة بعقد صفقة يشوبها "تفاؤل حذر" الى اعادة تحريك العجلة الدستورية في لبنان وانتظام المؤسسات المشلولة منذ أكثر من سنتين وصولاً للدور السوري المحوري والاستراتيجي في المنطقة مع الترقب الغربي والعربي لما ستكون عليه الأوضاع بظل تخوف من حكم إسلامي وعمليات "ثأر" والتعدي على حقوق الاقليات والمرآة، وهي مواضيع ستحدد تعامل الدول مع دمشق ومنحها الأموال اللازمة للبدء بإعادة الإعمار كشرط أولي لاعادة اللاجئين والنازحين السوريين إلى قراهم وبلداتهم.

وفي الصحف العربية اليوم تسليط للضوء على التواصل السوري والانفتاح على الدول العربية من جهة، واستمرار مفاوضات غزّة وسط مخاوف من توقف عمل وكالة "الأونروا" وتأثير ذلك داخلياً. وضمن الجولة:

رأت صحيفة "البيان" الإماراتية أن "الاقتراب الخليجي من النظام الجديد في سوريا يسعى إلى احتضان دمشق عربياً حتى يتم ضمان التوجهات المقبلة لسوريا الجديدة، ذلك بعد معاناة العالم العربي رسمياً وشعبياً من توجهات النظام القديم التي استمرت أكثر من نصف قرن"، مشددة على أن إعادة التأهيل يهدف لمواجهة 3 تحديات أساسية، وهي: إعادة بناء النظام السياسي وفق دستور عصري جامع لا يستثني أحداً، بقاء مؤسسات سياسية ونظام اجتماعي متقدم كما إعادة إعمار البلاد وبناء اقتصاد عصري وشفاف منزوع الفساد".

وفي مقال، اعتبرت صحيفة "عكاظ" السعودية أن "المشروع السوري الجديد يحاول أن ينتقل من الإيديولوجيا الدينية إلى الدولة عبر مشروع سياسي يسير بحذر شديد في عالم شائك مليء بالصراعات والحروب". وقالت: "من المتوقع أن تكون سوريا الجديدة هي "دولة الهند" في المنطقة، تقدم خدمات الإنتاج والصناعات الأولية لأوروبا وأمريكا والعالم العربي، خاصة أن هناك من يبشّر بخط غاز ضخم يمر من أراضيها باتجاه تركيا والبحر الأبيض المتوسط، ليكون بديلاً عن خط الغاز الروسي".

وأكدت صحيفة "القدس العربي" أن "الزيارات والرسائل الصريحة من الإدارة السورية الجديدة يؤكد رغبتها في تأسيس علاقات جديدة مبنية على الاحترام والمصالح المتبادلة… وأن الإدارة تريد استبدال ما كان يسمى في الأدبيات السياسية العالمية، "الصراع على سوريا" بمبدأ جديد هو "الصراع من أجل سوريا". وتابعت: "إن المهمة الأولى لأي إدارة عاقلة هي التركيز على تحقيق حد معقول من الخدمات الرئيسية وتأمين استقرار وأمن لمن يسكنون على أرضها، وهو ما يستلزم الوقت لالتقاط الأنفاس ومحاولة رفع الرأس من تحت الأنقاض".

بدورها، ذكرت صحيفة "الغد" الأردنية أن "تقدير الأردن بأن السلوك المتعالي للنظام السوري تجاه الأشقاء العرب، ورفضه التجاوب مع مبادرات الحل السياسي وفك العزلة عن سورية، بما فيها المبادرة الأردنية التي بذلت الدبلوماسية الأردنية جهودا مضنية لحشد الدعم الدولي بها، سيفضي إلى صدام عسكري لا محالة"، مستنتجة أن "تجارب دول عربية مع التحول السياسي لا تبعث على التفاؤل، فقد تركها التغيير تترنح في وحل الفوضى والاحتراب الداخلي وصراع المليشيات. فهل يتعلم السوريون الدرس؟".

ولفتت صحيفة "الراية" القطرية إلى أن "الاستهداف المُمنهج من قبل الاحتلال الإسرائيلي الإجرامي المتعطش للدماء، لوكالة "الأونروا" هي محاولات إسرائيلية مستمرة لاجتثاث الفلسطينيين من أرضهم وقطع شريان الحياة الرئيسي لهم"، داعية الى "تضامن إقليمي ودولي لإنهاء العدوان  وكذلك زيادة الدعم المقدّم للوكالة من أجل تقديم الدعم للفلسطينيين الذين تضرروا من الاحتلال وهُجّروا من أراضيهم وأصبحوا فريسةً للحرمان والجوع والفقر".

ونبهت صحيفة "الأهرام" المصرية إلى أن "نيات إسرائيل العدوانية ظهرت بوضوح في تلك الحرب الملعونة، وهدفها هو تدمير قطاع غزة، وتهجير الفلسطينيين "قسرا وطوعا" لتفريغ القطاع من سكانه، لتبدأ رحلة زرع المستوطنات فيه، كما حدث في الضفة الغربية". وأضافت: "مؤامرة خبيثة، وخطة إجرامية ينفذها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو وحكومته الإرهابية لإبادة سكان غزة وإجبارهم على الرحيل، يحدث هذا في الوقت الذي تقدم فيه إدارة بايدن كل الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري للعدو الإسرائيلي لاستكمال عدوانه".

الى ذلك، تناولت صحيفة "الشروق" الجزائرية دور مجلس الأمن الدولي، قائلة "من غير المستساغ إطلاقا أن تكون الصلاحيات الخطيرة في رسم العلاقات الدولية رهينة مصالح 5 دول دائمة العضوية، وبصفة خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، باعتبارها القوة المهيمنة على العالم". وأردفت "نجزم بأنّ الولايات المتحدة الأمريكية، وشركاءها الدائمين أيضا، قد نصّبوا أنفسهم حكَما على العالم، وهم مسؤولون اليوم عن تعطيل مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وأهدافها".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن