صحافة

السعودية وإيران: هل يتحقق أمن المنطقة؟!

فوزية رشيد

المشاركة
السعودية وإيران: هل يتحقق أمن المنطقة؟!

‬كل‭ ‬شعوب‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬والمنطقة‭ ‬العربية‭ ‬تنشد‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والتنمية‭ ‬بالمنطقة،‭ ‬ولكن‭ ‬دائما‭ ‬يبقى‭ ‬لدى‭ ‬هذه‭ ‬الشعوب‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬مصداقية‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬بحثها‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام‭ ‬والاستقرار‭! ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬إيران‭ ‬فيه‭ ‬منغمسة‭ ‬في‭ ‬وضعها‭ ‬السياسي‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬والثورة‭ ! ‬وبين‭ ‬حلم‭ ‬التوسع‭ ‬والانكفاء‭ ‬المرحلي‭ ‬حاليا‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬كامل‭ ‬الحلم‭ ‬أو‭ ‬الوهم‭! ‬ وحيث‭ ‬هي‭ ‬مطالبة‭ ‬بإلغاء‭ ‬وتوديع‭ ‬أطماعها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬نهائيا‭! ‬ واستبدال‭ ‬ذلك‭ ‬بعودتها‭ ‬إلى‭ ‬آليات‭ ‬الدولة‭ ‬المتعاونة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والتنمية‭ ‬كما‭ ‬تسعى‭ ‬السعودية‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭!

‬هل‭ ‬بإمكان‭ ‬إيران‭ ‬أن‭ ‬تتخلى‭ ‬عن‭ ‬أذرعها‭ ‬الإرهابية‭ ‬ذات‭ ‬الولاءات‭ ‬الطائفية‭ ‬والارتزاقية‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬عليها‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬خلخلة‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬نشطت‭ ‬فيها‭ ‬بعد‭ ‬سقوط‭ ‬بغداد‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬الاحتلال‭ ‬الأمريكي‭ ‬ثم‭ ‬احتلالها؟‭! ‬هل‭ ‬ستكف‭ ‬عن‭ ‬إثارة‭ ‬الإشكاليات‭ ‬الطامعة‭ ‬حول‭ ‬حقل‭ ‬الدرة؟‭! ‬هل‭ ‬ستعيد‭ ‬الجزر‭ ‬الإماراتية‭ ‬الثلاث؟‭! ‬هل‭ ‬ستفكر‭ ‬بمنظور‭ ‬جديد‭ ‬تجاه‭ ‬الأحواز‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬احتلتها‭ ‬عام ‭ ‬1925؟‭!‬ هل‭ ‬ستكف‭ ‬عن‭ ‬تصدير‭ ‬ثورتها‭ ‬الطائفية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الموالين‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وتتخلى‭ ‬عنهم‭ ‬لتتعامل‭ ‬كدولة‭ ‬طبيعية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬والمنطقة؟‭!‬

أعتقد‭ ‬أنها‭ ‬كلها‭ ‬أسئلة‭ ‬منطقية‭ ‬تطرحها‭ ‬شعوب‭ ‬المنطقة‭ ‬ويتحايل‭ ‬المحللون‭ ‬الإيرانيون‭ ‬على‭ ‬الإجابة‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬الفضائيات‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬تستضيفهم‭!‬

‬من‭ ‬الأمور‭ ‬المفارقة‭ ‬التي‭ ‬تدلل‭ ‬على‭ ‬الانفصام‭ ‬الإيراني‭ ‬كنظام‭ ‬بين‭ ‬آليات‭ ‬الدولة‭ ‬وآليات‭ ‬الثورة،‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬فيه‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الإيراني‭ ‬عبداللهيان‭ ‬في‭ ‬الرياض‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬نوايا‭ ‬حلّ‭ ‬القضايا‭ ‬العالقة‭ ‬بالمنطقة‭ ‬بشكل‭ ‬فوري،‭ ‬وعلى‭ ‬أساس‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تدعم‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام،‭ ‬وهو‭ ‬الكلام‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬للدولة،‭ ‬كان‭ ‬خامنئي‭ ‬يخطب‭ ‬في‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬حقق‭ ‬الصفقة‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الشيطان‭ ‬الأكبر‮»‬‭ ‬أو‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬حول‭ ‬تبادل‭ ‬السجناء‭ ‬وتقليل‭ ‬التخصيب‭ ‬لليورانيوم‭ ‬مقابل‭ ‬ما‭ ‬قيل‭ ‬10‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬كافأت‭ ‬بها‭ ‬أمريكا‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭! ‬ في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬هي‭ ‬تحشد‭ ‬فيه‭ ‬قواتها‭ ‬وسفنها‭ ‬البحرية‭ ‬بادعاء‭ ‬مواجهة‭ ‬الإرهاب‭ ‬الإيراني‭!‬

‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يريد‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬أو‭ ‬المنطقة،‭ ‬كما‭ ‬تلوّح‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وربيبتها ‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬ولعل‭ ‬الخطوات‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬السعي‭ ‬لاستقرار‭ ‬الخليج‭ ‬والمنطقة‭ ‬يضع‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬المواجهة‭ ‬مع‭ ‬نواياها‭! ‬ وخاصة‭ ‬أن‭ ‬الاتفاق‭ ‬السعودي‭ ‬–‭ ‬الإيراني‭ ‬جاء‭ ‬برعاية‭ ‬صينية،‭ ‬وحيث‭ ‬الصين‭ ‬بدورها‭ ‬تسعى‭ ‬للتنمية‭ ‬وطريق‭ ‬الحرير‭ ‬بين‭ ‬الدول،‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يتحقق‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬استقرت‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬علاقاتها‭ ‬وراهنت‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أمن‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬تجمعها،‭ ‬كما‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬والسعودية‭ ‬ودول‭ ‬الخليج،‭ ‬وحيث‭ ‬الاستحقاقات‭ ‬الإيرانية‭ ‬لإثبات‭ ‬صدق‭ ‬النوايا‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭!‬

‬إيران‭ ‬مطالبة‭ ‬اليوم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬صادقة‭ ‬وبدون‭ ‬الانفصام‭ ‬بين‭ ‬مساعيها‭ ‬كدولة‭ ‬ومساعيها‭ ‬كنظام‭ ‬ثوري‭ ‬توسعي‭! ‬إن‭ ‬أرادت‭ ‬بشكل‭ ‬حقيقي‭ ‬معالجة‭ ‬قضاياها‭ ‬الداخلية‭ ‬المأزومة‭ ‬مع‭ ‬شعبها‭ ‬ومع‭ ‬شعوب‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬تدخلت‭ ‬فيها‭ ‬بشكل‭ ‬سافر،‭ ‬وتعتقد‭ ‬أنها‭ ‬أخضعتها‭ ‬لهيمنتها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تتمرد‭ ‬فيه‭ ‬تلك‭ ‬الشعوب‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان‭ ‬على‭ ‬سطوتها‭ ‬وإغراقها‭ ‬بلادهم‭ ‬في‭ ‬الفوضى‭ ‬السياسية‭ ‬ونهب‭ ‬الثروات‭! ‬ وما‭ ‬لم‭ ‬تراجع‭ ‬إيران‭ ‬ويراجع‭ ‬نظامها‭ ‬الثيوقراطي‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬وتفعله‭ ‬من‭ ‬شحن‭ ‬طائفي‭ ‬وكراهية‭ ‬تاريخية‭ ‬للعرب‭ ‬وابتزاز‭ ‬للدول‭ ‬عبر‭ ‬أدواتها ‭ ‬‮«‬الارتزاقية‭ ‬والولائية‮»‬ ‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬الأمن‭ ‬سيتحقق‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭! ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يمنع‭ ‬ذلك‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬النوايا‭ ‬السعودية،‭ ‬وسعيها‭ ‬المحمود‭ ‬لتحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والسلام،‭ ‬لكي‭ ‬يستمر‭ ‬قطار‭ ‬التنمية‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تريدها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أعلنت‭ ‬انطلاقه‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭!‬

ولكي‭ ‬تثق‭ ‬شعوبنا‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬فإن‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تثبت‭ ‬مصداقيتها‭ ‬وما‭ ‬يدعم‭ ‬تلك‭ ‬الثقة،‭ ‬التي‭ ‬أعتقد‭ ‬أنها‭ ‬لا تزال‭ ‬بعيدة‭ ‬المنال!.

(أخبار الخليج)

يتم التصفح الآن