كل شعوب الخليج العربي والمنطقة العربية تنشد تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية بالمنطقة، ولكن دائما يبقى لدى هذه الشعوب شك في مصداقية إيران في بحثها عن تحقيق الأمن والسلام والاستقرار! في الوقت الذي لا تزال إيران فيه منغمسة في وضعها السياسي بين الدولة والثورة ! وبين حلم التوسع والانكفاء المرحلي حاليا عن تحقيق كامل الحلم أو الوهم! وحيث هي مطالبة بإلغاء وتوديع أطماعها في المنطقة نهائيا! واستبدال ذلك بعودتها إلى آليات الدولة المتعاونة على تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية كما تسعى السعودية إلى ذلك بشكل واضح!
هل بإمكان إيران أن تتخلى عن أذرعها الإرهابية ذات الولاءات الطائفية والارتزاقية التي تعتمد عليها حتى الآن في خلخلة أمن واستقرار الدول التي نشطت فيها بعد سقوط بغداد في يد الاحتلال الأمريكي ثم احتلالها؟! هل ستكف عن إثارة الإشكاليات الطامعة حول حقل الدرة؟! هل ستعيد الجزر الإماراتية الثلاث؟! هل ستفكر بمنظور جديد تجاه الأحواز العربية التي احتلتها عام 1925؟! هل ستكف عن تصدير ثورتها الطائفية من خلال الموالين لها في المنطقة وتتخلى عنهم لتتعامل كدولة طبيعية مع دول الجوار في الخليج والمنطقة؟!
أعتقد أنها كلها أسئلة منطقية تطرحها شعوب المنطقة ويتحايل المحللون الإيرانيون على الإجابة عليها في الفضائيات العربية التي تستضيفهم!
من الأمور المفارقة التي تدلل على الانفصام الإيراني كنظام بين آليات الدولة وآليات الثورة، هو أنه في الوقت الذي كان فيه وزير الخارجية الإيراني عبداللهيان في الرياض يؤكد على نوايا حلّ القضايا العالقة بالمنطقة بشكل فوري، وعلى أساس أن إيران تدعم تحقيق الأمن والسلام، وهو الكلام الدبلوماسي للدولة، كان خامنئي يخطب في الحرس الثوري بعد أن حقق الصفقة مع «الشيطان الأكبر» أو الولايات المتحدة، حول تبادل السجناء وتقليل التخصيب لليورانيوم مقابل ما قيل 10 مليارات دولار كافأت بها أمريكا نظام الملالي! في الوقت الذي هي تحشد فيه قواتها وسفنها البحرية بادعاء مواجهة الإرهاب الإيراني!
لا أحد يريد الحرب في الخليج أو المنطقة، كما تلوّح الولايات المتحدة وربيبتها «إسرائيل»، ولعل الخطوات السعودية في السعي لاستقرار الخليج والمنطقة يضع إيران في المواجهة مع نواياها! وخاصة أن الاتفاق السعودي – الإيراني جاء برعاية صينية، وحيث الصين بدورها تسعى للتنمية وطريق الحرير بين الدول، وهذا لا يتحقق إلا إذا استقرت الدول في علاقاتها وراهنت على تحقيق أمن المنطقة التي تجمعها، كما بين إيران والسعودية ودول الخليج، وحيث الاستحقاقات الإيرانية لإثبات صدق النوايا كثيرة في هذا الملف!
إيران مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن تكون صادقة وبدون الانفصام بين مساعيها كدولة ومساعيها كنظام ثوري توسعي! إن أرادت بشكل حقيقي معالجة قضاياها الداخلية المأزومة مع شعبها ومع شعوب الدول العربية التي تدخلت فيها بشكل سافر، وتعتقد أنها أخضعتها لهيمنتها في الوقت الذي تتمرد فيه تلك الشعوب وخاصة في العراق ولبنان على سطوتها وإغراقها بلادهم في الفوضى السياسية ونهب الثروات! وما لم تراجع إيران ويراجع نظامها الثيوقراطي ما فعلته وتفعله من شحن طائفي وكراهية تاريخية للعرب وابتزاز للدول عبر أدواتها «الارتزاقية والولائية» فإن من الصعب القول بأن الأمن سيتحقق في المنطقة! من دون أن يمنع ذلك الثقة في النوايا السعودية، وسعيها المحمود لتحقيق ذلك الأمن والاستقرار والسلام، لكي يستمر قطار التنمية الكبيرة التي تريدها بعد أن أعلنت انطلاقه منذ سنوات!
ولكي تثق شعوبنا في إيران، فإن عليها أن تثبت مصداقيتها وما يدعم تلك الثقة، التي أعتقد أنها لا تزال بعيدة المنال!.
(أخبار الخليج)