إينات ويلف.. ومستقبل الصراع العربي - الإسرائيلي!

الحديث عن أفكار لشخصيات مؤثّرة في دوائر صنع القرار الإسرائيلية يكشف عن العديد من الأفكار التي تساعد على استشراف مستقبل الصراع العربي - الإسرائيلي. ونتحدث عن أفكار نائبة الكنيست إينات ويلف، التي عملت كضابط مخابرات في الجيش الإسرائيلي وهي أكاديميّة في معهد واشنطن ومعهد سياسة الشعب اليهودي، وتولّت مناصب عدّة منها منصب رئيسة لجنة التعليم والثقافة والرياضة ورئيسة اللجنة الفرعية لعلاقات إسرائيل مع المجتمعات اليهودية حول العالم وكانت أيضًا عضوًا في لجنة الشؤون الخارجية والدفاع، كما عملت مستشارةً في السياسة الخارجية لنائب رئيس الوزراء شيمون بيريز، ولها عدّة أعمال منشورة منها كتاب "بلدي إسرائيل وجيلنا (2007)"، وكتاب "العودة إلى الأسس: السبيل إلى إنقاذ التعليم الإسرائيلي (2008)"، وكتاب "الخلل ليس في النظام الانتخابي أيها الغبي (2013)"، وكتاب "الفوز بحرب الكلمات (2015)".

إينات ويلف.. ومستقبل الصراع العربي - الإسرائيلي!

دعت إينات ويلف في مقال لها تحت عنوان "دعونا نحطّم الوهم: حماس تمثّل روح كل الفلسطينيين"، إلى ضرورة التخلّي عما سمّته "أسطورة أنّ حماس لا تمثّل الفلسطينيين"، وقالت إنه إضافة إلى الحقيقة البسيطة في أنّ "حماس" انتُخبت في الانتخابات بغزّة والمعروف أنّها تفوز بها في الضفة الغربية (ولهذا لا توجد انتخابات هناك)، فإنّ "حماس" تمثّل بعمق الرّوح الفلسطينية الأوسع التي ترى أنه لا يوجد لليهود - بوصفهم شعبًا - أي حق في إقامة دولة حرّة ضمن أي حدود في المنطقة الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط.

لا شيء اسمه "انهيار حماس" و"إسرائيل" مُقبلة على تفكيك المستوطنات إمّا عاجلًا أو آجلًا

ترى إينات أنّه لا يوجد شيء اسمه "انهيار حماس"، وحتّى لو تم تدمير جميع الأسلحة وجميع الأنفاق في غزّة غدًا، فسوف يتم إنشاء منظّمة جديدة تحت اسم مختلف، وستحرص على أن تستخدم كل دولار أو يورو من أموال "إعادة التأهيل" التي يتمّ تحويلها إلى غزّة لإعادة بناء قوّة سيكون هدفها - مرّة أخرى - "تحرير فلسطين".

كما تُعارض إينات بناء المستوطنات وترى أنها أكبر مشروع لفشَل دولة "إسرائيل" وأنّه المشروع الأكثر كلفةً وتبديدًا في إسرائيل. وسيأتي اليوم لتفكيك تلك المستوطنات فمن الغباء ومن غير المنطقي بناء المستوطنات ثم تفكيكها بعد ذلك وتدلّل على ذلك أنّ إسرائيل نفسَها فكّكت من قبل المستوطنات في سيناء وغزّة وشمال الضفة الغربية، كما عرَضت أيام رئيسي الوزراء إيهود أولمرت ثم إيهود باراك على الفلسطينيين دولة فلسطينية، من دون مستوطنات، من دون يهود وكان من المقرّر إمّا تفكيك المستوطنات أو استبدالها بأراضٍ مكافأة لها لكنّ القائديْن الفلسطينيْين، ياسر عرفات ولاحقًا "أبو مازن"، قد تراجعا عن ذلك وكان بإمكانهما الحصول عليها ومع ذلك رفضاها. وترى إينات ضرورة وقف بناء أي مستوطنات جديدة لأنّ "إسرائيل" مُقبلة على تفكيك المزيد من المستوطنات إمّا عاجلًا أو آجلًا ولا مفرّ.

حقّ العودة.. وشعب إسرائيل "الآخر المكروه"

ترى إينات أنّ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 هو تحقيق الرؤية الفلسطينية لحقّ العودة التي تدعمها عدّة عناصر منها إيمان الفلسطينيين بقضيتهم وامتلاكهم الرّوح الانتصارية لتحقيق حلمهم الأكبر بعودتهم إلى قراهم ومدنهم.

صورة "إسرائيل" في الغرب تشوّهت ومعها اللّوبي المؤيّد لها في الولايات المتحدة وأوروبا

بعد "الطوفان"، تحوّل اليهود في نظر العالم إلى "الآخر المكروه"، واستعاد بعض المفكّرين في الشرق والغرب صورة اليهود القاتمة التي كانت من وجهة نظر المسيحيّة في العصور الوسطى، هُم قتلة المسيح وهم بمثابة الحاجز الذي وقف أمام تحقيق الخلاص؛ ومن وجهة نظر ألمانيا وأوروبا كان اليهود عِرقًا نَجِسًا يهدّد نقاءهم العرقي ووقف بينهم وبين المجد. ومن وجهة نظر ستالين، كانوا عقبة أمام تحقيق المدينة الفاضلة الشيوعية باعتبارهم رأسماليين وإمبرياليين.

ترى إينات أنّ صورة "إسرائيل" في الغرب قد تشوّهت ومعها اللّوبي المؤيّد لإسرائيل في الولايات المتحدة وأوروبا؛ وتمّ التشكيك في شرعية كليهما بلا هوادة وبطريقة غير مسبوقة؛ ويتمّ إقصاء اليهود الذين يُصنّفون الآن كصهيونيين بشكل متزايد من أماكن معينة. فقد انسحب الطلاب اليهود في الولايات المتحدة تدريجيًا وبشكل متزايد من الجامعات المعروفة بمعاداتها الشديدة للصهيونية، ويجد اليهود الليبيراليون الناشطون أنّهم غير مُرحّب بهم بشكل متزايد في الأوساط التقدّمية، فمثلًا اليهود في بريطانيا يُدركون أنّهم لم يعودوا قادرين على البقاء في حزب العمّال، معقلهم السياسي التقليدي، ويتساءلون عمّا إذا كان سيأتي يوم يُجبرون فيه على مغادرة البلاد تمامًا.

"إسرائيل" المنتهِك الأكبر لحقوق الإنسان

كما أكدت إينات أنّه بعد ما حدث من انتهاكات في غزّة بعد "طوفان الأقصى" أصبحت "إسرائيل" أمام العالم "المنتهِك الأكبر لحقوق الإنسان"، والتي "ولدت بالخطيئة"، وبدأ العالم يتحدث أنّها دولة بطبيعتها مذنبة موصومة بجرائم العنصرية والفصل العنصري والتطهير العِرقي والإبادة الجماعية. وتمّ تصنيف إسرائيل على أنّها دولة منحرِفة.

على دولة الكيان أن تعلم أنّه لا مفرّ من إعادة حقّ الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولة فلسطينية

ترى إينات أنّ الحلّ الوحيد لإنهاء "أزمة إسرائيل" في ضرورة الاستجابة الوحيدة المقبولة هي أن يقول العالم العربي أخيرًا شيئًا بسيطًا: "مرحبًا بكم في وطنكم"، أن يقبلونا كشعب أصلي في وطنه، أن يقبلونا كشركاء متساوين في الحقّ على الأرض، ليس حقًّا حصريًّا وليس تفوّقًا، بل حق متساوٍ لشعب يطمح إلى تقرير مصيره في أرضه، في جزء من هذه الأرض، إلى جانب العرب الذين سيكونون بدورهم أسياد مصيرهم في جزء من الأرض، هذه هي الطريقة الوحيدة لنعيش معًا.

من هنا نستخلص أنّ على دولة الكيان أن تعلم أنّه لا مفرّ من التفاوض وإعادة حقّ الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولة فلسطينية على الأقلّ في حدود القرارات الدولية وأهمّها قرارات حلّ الدولتين (القرار 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1947)، والحلّ العادل للاجئين (القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1948)، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي (القرار 242 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سنة 1967)، والحفاظ على وضع القدس (القراران 476 و478 الصادران عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سنة 1980).

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن