الأمن القومي العربي

هل أغلقت واشنطن مسار السلام في اليمن؟عقوبات أميركية وتحرّكات أممية!

اليمن - محمد الغباري

المشاركة

بالتزامن مع بدء سريان التصنيف الأميركي لجماعة الحوثي اليمنية كمنظمة إرهابية، وفرض عقوبات على سبعة من قادتها بينهم كبير المفاوضين، يواصل المستشار العسكري لمبعوث الأمم المتحدة لقاءاته مع الجانب الحكومي لمناقشة التهدئة العسكرية في مناطق التماس وعلى السواحل.

هل أغلقت واشنطن مسار السلام في اليمن؟
عقوبات أميركية وتحرّكات أممية!

على الرَّغم من الضبابيّة التي تلفّ المشهد اليمني مع تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية وترحيب الحكومة المعترَف بها بالخطوة، إلّا أنّ المملكة العربية السعودية وهي الفاعل الرئيسي في الملفّ اليمني لم تُعلّق على الخطوة الأميركية، ولم يصدر عنها ما يشير إلى تنصّلها من خريطة طريق السلام التي كانت إحدى صانعيها مع سلطنة عُمان التي تحتضن قادة الحوثيين منذ بداية الحرب قبل عشرة أعوام.

وفي انتظار ما ستقرّره الرياض، فإنّ تصعيد الحوثيين على خطوط التماس ارتفع بشكل واضح خلال الأسابيع القليلة الماضية وزادت الهجمات التي تستهدف مواقع القوات الحكومية في مدينة مأرب شرق صنعاء، وفي أطراف محافظة تعزّ وشبوة، فيما تواصل الدول الغربية اهتمامها الملحوظ بقوات خفر السواحل والقوّات التي يقودها العميد طارق صالح والمتمركزة بالقرب من باب المندب، في خطوة يُعتقد أنّها تُمهّد لتولّي هذه الوحدات مهمة أي مواجهة (قد يُتفق عليها) مع الحوثيين في جنوب البحر الأحمر إذا ما استأنفت الجماعة الهجمات على الملاحة البحرية.

تطمينات وإجراءات عقابية

ووسط هذه الأجواء، أعطت تحرّكات المستشار العسكري للمبعوث الأممي إلى اليمن، أنتوني هايوارد، تطمينات عن المسار السياسي، متجاهلًا الإجراءات الأميركية، وناقش مع وزيرَي الدفاع والداخلية في الحكومة اليمنية المراحل المختلفة للعملية السياسية والمناقشات الجارية مع الأطراف المعنية، بهدف التوصّل إلى حلول شاملة ومستدامة.

وزيادةً في التطمينات، أكد وزير الداخلية إبراهيم حيدان، خلال اللقاء، التزام الحكومة الشرعية بوقف إطلاق النار، على الرَّغم من استمرار الحوثيين في خرق الاتفاق وعدم الالتزام به، وقال إنّ التغاضي عن هذه الممارسات أدّى إلى تفاقم المشكلات الأمنية في البحر الأحمر وتهديد المياه الإقليمية، مما يتطلّب موقفًا دوليًا أكثر حزمًا.

وخلافًا لهذا المسار، جدّدت الولايات المتحدة التأكيد على أنها ماضية في اتخاذ خطوات ملموسة للقضاء على قدرات الحوثيين وحرمانهم من أي دعم قد تُرسله لهم إيران. وتعهدت باتخاذ المزيد من الإجراءات العقابية ضدّ الحوثيين في حال استأنفوا هجماتهم البحرية أو استهدفوا إسرائيل.

ورأت دوروثي شيا، القائمة بأعمال الممثلة الدائمة للولايات المتحدة في الأمم المتحدة، أنّ إعادة تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية أجنبية"، واستخدام سلاح العقوبات ضدّهم "يمثّل خطوات ملموسة للقضاء على قدراتهم، وحرمانهم من الإيرادات غير المشروعة، لكنها في الوقت نفسِه تحافظ على مساحة للأنشطة المشروعة الداعمة لليمنيين الذين يعيشون في مناطق سيطرة الجماعة كونهم لا يتحمّلون أي مسؤولية عن أفعالها الخبيثة".

وعلى عكس ما ذهبت اليه واشنطن، يشكّك مراقبون في قدرة هذه العقوبات على إضعاف الحوثيين، بخاصّة أنّ إجراءات الرّقابة التي فرضتها الامم المتحدة على مناطق سيطرة الحوثيين منذ بداية الحرب لم تحُل دون حصول الجماعة على أسلحة حديثة ومتطورة فاقت ما كان لديها في بداية المواجهات، وأصبحت قادرة على ضرب العمق الاسرائيلي واستهداف السفن في خليج عدن.

كما يرى هؤلاء أنّ الاستثناءات التي منحتها الإدارة الأميركية للتعاملات المالية في مناطق سيطرة الحوثيين تجعل من تجفيف منابع الأموال غير فاعل، لأنّ العقوبات تستثني عائدات الضرائب والأموال المستخدَمة لتشغيل الموانِئ البحرية والمطارات وأيضًا أموال البعثات الديبلوماسية والمعاملات التجارية التي تقلّ نسبة مشاركة الحوثيين فيها عن 50‎%.

مع ذلك، يجزم المراقبون أنّ العودة إلى "خريطة الطريق" لم يعد ممكنًا، كما أنّ تجدّد القتال سيكون مرتبطًا بالتطورات الإقليمية وأزمة الملف النووي الإيراني، واستئناف الحوثيين مهاجمة السفن في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، ويعتقدون أنّ المعركة المتوقّعة ستركِّز على انتزاع ميناء الحديدة من الحوثيين وهو آخر منفذ لهم على البحر، فيما سيردّ الحوثيون بمهاجمة منابع النفط والغاز في محافظة مأرب!.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن