يوم الأحد 23 / 7 /2023، عُقد مؤتمر التنمية والهجرة الدولي في العاصمة الإيطالية روما، برئاسة ميلوني رئيسة الوزراء الإيطالية، وحضور عدد من رؤساء الدول والحكومات ووزراء الخارجية في منطقة البحر المتوسط ودول الخليج العربية، وكبار المسؤولين الأوروبيين والدوليين، إذ يهدف المؤتمر إلى تعزيز التعاون المشترك لمواجهة التحديات المصاحبة للهجرة غير النظامية، والاتجار بالبشر، والحد من النزوح، ومعالجة الأسباب الجذرية لذلك.
أكدت رئيسة الوزراء الإيطالية، مع قادة دول البحر المتوسط والدول العربية، على بذل جهود دولية لمكافحة الهجرة غير النظامية واعتماد أساليب تعاون جديدة بين الدول التي ينطلق منها المهاجرون والبلدان المُضيفة، على غرار الاتفاق النموذجي الموقّع بين الاتحاد الأوروبي وتونس بهدف الحد من وصول المهاجرين إلى القارة وتم تحديد أولويات مسار روما، عن محاربة الهجرة غير النظامية، وإدارة تدفقات الهجرة القانونية، ودعم اللاجئين، والتعاون واسع النطاق لدعم تنمية أفريقيا، خصوصًا بلدان المغادرة (المهاجرين)، إذ من دونها سيبقى أي عمل غير كافٍ.
الدعم الذي يقدّمه المجتمع الدولي لا يتناسب مع حجم الأعباء التي تتحمّلها الدول المصدّرة للاجئين
أكّد المؤتمر الانفتاح على الهجرة النظامية واستقبال المزيد من الأفراد عبر الطرق القانونية لأنّ أوروبا وإيطاليا بحاجة إلى الهجرة، وضرورة اتخاذ المزيد من الخطوات لمنع المهاجرين الذين يحاولون عبور البحر المتوسط في رحلة محفوفة بالمخاطر باستخدام طرق غير قانونية، إذ إنّ الهجرة الجماعية غير الشرعية تضرّ الجميع، ولا أحد يستفيد من ذلك، باستثناء الجماعات الإجرامية التي تغتني على حساب الفئات الأضعف، وتستخدم قوتها حتى ضد الشرعية.
ومن الجدير بالإشارة، محدودية الدعم الذي يقدّمه المجتمع الدولي، والذي لا يتناسب مع حجم الأعباء التي تتحمّلها الدول المصدّرة للاجئين، بحيث وضعت هذه الدول قائمة مطالب على طاولة المؤتمر الدولي للهجرة والتنمية، إذ تستضيف مصر أكثر من 9 ملايين مهاجر ولاجئ، بنسبة تتجاوز 8% من تعداد السكان، ووضعت الحرب في السودان المزيد من الأعباء على مصر، ما يقرب من 40% من إجمالي الفارين من أعمال العنف، إذ إنّ مصر لم تتوانَ عن تقديم الدعم وتوفير الخدمات الأساسية للوافدين رغم التحديات الاقتصادية المتزايدة.
موضوع الهجرة يكتسي أهمية خاصة في السياق العربي المعاصر، لارتباطه بفئة عمرية تمثّل قلبه النابض
وهنا، على الدول العربية المصدّرة للهجرة، أن تتبنّى نهجًا شاملًا في التعامل مع ظاهرة الهجرة بشكل عام، من خلال تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق الطاردة، ورفع مستوى الوعي بمخاطر الهجرة غير الشرعية، وتوفير العمالة المدربة لسوق العمل، وخلق مسارات للهجرة النظامية، بالتوازي مع إحكام السيطرة على الحدود، ومكافحة شبكات تهريب المهاجرين والاتجار في البشر، وتطوير قانون وطني ولجنة وطنية تنسيقية لمكافحة ومنع هاتين الجريمتين ومحاسبة مرتكبيها وحماية ضحاياها. إنّ هذا الملف يحتاج إلى استجابات أكثر جدية، وتحديدًا عبر توفير المخصّصات المطلوبة ووفق جداول زمنية محددة، وهو بحاجة إلى تفهّم من المجتمع الدولي لتوفير حلول جذرية للأزمات التي فجّرت هذه الأوضاع من اللجوء والنزوح، عبر بلورة وفرض حلول سياسية لإرساء الاستقرار المنشود في الدول المتضررة.
وفي الختام، أهمية الحاجة لتطوير آليات التعامل مع ملف الهجرة، واستحداث مناهج عمل تساعد في معالجة جذور ملف الهجرة غير الشرعية، وتسهم في تخفيف الأعباء عن الدول المستضيفة للاجئين، إذ إنّ موضوع الهجرة يكتسي أهميةً خاصة في السياق العربي المعاصر، ولا سيّما من جهة ارتباطه بفئةٍ عمرية - اجتماعية تمثّل قلبه النابض ورهانه الأساسي لرفع التحديات التنموية، إذ ازدادت هجرات الشباب العربي في الأزمنة الحديثة، وأضحت إشكاليةً حقيقية على نحوٍ متزايدٍ بالنزاعات والصراعات، إضافةً إلى أنّ الهجرة تمثّل العامل الثالث من عوامل النمو السكاني، إلى جانب الولادات والوفيات، وهو ما يجعل دراستها ذات أهمية أيضًا بالنسبة إلى البلدان المستقبِلة.
(خاص "عروبة 22")