صحافة

جردة حساب: إنجازات وإخفاقات زيارة ترامب الخليجية!

عبدالله خليفة الشايجي

المشاركة
جردة حساب: إنجازات وإخفاقات زيارة ترامب الخليجية!

مهّد الرئيس ترامب الطريق قبل بدء زيارته الرسمية الخارجية الأولى بإعلانه عن أهداف طموحة، أبرزها تقديم خطته حول وقف الحرب في غزة وإنهاء معاناة الفلسطينيين وصفقة تبادل الأسرى وإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة، بينما الواقع أنه تجاهل القضايا الإنسانية، وسط تناقض حول رؤية ترامب لمستقبل غزة بين تهجير سكانها وتحويلها لمنتجع سياحي-وريفييرا الشرق على شواطئ البحر المتوسط، وبقاء سكانها في مبانيها المدمرة.

وأوقف الحرب على الحوثيين في اليمن من طرف واحد بوساطة عُمانية، ما يساهم بالتهدئة في البحر الأحمر ويخدم رؤية السعودية 2030. وترك ترامب إسرائيل بمفردها تتعرض لقصف متواصل من الحوثيين، خاصة أثناء زيارته الخليجية، وتصعيد إسرائيلي ضد غزة! واستبق ترامب زيارته بإعلان مفاوضات غير مباشرة بوساطة عُمانية مع إيران في أربع جولات وبانتظار الجولة الخامسة، برغم معارضة نتنياهو وحكومته المتطرفة، وتحريضه على المواجهة وتدمير برنامج إيران النووي على طريقة النموذج الليبي.

تعمد ترامب في جولته الخليجية عدم زيارة إسرائيل ومشاركتها في ترتيبات أمنية إقليمية، بعكس زيارته الأولى عام 2017، في تهميش لنتنياهو ولمكانة إسرائيل. علّق مسؤول إسرائيلي: عدم زيارة ترامب إسرائيل دليل على تراجع مكانة إسرائيل في أولويات إدارة ترامب. مع التأكيد على التزام ترامب كرئيس للولايات المتحدة بالثوابت الراسخة بالدفاع عن إسرائيل. وهو موقف ثابت لجميع الإدارات والرؤساء الأمريكيين ديمقراطيين وجمهوريين منذ النكبة.

لكن برغم توتر العلاقة الشخصية مع نتنياهو، وتهميشه في ملفات إقليمية مهمة. لكن لا خلاف على الالتزام بأمن إسرائيل والانحياز لمواقفها حول القضية الفلسطينية والصراع العربي - الإسرائيلي. والواضح أن زيارة الرئيس ترامب الخليجية من 13-16 مايو الجاري تقدمت الإنجازات الاقتصادية والصفقات التريليونية، وإنجازات الجيوسياسية، والتركيز على المصالح الاقتصادية الأمريكية على حساب القضايا الإنسانية والسياسية. وخاصة الكارثة الإنسانية في غزة ورفض ممارسة أي ضغط على إسرائيل. وغابت الاستراتيجية الكبرى لإحلال السلام والاستقرار لدعم التنمية والازدهار. لم يمارس ترامب كما كان متوقعاً ضغوطاً على نتنياهو لوقف حرب الإبادة في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية، برغم تفشي المجاعة والأمراض والوفيات

لم يقدم ترامب خطته ويفرضها لوقف حرب الإبادة، برغم وصفها بالوحشية والغبية واعترافه بمعاناة الفلسطينيين. واكتفى ترامب بترديد خطابه في السعودية والقمة الخليجية-الأمريكية وخطابه في قاعدة العديد في قطر: بأنه يريد أن تكون "غزة منطقة حرة ولدي أفكار جيدة جداً كي يعود الناس لمنازلهم". وتأكيده "أن مباني غزة مدمرة، ويعيش الناس تحت أنقاض المباني المنهارة. وهو أمر غير مقبول… ونحن نعمل بجد بشأن غزة وهي أرض للموت والدمار لسنوات طويلة". وأشار ترامب سنسمع أخبارا جيدة في الشهر المقبل. كان محبطاً ومؤسفاً عدم إعلان وتوضيح خطته للسلام لوقف الحرب على غزة. خاصة أن أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد طالبه باستخدام نفوذه وعلاقته الاستراتيجية لوقف الحرب في غزة.

لكن كان واضحاً أنه لم يكن في وارد القيام بذلك على الأقل أثناء جولته الخليجية-ولكنه وعد بالتعامل بجدية مع الوضع في غزة خلال الشهر المقبل. غادر ترامب ظهر الجمعة أبوظبي منهيا زيارته الخليجية، دون تقديم خريطة طريق وإلزام نتنياهو بالخطة عشية بدء "القمة العربية 34" في بغداد التي تطالب بوقف الحرب على غزة-لكن دون طائل! بينما نتنياهو يوسع الحرب بـ"عملية عربات جدعون" باحتلال كلي لغزة وحشر سكانها في جنوب القطاع تمهيدا لتهجيرهم، اكتفى ترامب وروبيو بالتعبير عن القلق والانزعاج!! دون انتقاد أو ضغط لوقف حرب الإبادة!!!خاصة بعد اعتراف ترامب بأن "الناس تتضور جوعا في غزة"... واكتفى وزير خارجيته روبيو بعد محادثته مع نتنياهو بالتعليق: "نحن نشعر بمعاناة سكان غزة ومنزعجون من الوضع الإنساني…وتشعر الولايات المتحدة بمعاناة سكان غزة، حيث لم تسلم أي مساعدات إنسانية منذ 2 مارس الماضي". وبرغم ادعاء ترامب بنهاية زيارته "ستحدث أمور جيدة على مدى الشهر المقبل حول غزة"!! لكن الواقع المؤسف، أن ترامب فوّت فرصة مهمة ليوقف محرقة غزة كما تعهد!

اقتصرت إنجازات زيارة ترامب الخليجية على تحقيق إنجازات مالية واستثمارات طويلة الأمد في مجالات الطاقة والأمن والتسلح والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. ولم يهتم بكيفية تحقيق الاستقرار والرخاء. شهدنا توقيع اتفاقيات دفاعية بقيمة 142 مليار دولار مع السعودية ضمن اتفاقيات تصل إلى 600 مليار دولار. وصفقات طائرات مع قطر بقيمة 200 مليار دولار وتوسيع قاعدة العديد الأكبر في الشرق الأوسط ـ واتفاقيات في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. وبمجمل 243 مليار دولار مع قطر. وكذلك استثمارات الإمارات العربية المتحدة في مجالات: مشاريع في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا بقيمة 1.4 تريليون دولار. وبمجمل استثمارات خليجية طويلة الأمد للدول الثلاث تجاوزت 3 تريليونات دولار.

بالنسبة للإخفاقات- لم تتبلور استراتيجية أمنية شاملة، ولا خطة واضحة تجاه إيران، برغم عرض إيران وقف تخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى، لبناء الثقة والتوصل لاتفاق نووي، دون توضيح سقف المطالب، مع رفض إيران تفكيك برنامجها ومنشآتها النووية كما يصر نتنياهو. وتفهم ترامب موقف السعودية برفض الانضمام للاتفاقيات الإبراهيمية قبل وقف حرب إسرائيل على غزة والانخراط بقيام دولة فلسطينية. واضح أن ترامب رئيس صفقات ومصالح تجارية واستثمارات بتريليونات الدولارات، ليسوقها للأمريكيين، وليس رجل دولة برؤية استراتيجية شاملة!

(القدس العربي)

يتم التصفح الآن