صحافة

ويتكوف... لماذا الموافقة على ما رُفض من قبل؟

مشاري الذايدي

المشاركة
ويتكوف... لماذا الموافقة على ما رُفض من قبل؟

حين انطلقت عمليات القسّام، الجناح العسكري لـ"حماس"، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 كان عنوانها "طوفان الأقصى" وهدفها "الأكبر"، كما أعلن محمد الضيف في الساعة الثامنة من ذاك اليوم، هو "كنس الاحتلال الإسرائيلي" من الأرض، وبداية الزحف الكبير. عام ونصف من أهوال الحرب الإسرائيلية، التي تشمئز منها النفوس، وترفضها العقول السليمة، عام ونصف من قبائح نتنياهو ورجاله، الذي لم يحصر حربه، كما الرجال، في خصومه من "حماس" وأحلاف "حماس"، بل سلّط وحوش حربه على "كل" غزّة، بشراً وحجراً، حتى من هم ضد "حماس"، وربما هم أكثرية أهل "حماس"، أو نصفهم على الأقل!

اليوم... ماذا؟

لا حديث إلا عن اتفاق يُطبخ بين إدارة ترمب بمشاركة مصر وقطر، مع طرفي الحكاية القبيحة، إسرائيل و"حماس"، لوقف الحرب المجنونة هذه. ليست هي المحاولة الأولى، لكن يبدو أنها الأكثر جدّية. مبعوث ترمب الخاص ستيف ويتكوف يتولّى إعداد هذا الاتفاق، ومع إفادات من حركة "حماس" بالاقتراب من تحقيق وقف إطلاق النار في غزة، نقلت وسائل إعلام عبرية تسريبات عن مقترح لويتكوف يعتزم تقديمه مجدداً... ما أثار التساؤلات عن الفرق بين ما تحدّثت عنه "حماس" وما يطرحه الرجل. وفق ما قالت مصادر فلسطينية مطلعة على تفاصيل المناقشات لـ"الشرق الأوسط"، فإنه لا فرق كبير بين الورقة السابقة وورقة ويتكوف، و"حماس" توافق الآن!

كانت الورقة السابقة تُشير إلى أنَّ الهدنة ستمتد من 45 إلى 60 يوماً، في حين طالبت "حماس" - في إطار الاتصالات - إلى أن تصل إلى 90 يوماً، وهو ما لم يتم في تفاهم "ويتكوف" الجديد. حاولت "حماس" الضغط لتغيير "مفاتيح" إطلاق سراح المختطفين - أي عدد من يُطلق سراحه أو رفاته من إسرائيل، مقابل العدد الذي تطلقه "حماس" - وظلّت هذه نقطة خلافية، لكن جرى التوصل مجدداً للاتفاق وفق المفاتيح السابقة، لمنع وضعها عقبة. في الخلاصة:

تقول مصادر من "حماس" لـ"الشرق الأوسط"، إن رأيها عن الاتفاق "أنه لا يلبّي الكثير من رغبات وشروط الحركة". ورغم ذلك فإن قيادة "حماس" ستدرس المقترح المقدم لها قبل أن ترد عليه بشكل كامل. هذا خبرٌ طيّبٌ في غمرة الأخبار القبيحة من غزة وإسرائيل، ولعلّه يكون مُقدّمة لخير أكبر وأدوم، والتجافي عن عالم يديره مجانين أمثال نتنياهو وبن غفير والسنوار، الثاني، والبقية.

كيف تصاغر الهدف الكبير في بداية الحرب، من "كنس الاحتلال" من طرف "حماس"، أو تهجير سكان غزة وتصفية قضية فلسطين، من طرف النتنياهوية، إلى التفاوض على إطلاق مساجين وجثث أموات ونقاط تفتيش ومعابر غذاء؟! هل كان هذا الهدف النهائي "الصغير" يستحق كل هذه الدماء والدموع والجروح الغائرة في القلب قبل الجسد؟!

"يا رحلة في مدى النسيان موجعة

ما كان أغنى الهوى عنها وأغنانا".

(الشرق الأوسط)

يتم التصفح الآن