صحافة

"المشهد اليوم"…التجديد لـ"اليونيفيل" في خطر و"مجازر المساعدات" تتوالىسفينة "مادلين" تفشل في كسر الحصار الإسرائيلي وسوريا تغلق مخيم الركبان السيء الصيت

السفينة "مادلين" التابعة لأسطول الحرية التي كانت متجهة إلى غزة لكسر الحصار قبل السيطرة الإسرائيلية عليها (أ.ب)

في خضم الأحداث المتسارعة حول عدة ملفات حيوية وحساسة في المنطقة، سيطر موضوعان أساسيان على المشهد العام: الأول، السطوة الاسرائيلية، والتي كانت متوقعة، على سفينة "مادلين" لمنعها من كسر الحصار المفروض على قطاع غزة واعتقال كافة النشطاء الذين كانوا على متنها، والثاني التماهي الاميركي اللامحدود مع اسرائيل في ما يتعلق بالساحة اللبنانية إثر معلومات "خطيرة" تم تسريبها عبر عدة وسائل اعلام عبرية بشأن وجود قرار اميركي اسرائيلي بإنهاء عمل قوات "اليونيفيل" المنتشرة في جنوب لبنان منذ العام 1978.

وهذا القرار المتعلق بالداخل اللبناني - إن صح - يتزامن مع تزايد الحوادث "الشعبية" في القرى الجنوبية ضد عمل هذه القوات واعتراض مواكبها رفضًا لعدم مواكبة الجيش لها ما يعطي المزيد من الذرائع والحجج للجانب الأميركي، المدعوم بموقف اسرائيلي، لانتقاد عملها وبالتالي اتخاذ قرار نهائي بخفض التكاليف المترتبة على تشغيلها، وذلك خلال التصويت المتوقع في مجلس الأمن الدولي في شهر آب/ اغسطس المقبل. وفيما لم يصدر موقف واضح عن واشنطن حيال هذا الموضوع الشديد الحساسية، ينتظر لبنان الرسمي ما ستؤول اليه المباحثات والمداولات لاسيما ان الاعتداءات والانتهاكات الاسرائيلية ترتفع وتيرتها في خرق واضح لاتفاق وقف النار الذي دخل حيّز التنفيذ في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.

وكانت الغارات الاخيرة على الضاحية الجنوبية لبيروت، عشية عيد الاضحى، والمُصنفة الاعنف منذ وقف الحرب على لبنان خير دليل على وجود نوايا اسرائيلية مبيتة لاشعال الساحة الداخلية وممارسة المزيد من الضغوط على المسؤولين لنزع سلاح "حزب الله" وفق جدول زمني واضح. وفي هذا الإطار برز ما نقلته صحيفة "الشرق الأوسط" عن مصادر رسمية لبنانية ومفاده بأن واشنطن "وجهت لومًا" إلى تل أبيب على خلفية استهداف المباني في الضاحية مؤخرًا، والتي تبين لاحقًا أن الحزب لا يستخدمها لتصنيع المسيَّرات. وإذ توقعت المصادر عينها أن لا يبدل هذا "اللوم" في الواقع الميداني، تساءلت عن تغييب الحراك الأميركي عن لبنان، وتحديدًا بكل ما يتعلق بالمشهد العسكري الناجم عن التصعيد الإسرائيلي، خاصة أن لبنان يمر في أحلك الظروف مع إعفاء واشنطن لنائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، من مهامها.

هذا "الاعفاء" أثار ضجة في الداخل اللبناني خصوصًا بظل وجود "غموض" حول الشخصية التي ستخلف أورتاغوس في هذا المنصب وسط أحاديث غير مؤكدة عن امكانية أن يضطلع السفير الاميركي لدى تركيا توماس برّاك، والذي عينه الرئيس دونالد ترامب، مبعوثًا خاصًا الى سوريا، بدور في هذا الملف. وبرّاك هو حفيد مهاجرين لبنانيين هاجروا عام 1900 إلى الولايات المتحدة من مدينة زحلة في منطقة البقاع شرق لبنان، كما انه يُعد من الشخصيات المقربة من الرئيس ترامب. ومع هذه التكهنات التي ستحسمها الايام القليلة المقبلة، تتعاظم المسؤولية الملقاة على عاتق الجانب اللبناني الذي سيكون امام استحقاق في غاية الخطورة ويتمثل باتخاذ خطوات جدية لحصر السلاح بيد الدولة وهو ما سيكون دونه الكثير من التحديات.

في غضون ذلك، تصعّد اسرائيل من عملياتها العسكرية في قطاع غزّة وتوسع من اوامر الاخلاء واحتلال مناطق جديدة دون أن يبرز في الأفق أي بوادر مفاوضات أو هدنة، رغم كل التظاهرات الشعبية ومطالب أهالي الاسرى والضغوط التي تحيط برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو. ويترافق التصعيد مع استمرار آلية توزيع المساعدات عبر "مؤسسة غزة الانسانية" المُثيرة للجدل بأهدافها ومخططاتها مع تزايد حوادث اطلاق النار بالقرب من مراكز التوزيع التي تحولت الى اشبه بـ"مصائد" للفلسطينيين الساعين الى الحصول على معونة غذائية تسد رمق أطفالهم الجوعى بظل الحصار المطبق واغلاق المعابر منذ شهر آذار/ مارس الماضي. وما زاد الطين بلّة هو استعانة اسرائيل بـ"ميليشيات" مناوئة لحركة "حماس" حيث قامت بتسليحها، كما جماعة ياسر أبو شباب، التي تنشط في رفح، ضمن منطقة خاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية وتقوم بنهب المساعدات واثارة الفوضى والبلبلة.

وهذه التجربة التي اضطر نتنياهو للاعتراف والتباهي بها تعمّق معاناة سكان القطاع وتزيد من مخاوفهم حول مخطط "اليوم التالي"، خصوصًا ان تل أبيب ترفض أن يكون للحركة كما للسلطة الفلسطينية أي دور. تزامنًا، حذرت وزارة الصحة بغزة من قرب انهيار النظام الصحي بالكامل خلال الساعات المقبلة بسبب نفاد الوقود، داعية المجتمع الدولي الى الضغط على الاحتلال للسماح بدخول المواد الطبية تفاديًا لكارثة صحية وشيكة. وتتكرّر المناشدات والدعوات الفلسطينية كما الدولية من اجل وقف حرب الابادة والتجويع ولكن دون أذانًا صاغية حيث عمدت اسرائيل، في خرق فاضح جديد، الى الاستيلاء على سفينة "مادلين" بعد استسلام النشطاء الذين كانوا على متنها. وكان متوقعًا أن تفشل هذه المبادرة الانسانية بالتزامن مع تهديدات المسؤولين الاسرائيليين، وعلى رأسهم وزير الدفاع يسرائيل كاتس الذي قال "أعطيت تعليمات للجيش بمنع السفينة مادلين من بلوغ غزة"، متهمًا الناشطين بأنهم "أبواق دعاية لـ"حماس".

الوقائع المأساوية الواردة من غزة لا تختلف عن الوضع في الضفة الغربية المحتلة، المُغيّبة إعلاميًا، مع قيام قوات الاحتلال بمواصلة عمليات الهدم في مخيمات طولكرم ونور الشمس ضمن مخطط لهدم 106 مبانٍ سكنية، منها 48 في مخيم نور شمس، مما أسفر عن نزوح قسري لنحو 25 ألف فلسطيني. وتأتي هذه العمليات الهادفة نحو توسيع مشاريع الاستيطان مع حملات اعتقال ودهم بوتيرة شبه يومية. وصعّد جيش الاحتلال والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، مما أدى إلى استشهاد 974 فلسطينيًا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف، واعتقال ما يزيد على 17 ألفًا، وفق تقديرات فلسطينية وذلك منذ بدء الحرب على غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

سوريًا، أُغلق فصل جديد من فصول النزوح السوري مع اخلاء مخيم الركبان، الذي أنشئ عام 2014 قرب قاعدة التنف على المثلث الحدودي بين سوريا والعراق والأردن، وعُرف بظروفه الانسانية الكارثية حيث كان يضم عائلات من عدة مدن وقرى سورية هربت من بطش النظام السوري السابق. ومع تفكيك هذا المخيم تزداد الضغوط على الادارة السورية الجديدة من اجل الانطلاق بعملية اعادة الاعمار خاصة ان معظم العائدين يواجهون أوضاعًا صعبة نتيجة هدم منازلهم وغياب البنى التحتية وظروف العودة المستقرة. كما يبرز تحدي أخر ويتمثل بارساء الامن والاستقرار نتيجة تزايد الحوادث الامنية حيث أعلنت وزارة الداخلية السورية، أمس الأحد، عن إحباط محاولة تفجير دراجة نارية مُفخّخة عثرت عليها في مدينة حمص. وتعمل فلول نظام الاسد الى اثارة القلاقل من حين لآخر، دون أن نغفل تبني "داعش" للعمليات الأمنية.

ومن سوريا الى ايران التي تتوعد بأنها ستنشر قريبًا "كنزًا من المعلومات الاستراتيجية" الإسرائيلية بعد حصولها عليه نتيجة عملية تصفها بـ"المُعقدة". ومع التزام اسرائيل الصمت حتى اللحظة، أعلن وزير الاستخبارات الإيراني إسماعيل خطيب أن بلاده استولت على "كنز من المعلومات الاستراتيجية والعملياتية والعلمية التابعة للنظام الصهيوني"، موضحاً أن "الإعلان عنها تأخر لضمان نقلها بأمان". وترتفع حدة الخلافات بين تل أبيب وطهران منذ بدء المفاوضات النووية مع الجانب الاميركي، والتي تشهد "جمودًا" نتيجة الخلافات بين الجانبين بشأن مسألة تخصيب اليورانيوم. ومع قرب انقضاء مهلة الشهرين التي حددها الرئيس ترامب للتوصل الى اتفاق نووي جديد، يُكثر الحديث عن وساطات تجريها عدة دول الى جانب سلطنة عُمان، ومنها روسيا، دون أن ترشح أي تفاصيل أو معطيات بهذا الصدد.

ومن الاحداث والمستجدات السياسية والميدانية الى أبرز ما رصدناه خلال جولتنا على الصحف العربية الصادرة اليوم:

كتبت صحيفة "الوطن" القطرية "من الواضح أن شهية القتل الإسرائيلية لا حدود لها، ولم تعد قوات الاحتلال تكتفي بالقصف الجوي والمدفعي والصاروخي، بل باتت تستخدم كل وسيلة ممكنة أخرى ومن ذلك تشكيل العصابات وتفخيخ المساعدات، كما هو الحال بالنسبة لما يسمى "مؤسسة غزة الإنسانية". وتابعت "إن ما يفعله نتانياهو لا يمكن فهمه على الإطلاق، وعوضا عن اللجوء إلى هذه الأساليب البشعة فإن الحل الأفضل يكمن في إيجاد حل حقيقي عبر التفاوض، ليس من أجل وقف إطلاق النار في غزة والسماح بتدفق المساعدات فحسب، ولكن أيضا من أجل التوصل إلى حل عادل وشامل للصراع".

صحيفة "القدس العربي" تطرقت الى أن "هذا هو العيد الرابع الذي يمرّ على الفلسطينيين في ظل المقتلة المفتوحة ضدهم التي يقترب عدد ضحاياها بسرعة من 200 ألف بين قتيل وجريح ومفقود، ويقترب الباقون، الذين يطاردهم العدوان الإسرائيلي من مكان نزوح لآخر بأشكال من القصف والرعب، من وضعية مجاعة فرضها حصار الاحتلال الإسرائيلي للمعابر ومنع دخول الأغذية"، مضيفة "تأسست المأساة الفلسطينية كنتيجة لحربين عالميتين: الحرب الأولى التي شهدت الاحتلال البريطاني لفلسطين، والحرب الثانية التي شهدت تأسيس دولة إسرائيل ونكبة 1948".

بدورها، أشارت صحيفة "الأهرام" المصرية الى أن "التطورات المتسارعة داخل الائتلاف الحاكم في إسرائيل تكشف أن عمر الحكومة اليمنية المتطرفة برئاسة بنيامين نيتانياهو شارف على الانتهاء بسبب صعوبة الاتفاق على إصدار قانون يعفي المتدينيين الحريديم من الخدمة العسكرية تمامًا كما يريد قادة الأحزاب الدينية اليهودية"، مشيرة الى أن هذا "الأمر يعارضه بقية الأحزاب الإسرائيلية ومعها غالبية الإسرائيليين في ظل حاجة جيش الاحتلال لمزيد من الجنود بسبب الحرب في غزة والتوتر في مختلف الاتجاهات".

في سياق أخر، لفتت صحيفة "الشروق" المصرية الى أن "زيارة ترامب لدولٍ فى الخليج العربي جسدت التحوّل الكبير الذى تشهده المنطقة العربية. تحول أفضى بعد 15 سنة على ما سمّي "الربيع العربي" إلى هيمنة أمريكية - دون منافسة تقريبًا - على مقدّرات المنطقة برمّتها". وقالت "من اللافت كيف عبّرت الزيارة عن تقلّص نفوذ الدول الكبرى الأخرى، ليس فقط روسيا والصين، بل أيضًا دول أوروبا الغربيّة، وبالتحديد بريطانيا وفرنسا وألمانيا. ومن اللافت أيضًا كيف وضعت الزيارة حدودًا لنفوذ الدول الصاعدة في الإقليم، تركيا وإسرائيل، عدا عن احتواء النفوذ الإيراني".

وتناولت صحيفة "النهار" اللبنانية الملف النووي الايراني، اذ رأت أن "المفاوضات الأميركية – الإيرانية دخلت في مرحلة دقيقة للغاية، وخصوصًا في ما يتعلق بتخصيب اليورانيوم، وهو الأمر الذي تعتبره طهران حقًا مشروعًا لها كفلته القوانين الدولية للأغراض السلمية، فيما تشترط واشنطن وقف "التخصيب" أو تجميده"، مشددة على أن "جولة المفاوضات السادسة في حال انعقادها، ستكون أكثر صعوبة، إلا أنها في الوقت ذاته ستحدد المسار المستقبلي للاتفاق بين إيران والولايات المتحدة، وإذا ما كان باستطاعة الجانبين الوصول إلى حلول وسط عملية، تدعمها دول الخليج العربي، تبني الثقة وتؤسس للسلام".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن