اقتصاد ومال

شريان الخدمات وتحويل الأموال للفلسطينيين مهدّد!

فلسطين - فادي داود

المشاركة

في خطوةٍ تستهدف تقويض صلاحيات السلطة الفلسطينية في تقديم الخدمات للمواطنين، أصدر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش التعليمات للمُحاسِب العام لدولة الاحتلال لإلغاء الغطاء (الحصانة) الممنوح للبنوك الإسرائيلية عند تحويل الأموال لصالح البنوك الفلسطينية، أو ما يُعرف بـ"Indemnification". وأكد مكتب وزير المالية الإسرائيلي أنّ القرار يأتي ردًّا على "حملة نزع الشرعية" التي تشنّها السلطة الفلسطينية ضدّ "إسرائيل" عالميّا. وقد صرح سموتريتش، في وقتٍ سابقٍ من الأسبوع المنصرم، بأن "السلطة الفلسطينية هي العدو الأضعف، ويجب العمل على إسقاطها"!.

شريان الخدمات وتحويل الأموال للفلسطينيين مهدّد!

تهدف آلية التعويض، التي أُقرّت في السنوات الماضية، إلى حماية البنوك الإسرائيلية من دعاوى قضائيةٍ مُحتملةٍ في الداخل والخارج، في حال اتُّهمت بتحويل أموالٍ إلى جهاتٍ مرتبطةٍ بما تُعتبر "أنشطة معادية". ومع إلغائها، تُصبح البنوك الإسرائيلية معرّضةً للمُساءلة القانونية في حال تحويل الأموال إلى البنوك الفلسطينية.

وقال الخبير الاقتصادي مؤيّد عفانة لـ"عروبة 22"، إنّ قرار سموتريتش حتى يصبح نافذًا، يتطلّب قرارًا من مجلس الوزراء المصغّر الإسرائيلي، ومع ذلك وفي حال إنفاذ القرار، فإنّه سيُعيق التبادل التجاري ما بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل"، خصوصًا مع وجود كمٍّ من التبادل التجاري مثل شراء الكهرباء، والمحروقات، والمياه، عدا عن أموال المقاصّة ومجالات التبادل التجاري الأخرى.

وعلى الرَّغم من وجود حوالى 400 بنك مراسِل لها علاقات مع البنوك الفلسطينية، إلّا أنّ البنوك الإسرائيلية لها أهمية خاصة إذ إنّ معظم التبادل التجاري يتمّ مع الجانب الإسرائيلي.

وأضاف عفانة: "عمليًّا وفي حال إنفاذ القرار سيتضرّر الاقتصاد الفلسطيني، كما أنّ الاقتصاد الإسرائيلي سيتضرّر أيضًا، كوْن المعاملات التجارية ستحتاج تكاليف أكبر ووقتًا أكبر وبنوكًا وسيطة، وما سيرافق ذلك من تكاليف إضافيةٍ وتعقيداتٍ في حركة التجارة، إضافةً الى إشكاليّات في تحويل عملة الشيكل إلى عملاتٍ أخرى للتجارة الدولية".

ورأى الصحافي المتخصّص بالشأن الاقتصادي محمد عبد الله لـ"عروبة 22"، أنّ آلية التعويض تُعدُّ عنصرًا أساسيًّا في الحفاظ على العلاقة المصرفية بين الجانب الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية، وقد سمحت بمعالجة قنوات تحويل بأكثر من 53 مليار شيكل في 2023 فقط.

ولفت إلى أنّه من دون هذه الحماية، سيتمّ تجريد السلطة الفلسطينية من الحصانة، وستكون البنوك الإسرائيلية كذلك معرّضةً لدعاوى قضائية سواء داخل إسرائيل أو في محاكم أميركية، حيث سبق أن رفع إسرائيليون يحملون الجنسية الأميركية، دعاوى ضدّ بنوك فلسطينية أو عاملة هناك، خلال السنوات الماضية، بتهمٍ مرتبطةٍ بتمويل ما يُسمّى "الإرهاب"، قبل أن يتمَّ إسقاط هذه الدعاوى.

وبَيَّنَ عبد الله أنّه يتم تجديد آلية "التعويض" سنويًا من قبل وزارة المالية الإسرائيلية، ممّا يُتيح عمليات تحويل مالي بسلاسةٍ للبنوك الفلسطينية، قبل أن يتمّ إلغاء التجديد السنوي واستبداله بتجديدٍ كل 3 شهور.

وحول انعكاس ذلك القرار على البنوك الفلسطينية وأداء السلطة الفلسطينية، أكد عبد الله إنّه يمسُّ جوهر وجود القطاع المصرفي الفلسطيني، بل يطال واحدةً من الوظائف الرئيسيّة التي تقوم بها البنوك داخل السوق الفلسطينية، لكنّ الضرر الأكبر سيكون على الحكومة الفلسطينية، لأنّها لن تكون قادرةً على تسلّم أموال المقاصّة، كما ستطال التداعيات معروض السّلع والخدمات في الأراضي الفلسطينية، لعدم وجود جهةٍ إسرائيليةٍ قادرةٍ على تلقّي قيمة مدفوعات التجارة أو فواتير الطّاقة بأنواعها والمياه.

بدورِها، حذّرت سلطة النقد الفلسطينية من أنّ قرار سموتريتش يُنذر بوقف توريد السلع الأساسية للسوق الفلسطينية. وقالت، في بيان لها، إنّها تعمل منذ فترة مع المستوى السياسي وأطراف دولية عديدة للحفاظ على العلاقة المصرفية المراسِلة لضمان عمليات التبادل التجاري وتسديد أثمان السلع والخدمات، وعلى رأسها المواد الغذائية والكهرباء والماء والمحروقات. علمًا أنّ المصارف الفلسطينية تعملُ كوسيطٍ ماليّ في تنفيذ عملية شراء تلك السلع والخدمات.

وأكّدت سلطة النقد الفلسطينية أنّ أموال المودعين لدى الجهاز المصرفي الفلسطيني محفوظةٌ بأمان، وأنّ المصارف تتمتع بملاءةٍ ماليةٍ عاليةٍ وفقًا للمعايير الدولية ذات العلاقة، وأنّ الجهاز المصرفي الفلسطيني سيبقى متّصلًا بالعالم الخارجي من خلال شبكةٍ واسعةٍ من البنوك حول العالم، لتقديم الخدمات للمواطنين محليًا وعالميًا.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن