أعتقد بأن الحرب بين إسرائيل والولايات المتحدة من ناحية وإيران من ناحية أخرى، قد انتهت فعليا ، ولن يتم اطلاق صواريخ إيرانية على إسرائيل، ولن تقوم تل أبيب بغارات جديدة على إيران ...فقد أمر "الكبير" ترامب إسرائيل بوقف الحرب، لأنه يعتقد بأن هدفه تحقق وهو إزالة البرنامج النووي الإيراني من الوجود، وليس التخلص من النظام القائم في طهران.
وحتى لا يغلق الباب تماما أمام أي عودة لإيران الى طاولة المفاوضات... وبصرف النظر عن التفسيرات التي رأت أن تلك الحرب ما هي إلا "تمثيلية" على العالم، فان الرئيس الأمريكي برهن على انه ليس رجلا سياسيا واستراتيجيا بالمعنى الحرفي، وإنما رجل أعمال يؤمن بالصفقات التي قد تجلب له الربح، وقد لا تجلب للعالم إلا الصداع والنزاع، وانه رئيس مختلف عن كل أو معظم رؤساء أمريكا الذين سبقوه، لأنه لا يؤمن بالمؤسسات التي تدير الدولة ولا يسير على خطها كما كان يفعل سابقوه، كما أنه خالف وعده بإنهاء كل الحروب المشتعلة في العالم وأولاها الحرب الروسية الأوكرانية، والحرب الإسرائيلية على غزة وغيرهما ...بل إنه شخصيا شن حربا ضد إيران وترك إسرائيل تفعل ما بدا لها في غزة ...
بل وبرهن على تبني استراتيجية الخداع، فقد قال إنه سوف يتخذ قراره بالدخول في الحرب الى جانب إسرائيل ضد إيران خلال أسبوعين، حتى تنخدع إيران، ثم فاجأها في نفس الليلة بالهجوم على مفاعلاتها النووية... والحقيقة انه لا إيران خسرت أو كسبت الحرب ولا إسرائيل تخلصت من البرنامج النووي الايراني ولا الولايات المتحدة كسبت الحرب كما يقول ترامب.
بل على العكس، فقد خسرت الولايات المتحدة المزيد من مصداقيتها في العالم، وأصبحت تماما كما يقال عنها إنها دولة "انتهازية" لا ترى في العالم كله سوى مصالحها ومصالح حليفتها إسرائيل ولا ترى العالم الحقيقي كما هو. وأخيرا ...لماذا لم يأمر ترامب نيتانياهو بوقف الحرب في غزة، كما أمره بوقف الهجمات على إيران... الحقيقة انه طالما ان ترامب يرى ان اسرائيل دولة صغيرة المساحة، فإنها لاتحتاج الى غزة فقط، ولا الى الضفة الغربية، وإنما الى أكثر من ذلك، وإلا فان القوة العسكرية جاهزة لتحقيق ذلك ...
(الأهرام المصرية)