صحافة

مستقبل الاقتصاد الخليجي بين الريعية والتنمية

عبدالرحيم الهور

المشاركة
مستقبل الاقتصاد الخليجي بين الريعية والتنمية

بدايةً علينا أن نُسلّم أنَّ دولَ الخليج ما زالت تُعدُّ دولًا ريعيةً في أغلبها مع وجود الخطط التنمويَّة الاقتصاديَّة الطموحةِ. وللوقوف على الوضع الراهن لا بدَّ من العودة إلى الأساسيات في عيوب ومُميزات الاقتصاد الريعي وماهيته، حيث إنَّ الاقتصاد الريعي، أو ما يُعرف أيضًا بالاقتصاد المُعتمد على الإيرادات النفطية والموارد الطبيعية، يمكن أن يتسبّب في العديد من العيوب والتحديات، بما في ذلك تقلبات الأسعار، باعتبار أنَّ اعتماد الاقتصاد على إيرادات مُحدّدة من صادرات النفط يجعله عرضةً لتقلبات أسعار النفط العالمية، ما يمكن أن يؤثرَ بشكلٍ كبيرٍ على الاستقرار الاقتصادي الكُلي داخل الدولة.

كذلك إنَّ انعدام التنويع الكفء diversification في مصادر الإيرادات يمكن أن يكون مُشكلةً، حيث يمكن أن يتعرضَ الاقتصاد لمخاطر كبيرة إذا تراجعت إيرادات النفط، وطبعًا القصد هنا هو وزن باقي القطاعات، ونسبة مُساهمتها في إيرادات الدولة وليس تَعدادها.

أيضًا يمكن أن يؤدِّي التركيز الشديد على القطاع النفطي إلى إهمال تطوير القطاعات الأخرى من الاقتصاد، ما يُقلل من فرص التنمية المُستدامة بحكم عدم توازن المُنافسة بين العوائد الريعية والعوائد التنموية.

ويؤخذُ كذلك على قطاع النفط والطاقة أنه قد يُسبّب تلوثًا بيئيًا ويضرُّ بالبيئة في مناطق الإنتاج، ما يترك آثارًا سلبية على بيئة المنطقة.

وللتغلب على هذه العيوب، يمكن للدول تنويع مصادر إيراداتها، وتطوير البنية التحتية للقطاعات الأخرى، واتخاذ إجراءات للحدّ من تأثير القطاع النفطي على البيئة، وتعتبر هذه إجراءات طبيعية في إدارة الاقتصاد الريعيّ، والذي يحمل في طياته كذلك العديد من المُميزات، منها التدفق المُتوالي للإيرادات، بحيث يمكن للدول التي تعتمد على الاقتصاد الريعي تحقيق إيرادات كبيرة من تصدير الموارد الطبيعية، ما يمكنها من تمويل البرامج الحكومية، وتنويع الاقتصاد، ويمكن للدول أن تستخدمَ الإيرادات من الموارد الطبيعية لتنويع اقتصادها وتطوير قطاعات أخرى مثل البنية التحتية والصناعات الأخرى.

كما يعمل الاقتصاد الريعي دائمًا على خلْق فرص عمل، ويمكن أن يؤدي الاستثمار في قطاع الموارد الطبيعية إلى إنشاء فرص عمل للمواطنين بمقدار سلاسل المشاريع المرافقة، ما ينعكس على قوة اقتصادية تمكن الإيرادات الكبيرة من الموارد الطبيعية الدولةَ من تعزيز نفوذها وقوتها على الساحة الدولية.

وفي نهاية الطرح، أودّ الإشارة إلى أنَّ دول الخليج قد قطعت شوطًا جيدًا في التحول إلى الاقتصاد التنموي، ولكن ما زال وزن الإيراد الريعي هو المُسيطر المُطلق على مصير الاقتصاد.

("الراية") القطرية

يتم التصفح الآن