صحافة

اعترافات الحلفاء بفلسطين تضغط على أميركا: ترامب أمام تحدي التكيف بعقلانية أكثر

سميح صعب

المشاركة
اعترافات الحلفاء بفلسطين تضغط على أميركا: ترامب أمام تحدي التكيف بعقلانية أكثر

وضعت الاعترافات الأوروبية والغربية الأخرى بفلسطين، على رمزيتها حتى الآن، الرئيس الأميركي دونالد ترامب في موقف لا يكفي معه الرد بأن مثل هذه القرارات تعتبر "مكافأة لحماس"، أو البقاء من دون المبادرة إلى فعل شيء يمنع انزلاق الشرق الأوسط بكامله إلى الفوضى. في كل البيانات والتوصيات التي تبنتها القمم التي عقدت في الأمم المتحدة وآخرها الاثنين، هناك تشديد على أن "حماس" يجب ألا تكون مشاركة في أي هيئة حكم تنشأ لإدارة غزة في "اليوم التالي" للحرب. وهذا موقف تتبناه جامعة الدول العربية بما فيها السلطة الفلسطينية ودول أخرى معروفة بتعاطفها مع الحركة مثل تركيا.

وتنزع الدول العربية والأوروبية إلى ضرورة تشكيل قوة دولية وهيئة حكم مستقلة لإدارة غزة. وبإزاء الزخم المتشكل لإحياء فكرة حل الدولتين، المرفوض إسرائيلياً وأميركياً، توقع موقع "أكسيوس" الإخباري أن يناقش ترامب مع دول عربية وإسلامية في نيويورك الوضع في غزة، وتقديم اقتراح للسلام ومستقبل الحكم في القطاع بعد انتهاء الحرب، من دون مشاركة "حماس"، فضلاً عن الطلب من هذه الدول إرسال قوات عسكرية إلى غزة للمساعدة في انسحاب إسرائيل وتوفير تمويل عربي وإسلامي للمرحلة الانتقالية وإعادة الإعمار.

إذا صح هذا التوقع، فإنه سيشكل تخلياً من ترامب عن أفكار سابقة طرحها في مستهل ولايته تدعو إلى نقل سكان غزة إلى مصر والأردن وبسط "سيطرة" أميركية على القطاع لجعله "ريفييرا الشرق الأوسط". وهذا ما لقي رفضاً عربياً وأوروبياً بصفته يرقى إلى "تطهير عرقي". ويمكن أن يكون اقتراح ترامب المفترض مستمداً من خطة طرحها رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير، الذي أشركه الرئيس الأميركي في اجتماعات موسعة عقدت في البيت الأبيض أخيراً بحضور صهره جاريد كوشنر.

وتنص خطة بلير على إنشاء هيئة دولية موقتة وقوات متعددة الجنسية لإدارة غزة ما بعد الحرب، بمشاركة رمزية من السلطة الفلسطينية. وإذا افترضنا على سبيل حسن النية أن ترامب بات أكثر ميلاً للتكيف بعقلانية مع عالم متبدل، يجد فيه أقرب حلفاء أميركا مثل بريطانيا يفترقون عن السياسة الأميركية ويتبنون خيارات مستقلة، بينما حلفاء مثل اليابان التي التزمت منذ عقود التنسيق مع الولايات المتحدة إزاء القضايا الدولية، تقول حكومتها إنها اتخذت قرار الاعتراف بفلسطين، وبقي اختيار التوقيت. والحليفان الدانماركي والهولندي يعلنان العزم على الاعتراف في وقت لاحق. بقيت ألمانيا وإيطاليا خارج هذه الدائرة، لأسباب تتعلق بالحساسية التاريخية.

وإذا ما أحدثت هذه التطورات بعض التأثير على موقف ترامب، فإن المعضلة الأكبر تبقى في رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي قرر الرد على العزلة المتعاظمة للدولة العبرية باعتناق المبدأ الإسبرطي، وحضّ الإسرائيليين على الاستعداد للدفاع عن إسرائيل بقواهم الذاتية من الآن فصاعداً. منحى خطير يثير حساسيات حتى داخل إسرائيل. وحذر رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت قبل يومين في رسالة موجهة إلى الأجهزة الأمنية، من مغبة التجاوب مع احتمالات أن يعمد نتنياهو إلى إرجاء الانتخابات المقررة في تشرين الأول/ أكتوبر 2026، بدعوى حال الطوارئ الوطنية، كي يضمن استمراره في الحكم، في وقت ترجح كل استطلاعات الرأي أنه لن يتمكن من الحصول على غالبية تؤهله تشكيل حكومة جديدة.

(النهار اللبنانية)

يتم التصفح الآن