صحافة

عام على وقف إطلاق النار وحرب مستمرة

ناصيف حتي

المشاركة
عام على وقف إطلاق النار وحرب مستمرة

بعد أسبوعين من الزمن يكون قد مر عام على اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل والذي ينص فى بدايته على وقف الأعمال العدائية من صباح يوم 27 نوفمبر: اليوم التالي لولادة الاتفاق. وبالطبع لعبت الولايات المتحدة، بشكل خاص، ومعها فرنسا الدور الأساسي في التوصل إلى هذا الاتفاق المكون من 13 بندًا. وينص الاتفاق (النقطة 12) على سحب القوات الإسرائيلية تدريجيا إلى جنوب الخط الأزرق وذلك عند بدء وقف الأعمال العدائية وفقا للفقرة الأولى. وتتولى الولايات المتحدة رئاسة ما يعرف بالآلية التي تضم إلى جانبها فرنسا وطرفي الصراع واليونيفيل.

وتتولى الآلية المراقبة والتحقق والمساعدة في ضمان تنفيذ ما اتفق عليه. ما حصل حتى الآن أن إسرائيل احتلت بعد توقيع الاتفاق نقاط خمس جديدة في الأراضي اللبنانية ذات "أهمية استراتيجية" من المنظور الإسرائيلي. واستمرت في عدوانها على لبنان في مسار تصعيدي، مفتوح في الزمان وفي المكان. كما غيرت في قواعد الاشتباك من خلال إسقاط قاعدة تحييد المدنيين فى حربها، كما تدل كل المؤشرات. وقد أكد استراتيجية التصعيد المجلس الوزاري الأمني المصغر في اجتماعه منذ أيام من خلال قراره بتكثيف الهجمات وزيادة وتوسيع بنك الأهداف.

في ظل هذا التصعيد دعت فرنسا وكذلك الاتحاد الأوروبي إسرائيل إلى الانسحاب من النقاط الخمس وأدانت الضربات الإسرائيلية ودعت إلى وقفها. شكل ذلك بداية، ولو متأخرة، ولكن ضرورية لموقف يجب أن يتحول إلى حافز ومحرك ودافع لقوى وأطراف دولية أخرى للذهاب في هذا الاتجاه بغية ممارسة الضغط الضرورى لتغيير الموقف الإسرائيلي نحو التقيد باتفاق وقف إطلاق النار وبشكل كلي. الموقف الأمريكي يبقى الموقف الحاسم في هذا الشأن فهل سيستمر فى تغطية الموقف الإسرائيلي من خلال عدم إبداء أي معارضة أو تحفظ على ما تقوم به إسرائيل أم أن واشنطن قد تجد، ولو بعد عام من الزمن أن عدم إيقاف هذه السياسة الإسرائيلية يعني الذهاب نحو المجهول؟. الأمر الذى يؤدي إلى إشعال مزيد من الحرائق في منطقة تعيش على صفيح ساخن. حرائق قد تؤدي إلى تعطيل "استراتيجيات كبرى" لواشنطن، كما نسمع ونقرأ لإعادة ترتيب المنطقة أو لإحداث تحولات أساسية في علاقة القوى في الإقليم.

السياسة الإسرائيلية القائمة على الحرب المفتوحة والتغييرية من غزة إلى لبنان مرورًا بالضفة الغربية ستنعكس في إحداث مزيد من التوترات والحروب بأشكال وعناوين مختلفة لا تخدم الاستقرار في المنطقة، لا بل قد توظف في صراعات قائمة أو عائدة بسبب ما هو حاصل. إن المطلوب مزيد من التحرك الهادف على الصعيد الدولي من طرف لبنان و"أصدقاء لبنان" وكل الأطراف المعنية بالاستقرار الفعلي للدفع نحو بلورة خريطة طريق عملية تبدأ بالضغط الفاعل على إسرائيل لانسحابها من النقاط المحتلة ولوقف عدوانها على لبنان والانسحاب إلى جنوب الخط الأزرق كما نص على ذلك قرار وقف إطلاق النار.

ليس ذلك بالأمر السهل دون شك ولكنه ليس بالأمر المستحيل إذا ما وظفت الضغوطات الدولية المطلوبة والغائبة حتى الآن في هذا الاتجاه. وهذا ليس بنهاية الطريق رغم أهميته لكنه يفتح الباب للذهاب في إطار لجنة "الميكانيزم"، التي تضم الأطراف المشار إليها سابقًا للتفاوض غير المباشر، حسب الصيغة القائمة مع تعزيز ذلك بخبراء وأهل اختصاص مدنيين متى اقتضى الأمر. الهدف من التفاوض غير المباشر الذي أشرنا إليه يبقى العمل على إعادة إحياء اتفاقية الهدنة للعام 1949 وتعزيز وتحصين هذه الاتفاقية إذا ما استدعى الأمر بمزيد من الإجراءات الأممية المتوازية والمتماثلة على طرفي الحدود.

إحياء اتفاقية الهدنة يسهل في العمل على ترسيم (وأفضل تعبير تثبيت) الحدود البرية التي تقوم على خط الهدنة أساسًا، مع وجود خلافات حول عدد من النقاط يمكن التفاوض حولها، كما أشرنا وفي إطار لجنة "الميكانيزم" ذاتها. أما الحديث عن المفاوضات المباشرة وعن السلام، فالموقف اللبناني واضح في هذا المجال، ويقوم على مفهوم السلام الشامل والدائم والعادل وفق القرارات الدولية ذات الصلة وهو موقف يستند كليا على مبادرة السلام العربية التي أُقرت في القمة العربية في بيروت عام 2002. خلاصة الأمر أنه موقف يجمع ما بين المبدئية والواقعية في تناول هذه المسألة.

(الشروق المصرية)
?

برأيك، ما هو العامل الأكثر تأثيرًا في تردي الواقع العربي؟





الإجابة على السؤال

يتم التصفح الآن