موقف دول كبرى مثل أمريكا، وروسيا، وفرنسا، وألمانيا، وحتى الصين من كارثة الزلزال في المغرب، وكارثة الفيضان في ليبيا موقف ضعيف، وهو أيضاً، موقف لا إنساني، موقف بارد، محايد، ولا يشرّف الدول الكبرى نفسها هذه، وهي تدير ظهرها لمئات الآلاف من الضحايا بينهم يهود، ومسيحيّون، وعلمانيون، ومسلمون، والأهم من ذلك، بينهم أطفال، وكبار في السن، ومرضى. ونساء ضعيفات،.. وهو عادة قاموس الكلمات الذي تستخدمه الآلة الإعلامية الغربية..
قد تكون صدرت عن هذه الدول تصريحات تضامن وتعاطف، وقد تكون هذه الدول، حتى لا نظلمها ونظلم أنفسنا، أرسلت مساعدات مادية، علاجية أو إغاثية، ولكن كل هذه المساعدات الغربية المعنوية الإعلامية والمادية الغوثية لا تكفي، ولا ترقى إلى حجم الكارثتين في المغرب، وفي ليبيا.
ردود فعل بلدان العالم الكبرى تجاه مأساة الإنسان في الدولتين العربيّتين هي ردود رخوة، تنطوي على الشيء الكثير من اللامبالاة، لا بل يُقرأ هذا الموقف الغربي بوصفه تجاهلاً كليّاً للإنسان العربي في مستواه الشعبي البسيط، وكأن لا قيمة لهذا الإنسان، إلا إذا ارتبط بالثقافة المنفعية للغرب، وهي دائماً ثقافة الاستحواذ والهيمنة والمصالح.. فحيث تكون القيمة مادية، ونفعية ومصلحية، عندها بالضبط، تتغير المواقف، وتتغير ردود الفعل..
يكشف البرود الرسمي العالمي، بل، وحتى البرود الشعبي في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، تجاه مأساة العربي في المغرب وليبيا عن نفسية متعالية تماماً حتى على ما هو إنساني، في حين أن مؤسسات الغرب الثقافية والمدنية لا تكف عن رفع شعارات الإنسان والإنسانية في كل مناسبة دولية، بل، وبلا مناسبة، فقط،.. الشعار، تلو، الشعار..
زلزال المغرب، وفيضان ليبيا في جغرافيتين عربيّتين أسقط الخطاب الإنساني الرسمي والشعبي في الغرب وفي أمريكا، بل، وفي العالم المتماهي مع هذه المنظومة السياسية والفكرية في العالم الأول هذا.. عالم التمييز، والعنصرية المضمرة...
لكن، كارثة البلدين العربيين.. كشفت من جانب آخر عن معنى ثقافي إنساني نبيل، ويظل نبيلاً إلى الأبد، ويتمثل هذا المعنى الكريم في مواقف البلدان العربية وهبّتها الوجدانية والغوثية الحقيقية:.. دولة الإمارات العربية المتحدة، الجزائر، الأردن، مصر، وكل بلد عربي شقيق...
.. إن مفردة «الشقيق» التي تستخدم عادة في قاموس اللغة العربية الدبلوماسية ليست مفردة إنشائية أو إعلامية أو استهلاكية.. لا بل إن «الشقيق» العربي هو من يحملك، ويقف إلى جانبك، ويحنو عليك، ويعطيك دمه وخبزه ودواءه دون مِنّة، ودون حسابات الربح والخسارة والمَصلحة.
("الخليج") الإماراتية