تؤكّدُ الهيئةُ الحكوميّةُ الدوليّةُ لتغيُّراتِ المناخِ على أنَّ كلَّ جزءٍ من درجةِ الاحترارِ مهمٌّ، ومع كلّ زيادةٍ إضافيةٍ في الاحترارِ العالميّ تزيدُ التغيّراتُ في الظواهرِ المتطرّفةِ والمخاطِر، حيثُ يؤدِّي كلُّ 0.1 درجةٍ مئويةٍ إضافيةٍ من الاحترارِ العالميّ إلى زياداتٍ مَلْحوظَةٍ في شِدَّةِ وتَواتُرِ موجاتِ الحرارةِ وهطولِ الأمطارِ الغزيرةِ، فضلًا عن حالاتِ الجَفافِ الزراعيّ والبيئيّ في بعضِ المناطِق.
نحو 13 مليون حالة وفاة في العالم كلّ عام لأسباب بيئية
بشكلٍ عامٍّ، فإنَّ الوقودَ الأحْفورِيّ، مثلَ الفحمِ والنّفطِ والغازِ، هوَ أكبرُ مساهمٍ في تغيّرِ المناخِ العالميّ، إذْ يُمَثِّلُ أكثرَ من 75 في المائةِ من انبعاثاتِ غازاتِ الدفيئةِ العالميةِ وحوالى 90 في المائةِ من جميعِ انبعاثاتِ ثاني أُكْسيدِ الكَرْبون. وتعملُ توصيّاتُ القممِ المناخيةِ على التأكيدِ على أنَّهُ يجبُ خفضِ الانبعاثاتِ بمقدارِ النّصفِ تقريبًا بحلولِ عامٍ 2030 والوصولُ بِها إلى مُسْتَوَى الصِّفْرِ بحلولِ عامِ 2050، ولكنَّنا نرى أنَّ هذا لنْ يَتَحَقَّق.
عُمومًا لا يزالُ الوقودُ الأحفوريّ يُمثّلُ أكثرَ من 80 في المائةِ من إنتاجِ الطاقةِ العالميّ لكنَّ مصادرَ الطاقةِ النظيفةِ تزدادُ قُوَّة. فهناكَ نحوَ 29% من الكهرباءِ تأتي حاليًّا من مصادرَ مُتَجَدِّدَة.
وفي السنواتِ العشرِ الأخيرةِ، انْخَفَضََتْ تَكْلِفَةُ الطاقاتِ المُتجدّدةِ كثيرًا في العالمِ وما زالَتْ تواصِل الانْخِفاض. فقد انخفضت تكلفةُ الكهرباءِ المُوَلَّدَةِ من الطاقةِ الشمسيةِ بنسبةِ 85% ما بين عامَيْ 2010 و2020. وانخفضت تكلفةُ طاقةِ الرياحِ البريةِ والبحريةِ بنسبةِ 56% و48% على التَّوالِي. وستؤدي هذه الأمورُ عبر التَّحَوُّلِ إلى الطاقاتِ النظيفةِ إلى تحسينِ مستوى جَوْدَةِ الحياة بسببِ تراجعِ الانبعاثاتِ الغازيةِ، فَقَدْ قَدَّرَت "منظمةُ الصحةِ العالميةِ" أنَّ 99% من سكانِ العالمِ يتنفّسون هواءً يتجاوزُ الحدودَ القُصوى لجودةِ الهواءِ، وهذا الهواءُ يهدّدُ صحتَهُم، ويَرْجِعُ تَسَبُّبُهُ في نحوِ 13 مليونَ حالةِ وفاةٍ في العالمِ كلَّ عامٍ لأسبابٍ بيئيةٍ يُمكنُ تجنّبُها، لا سيما تلوّثُ الهواءِ عَنْ طريقِ خَفْضِ الانبعاثاتِ الغازيّة.
المنطقة العربية هي الأكثر تضَرُّرًا من تداعيات تغيّرات المُناخ إلا أنّ مشاركتها العلميّة البحثية دون المستوى
وعلى الرَّغمِ من أنَّ المنطقةَ العربيةَ هي الأشدُّ جفافًا والأعلى حرارةً والأكثرَ تَضَرُّرًا من تداعياتِ تغيّراتِ المُناخِ على مواردِها المائيةِ الشحيحةِ وعلى تدهورِ وتَصَحُّرِ أراضيها الزراعيةِ بسببِ تأثيرِ الحرارةِ على تَبْخيرِ المياهِ وعلى تراكمِ الأملاحِ في التُّرْبَةِ وأنَّ إنتاجَ الغذاءِ سيتطلّبُ مياهًا أكثرَ على الرَّغمِ من أنَّها الأكبرُ عالميًّا في فَجْوَتِها الغذائيّة. بالإضافةِ إلى تأثّرِ سواحلِ المنطقة في مصر وتونس والمغرب ولبنان والإمارات وعُمان واليمن بارتفاعِ منسوبِ سطحِ البحرِ، إلّا أنَّ مُشارَكَتَها العِلْمِيَّةَ البَحْثِيَّةَ كانَتْ دونَ المستوى، واقتصرَتْ على طلبِ البعضِ زيادةَ التعويضاتِ لتقليلِ الأضرارِ بينما خَشِيَ البعضُ الآخرُ من زيادةِ حصّتِهِ المدفوعةِ من التعويضاتِ، مع أنَّ الأمرَ أخطرُ وأكبرُ من ذلكَ لأنّهُ يتعلقُ بمستقبلِ الحياةِ على كوكبِ الأرض!.
لقراءة الجزء الأول
(خاص "عروبة 22")

