صحافة

"المشهد اليوم".. ارتفاعُ "أسهُمِ" الحربِ في لبنان وسلام يُحَجِّمُ "حزبَ الله"!"العربدةُ" الاسرائيليةُ تتواصلُ في الضفّةِ الغربية.. وأوكرانيا ترفضُ التنازلَ عن أراضٍ لصالحِ روسيا


أهالي كفركلا يتجمعون بجوار آليات الجيش اللبناني المنتشرة على أنقاض مبنى مدمر في القرية الجنوبية (أرشيفية - أ.ف.ب)

عامٌ مرّ على اتفاق وقف النار في الجنوب اللبناني ولكن دون أن تكشف المعطيات والممارسات اليومية عن أي هدوء على هذه الجبهة المشتعلة وسط ترجيحات بأن العدو الاسرائيلي يعدّ العدّة من أجل تصعيد العمليات العسكرية وتكثيفها مبررًا ذلك بترميم "حزب الله" نفسه واستعادة بناء قدراته، فيما تستفيد تل أبيب من "غض البصر" الأميركي وتقاعس المجتمع الدولي عن التحرك الفعّال. هذا وتبدو الحكومة في صراع جدي مع الوقت لتذليل العقبات وتطبيق قرار حصر السلاح بيدها والضغط على الدول الضامنة للاتفاق بالتدخل لدى اسرائيل للحدّ من انتهاكاتها.

ولكن اسرائيل في مكان آخر، فما يُرسم للبنان لا يمكن فصله عما يجري في المنطقة من تغيير في موازين القوى وفرض قواعد اشتباك جديدة، ومن هنا يمكن الاستدلال على حقيقة الوضع الدقيق الذي تعيشه البلاد الغارقة أصلًا بهموم سياسية واقتصادية واجتماعية لا تُعد ولا تُحصى. في وقت لم تجد "يد" لبنان الممدودة لعقد مفاوضات غير مباشرة أي موقف من تل أبيب، التي تتجاهل تكرار الدعوات وتصرّ على شنّ عمليات عسكرية متجددة لفرض أجندتها وشروطها وسط ارتفاع منسوب التوتر بعد دخول ايران على خط المواجهة من خلال دعوات مسؤوليها للرّد على اغتيال رئيس أركان "حزب الله" ورجلها الثاني، هيثم علي طبطبائي، في الضاحية الجنوبية لبيروت الأحد الماضي. إلا أن الحزب، ومن خلفه طهران، تدرك أن "زمن الاول تحوّل" وأنها اليوم لا تملك أوراق القوة نفسها كما كانت عليه قبل عامين فقط، ولهذا فإن تلك التصريحات لا تعدو كونها مجرد كلام لا يمكن التعويل عليه.

وبالتالي، فإن الاتفاق الهشّ واستمرار احتلال اسرائيل لأراضٍ داخل لبنان ومواصلة الغارات والضربات بشكل شبه يومي يشكل تحديًا كبيرًا خاصة إذا خرجت الأمور عن السيطرة، بما يتقاطع مع التحذيرات التي نقلها وزير الخارجية المصري بدرعبدالعاطي، من أن الأسابيع المقبلة قد تكون حاسمة وربما خطرة إذا استمر التصعيد. في الأثناء، اعتبر رئيس الحكومة نواف سلام أن لبنان "في حرب استنزاف تتصاعد من طرف واحد"، وحجّم قدرة "حزب الله" على ردع إسرائيل وحماية لبنان، مشددًا على أن سلاح "الحزب" لم يردع و"لم يحمِ قادة الحزب ولا اللبنانيين وممتلكاتهم". وقال "نحن من حددنا مهلة لعملية حصر السلاح، فالمرحلة الأولى يفترض أن تنتهي مع نهاية العام، وهي تشمل جنوب نهر الليطاني، حيث يجب إزالة السلاح والبنى التحتية العسكرية". كما أوضح أن البلاد "متأخرة أصلًا" في موضوع حصر السلاح وبسط سلطة الدولة وسيادتها، وهذا ما نصّ عليه اتفاق الطائف.

وتعكس هذه التصريحات مدى الانقسام الحاد الذي يعيشه لبنان في ظل محاولة "حزب الله" الهرب إلى الأمام وعدم الاعتراف بالوقائع الحالية والتنكر لها والتمسك بسلاحه، الذي يعتبره شأنًا لبنانيًا بحتًا ويرفض التفاوض حوله في الوقت الراهن، مما يُعقد الأمور ويؤكد أن اتفاق وقف النار "ولد ميتًا". ميدانيًا، واصلت اسرائيل خروقاتها وشنّت غارات واسعة النطاق على محيط منطقة المحمودية وبلدتي سجد والجرمق في قضاء جزين جنوبي لبنان، لكن دون الإعلان عن أي خسائر بشرية. وتبدو القرى الجنوبية كمدينة "أشباح" بسبب العمليات المتفاقمة من جهة، وعدم القدرة على البدء بإعادة الإعمار الذي بات يرتبط ارتباطًا وثيقًا بإيجاد حل لمعضلة سلاح "حزب الله" والتوصل لاتفاق ما مع الجانب الاسرائيلي، وهو ما لا يبدو متاحًا في الوقت الراهن.

السياّق اللبناني لا يمكن فصله عما يدور في الاقليم، وتحديدًا في الجارة سوريا، التي تعاني أيضًا من تداعيات الأعمال الاسرائيلية الاستفزازية في جنوب البلاد كما تحريضها اليومي على حكومة الرئيس أحمد الشرع من خلال تأليب الدروز ضدها، إذ تطرح نفسها كحامية للأقليات وتتوعّد ليل نهار، فيما ترفض الانسحاب من الأراضي والمناطق التي احتلتها بعد سقوط نظام الأسد وهو ما يُعقد المفاوضات رغم وجود رغبة عارمة من قبل دمشق للتوصل إلى اتفاق أمني ما يحدّ من المخاطر ويضع حدّا للتغول الاسرائيلي، وهو ما عبر عنه صراحة وزير الخارجية اسعد الشيباني، في حديث اعلامي. وكان أمس لافتًا لجهة قيام 8 مستوطنين إسرائيليين بإقتحام السياج الحدودي بين تل أبيب ودمشق، وتسللهم إلى الأراضي السورية في نقطتين مختلفتين، بهدف إنشاء بؤرتين استيطانيتين هناك. وبحسب الجيش الاسرائيلي، فإن المستوطنين اقتحموا السياج الحدودي بالقوة معلنين أن هدفهم الأساسي هو الاستيطان في منطقة "الباشان" داخل سوريا، قبل أن تعمد قوات الاحتلال إلى القبض عليهم. وهذه الحادثة ليست الأولى من نوعها إذ سبقها محاولات استيطانية مماثلة في الأشهر القليلة الماضية.

تزامنًا، نفت حركة "الجهاد الإسلامي" ما يروجه الإعلام العبري عن قيامها بتعزيز قدرات ذراعها العسكرية داخل المخيمات الفلسطينية في سوريا، مؤكدةً أن تلك الادعاءات هدفها بث الفتنة والتحريض. وهذا النفي يأتي بعدما إدعت "هيئة البث الإسرائيلية" أن الحركة تقوم "منذ أسابيع ببناء قوة عسكرية كبيرة داخل دمشق بعلم الحكومة السورية التي عيّنت مبعوثًا لتسهيل التواصل". في غضون ذلك، أبدى الرئيس السوري "تفهمًا" للعديد من "المطالب المحقة" التي خرج بها المتظاهرون خلال اليومين الماضيين في مناطق متعددة في الساحل السوري، لكنه وصف بعضها بأنه "مسيّس". وقال: "الساحل يشكل أولوية بالنسبة لنا، لأنه يطل على الممرات التجارية عالميًا ودوليًا، وسيشكل ربطًا اقتصاديًا قويًا جدًا بيننا وبين دول المنطقة بأكملها"، مؤكداً أنه لن يكون للساحل السوري سلطة قائمة بذاتها منعزلة عن باقي الدولة. وطرحت هذه التظاهرات مخاوف من انفلات الوضع الأمني وسط تساؤلات عن توقيتها وأهدافها "المريبة" بظل ما تمرّ به سوريا من محطات مفصيلة هامة خاصة مع اقتراب موعد التصويت على رفع عقوبات قانون قيصر عنها.

أما فلسطينيًا، فالأوضاع تشهد المزيد من التطورات الدراماتيكية، فالضفة الغربية تعيش "كابوسًا" يوميًا بسبب اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين وابتكار أساليب جديدة للوحشية والانتقام. فيما تبدو السلطة الفلسطينية شبه مغيّبة عن تلك الانتهاكات التي ترقى لجرائم حرب. وصعّدت إسرائيل وتيرة عملياتها العسكرية خلال الأيام الأخيرة، لتغدو أكثر من مجرد "حملة أمنية" بل خطوة إستراتيجية ضمن مشروع شامل لتعزيز السيطرة والاستيطان وإنهاء الوجود الفلسطيني. وكانت قوات الاحتلال قد بدأت هذه العملية في 5 مناطق بمحافظة طوباس ودفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة باتجاه المنطقة، في وقت طالب فيه بيان فرنسي ألماني إيطالي بريطاني إسرائيل بحماية الفلسطينيين في الضفة وأدان التوسع الاستيطاني. وقد برّر جيش الاحتلال عملياته بأن معلومات استخباراتية رصدت إقامة "بنى تحتية إرهابية هناك"، وقال إن العملية ستتواصل "لمنع ترسخ الإرهاب وإزالة أي تهديد أمني"، على حدّ قوله.

وأمس، تمدّدت العملية إلى مخيم جنين وسط حملة اعتقالات ودهم المنازل وترويع سكانها وتحويل بعضها إلى ثكنات عسكرية. كما انتشر الفيديو الصادم لإعدام ميداني نفذّه جنود الاحتلال بحق شابين أعزلين في حي جبل أبو ظهير في جنين بعد محاصرتهما داخل منزل لساعات طويلة. ومنذ حرب غزة واسرائيل تحاول تغيير الجغرافيا الفلسطينية مستفيدة من "الدعم" الأميركي من جهة وغياب أي اجراءات عقابية رادعة بحقها. وهو ما يتزامن مع ما يجري في قطاع غزة من تضييق مستمر ومنع دخول المساعدات من أطعمة وأدوية ومستلزمات ضرورية بما ينتهك الاتفاق الذي تم إبرامه، بينما يعيش الأهالي هناك تحت سقوف منازلهم المدمرة أو في خيام مهترئة تفتقر لأدنى مقومات الحياة. ويدفع الوسطاء، أي قطر ومصر وتركيا كما الولايات المتحدة، اسرائيل للشروع في مباحثات المرحلة الثانية.

من جهتها، أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن 3 عوائق تحول دون بدء المرحلة الثانية وهي: استعادة الجثث، مقاتلو رفح والقوة الدولية التي تشهد صعوبات جراء عدم رغبة الكثير من الدول في المشاركة ضمن عديدها بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة. انسانيًا، قال مكتب الإعلام الحكومي في غزة، إن الاحتلال ارتكب منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار 535 خرقا موثقًا، مما أسفر عن 350 شهيدًا ونحو 900 مصاب. في المقابل، أعلنت "منظمة العفو الدولية" أن "إسرائيل تواصل ارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة دون توقف رغم وقف إطلاق النار"، مستندة إلى شهادات عديدة لسكان غزة وعدة دراسات دولية، بما في ذلك من الأمم المتحدة، خَلُصَ إلى أن "إسرائيل تفرض قيودًا شديدة على دخول المواد الغذائية واستعادة الخدمات الأساسية اللازمة لبقاء السكان المدنيين".

إيرانيًا، حذّر المرشد الإيراني علي خامنئي، في خطاب متلفز، من الانقسام الداخلي، داعيًا الإيرانيين إلى الوقوف معًا "بوجه الأعداء"، وقال إن الولايات المتحدة وإسرائيل "فشلتا" في تحقيق أهداف حرب الـ12 يومًا. وأضاف "جاؤوا يرتكبون الإجرام فتلقّوا الضربات وعادوا خالي الوفاض... هذا هو معنى الهزيمة الحقيقي". وفي إشارة إلى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أشار خامنئي إلى أن "مثل هذه الحكومة لا تستحق أن يسعى النظام للتواصل معها أو التعاون معها، قطعًا". وكانت طهران وواشنطن قد قطعتا شوطًا طويلًا من المباحثات بشأن ملف تخصيب اليورانيوم، قبل أن تندلع الحرب بضربات إسرائيلية أعقبتها نيران أميركية استهدفت مواقع نووية. في سياق موازٍ، أعلنت الحكومة الأسترالية، أمس، إدراج "الحرس الثوري الإيراني"، على قائمة المنظمات الإرهابية، على خلفية اتهامه بتدبير هجمات تستهدف مراكز يهودية في مدينتي ملبورن وسيدني.

على الصعيد الدولي، جدّد مدير مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أندريه يرماك، أن بلاده لن توافق على التخلي عن أراضٍ لصالح روسيا مقابل السلام. وقال، في مقابلة اعلامية: "ما دام زيلينسكي رئيسًا، ينبغي ألا يعول أحد على تخليه عن أراضٍ. فهو لن يتنازل عن أراضٍ". هذا وكان مفاوضون أميركيون وأوكرانيون أجروا محادثات في جنيف، يوم الأحد الماضي، بشأن الخطة التي تدعمها واشنطن لإنهاء الحرب بظل العديد من الانتقادات التي تواجهها وأبرزها أنها تصب لصالح موسكو وتعزيز نفوذها الاقليمي بما يتعارض مع الرغبات الأوروبية والاوكرانية على حدٍ سواء. أما بشأن الحادثة التي وقعت بالقرب من البيت الأبيض، فقد حكمت الإدارة الأميركية بما يشبه "العقاب الجماعي" مع إعلانها بأنها ستراجع كل الإقامات الدائمة المعروفة باسم "غرين كارد" لأشخاص من أكثر من 12 دولة.

المستجدات هذه عكستها الصحف العربية الصادرة اليوم. وإليكم موجز عن أبرز ما جاء في عناوينها ومقالاتها:

اعتبرت صحيفة "القدس العربي" أن "الأحداث التي تتالت بعد عملية "طوفان الأقصى" تكشف بشكل واضح، أن الخيار الوحيد الذي تقدّمه إسرائيل للفلسطينيين هو اقتلاعهم من أرضهم عبر التطهير العرقي والإبادة، وأن هذه المنظومة التي لا تشبه دولة استعمار واستيطان أخرى سبقتها ليس لديها مشروع لدمجهم "حتى كمجموعة مقموعة مضطهدة"، مشيرة إلى أن "الفلسطينيين لا يستطيعوا مواجهة خصم إقصائي إبادي ولا أن يشقوا طريقهم للخروج من الاستعصاء بالتصويت والاحتجاج والاضطرابات، ولا حتى بالقتال، لكن كفاحهم أثبت على الأقل قدرتهم على تهديد الاستقرار الإقليمي والدولي، وأجبر الدول على الاستجابة، من خلال المحافل الدولية".

بدورها، أشارت صحيفة "الأهرام" المصرية إلى أن "الوقت حان لمحاصرة التنظيم الاخواني الإرهابي حول العالم واتخاذ كل التدابير التي تساعد فى ملاحقة قياداته المنتشرين في الدول الأوروبية وحول العالم ومحاسبة الدول التي توفر الملاذات الآمنة للإخوان". وخلصت إلى أنه "عند التصنيف الأمريكي المرتقب وصدور القرار الرسمي ضد التنظيم في مصر باعتبارها الدولة التي نشأت فيها هذه الجماعة فسيكون ذلك خطوة كبرى لمنع كل المنتمين للإخوان من دخول الولايات المتحدة بل ومواجهة عناصرهم بالملاحقات القضائية ومنع البنوك من التعامل معهم وفرض عقوبات على الدول أو الشركات والمؤسسات والبنوك التى تتعامل معهم لاجتثاث هذا السرطان من جذوره."، على حدّ تعبيرها.

صحيفة "الخليج" الإماراتية، من جانبها، قالت "يبدو أن لبنان بات أمام خيارين أحلاهما مرّ، هما الاستسلام أو الجحيم، أي الاستسلام لشروط إسرائيل وأمريكا، بنزع سلاح "حزب الله" قبل آخر السنة، أو مواجهة ما هو أسوأ كما حدث في "نموذج غزة". وأضافت "تحاول إسرائيل وبدعم أمريكي واضح استثمار فائض القوة لديها وما تحقق في حروبها في غزة ولبنان على مدى العامين السابقين من إبادة وتدمير، في تحقيق إنجاز عسكري هذه المرة من خلال الضغوط العسكرية المتواصلة على لبنان لإجباره على توقيع اتفاقية تحقق الأمن المطلق لحدودها الشمالية، بالتزامن مع ما تقوم به في جنوب سوريا من احتلال وتوسع وشروط نزع السلاح منه".

في سياق منفصل، رأت صيحفة "اللواء" اللبنانية إلى أن القيمة الحقيقية لزيارة بابا الفاتيكان "لا تكمن فقط في بُعدها الروحي أو الرمزي، بل في ما يمكن أن تُحدثه من دفع دبلوماسي فعلي إذا أحسن لبنان توظيفها". وتابعت "الفاتيكان، رغم محدودية أدواته المباشرة، يملك تأثيرًا معنويًا كبيرًأ على الساحة الدولية، لا سيما مع واشنطن وعواصم القرار الدولي الأخرى، ويستطيع من خلال علاقاته الواسعة أن يُسهم في تخفيف الضغوط على لبنان، سواءٌ عبر التذكير المستمر بحقوقه المشروعة في تحرير أراضيه أوعبر التشجيع على إطلاق مبادرات دولية لحمايته من الاعتداءات المتكررة".

(رصد "عروبة 22")
?

برأيك، ما هو العامل الأكثر تأثيرًا في تردي الواقع العربي؟





الإجابة على السؤال

يتم التصفح الآن