صحافة

النفط السوري.. و"قوة" الاهتمام الأميركي

عدنان كريمة

المشاركة
النفط السوري.. و

بينما قرر الكونغرس الأميركي إلغاءَ قانون العقوبات على سوريا المعروف باسم "قانون قيصر"، تستعد الشركات الأميركية، مدعومةً بقوةِ النفوذ الجيوسياسي للولايات المتحدة، للدخول في استثمار تطوير النفط والغاز في سوريا، متجاوزةً العقودَ الموقعةَ سابقاً بين سوريا والشركات الروسية، وذلك بتنفيذ استراتيجيتها للأمن القومي الجديدة التي تتضمن خمسةَ محاور أساسية، يتصدرها "إعطاء الأولوية لمنطقة الشرق الأوسط".

أما بالنسبة للأسباب، فقد وصفتها الاستراتيجية في المحور الأول بأنها واضحة، حيث "كان الشرق الأوسط لعقود من الزمن أهم مورد للطاقة في العالم، وكان مسرحاً رئيسياً للمنافسة بين القوى العظمى.. مسرحاً مليئاً بالصراعات التي هددت بالانتشار إلى العالم الأوسع، وحتى إلى شواطئنا". وفي المحور الخامس، الذي يحمل عنوان "المصالح الأميركية الأساسية الدائمة"، تشير الاستراتيجية التي أصدرها البيت الأبيض إلى أنه ستكون لأميركا دائماً مصالحُ أساسيةٌ في ضمان عدم وقوع إمدادات الطاقة الشرق أوسطية في أيدي عدو صريح، وبقاء مضيق هرمز والبحر الأحمر مفتوحين وصالحين للملاحة.

وفي هذا السياق لا تزال الأوساط السياسية والاقتصادية تتحدث عن أهمية اللقاء الذي عقد مؤخراً مع الرئيس السوري أحمد الشرع، بحضور وفد من شركة "شيفرون" الأميركية، والمبعوث توم براك وعدد من المسؤولين عن قطاع الطاقة. وقد ناقش المجتمعون التعاونَ في مشاريع الاستكشاف البحري وتقييم الإمكانات الجيولوجية وتبادل الخبرات الفنية. وقد سبقت شركة "شيفرون"، شركة "كونوكو فيليبس" الأميركية أيضاً، والتي وقّعت مذكرةَ تفاهم لتطوير الغاز في الساحل، مع الأخذ بالاعتبار مواجهةَ تحديات تكمن في النزاعات البحرية المحتملة مع كل من تركيا وقبرص.

وفي إطار الدعم العربي، وقّعت دمشق أربع اتفاقيات استراتيجية مع عدد من الشركات السعودية للنفط والغاز، بهدف تطوير الحقول وزيادة كفاءة العمليات الفنية ورفع الطاقة الإنتاجية. وكانت قد سبقتها شركة "دانا غاز" الإماراتية التي وقّعت مذكرةَ تفاهم تمهد لاستثمار عربي في قطاع الطاقة. وتعد هذه الخطوة مؤشراً على ثقة متزايدة في قدرة حقول الغاز والنفط السورية للعودة إلى المشهد الإقليمي.

وتُبرز أهميةُ الغاز، وفق المعلومات الأميركية، أن سوريا تشترك مع دول شرق المتوسط في حوض "ليفانت" الذي يضم احتياطات بـ122 تريليون قدم مكعبة، منها 40 تريليون قدم مكعبة من الغاز قبالة الشواطئ السورية وحدها، مما يجعلها محط اهتمام وتنافس الشركات العالمية. لكن هل هذه التطورات مع الانعطافة الأميركية تكون بمثابة إعلان متقدم لإنهاء دور روسيا في سوريا؟

في الواقع، يحيط الغموضُ مصيرَ ملف عقود النفط والغاز التي وقّعها النظام السوري السابق مع روسيا، في الفترة بين عامي 2013 و2024، وأهمها اتفاقية وقِّعت مع شركة "سويز نفت غاز"، حصلت بموجبها على حق إطلاق أول عملية استكشاف قبالة ساحل طرطوس، على مدى 25 سنة. لكن الشركات الروسية لم تخط أي خطوة تنفيذية طوال السنوات الماضية، نتيجة اصطدامها بعقوبات "قانون قيصر" الأميركي. وقد جرى البحث في ملف العلاقات السورية الروسية، بما فيها عقود الاستثمارات التي تشمل النفط والغاز خلال زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع لموسكو في 15 أكتوبر الماضي ولقائه بالرئيس فلادمير بوتين، من دون الاتفاق على مصير هذه الاستثمارات، سوى متابعة دراسة هذا الملف من قبل لجان مشتركة بين البلدين. 

(الاتحاد الإماراتية)

يتم التصفح الآن