صحافة

التطرف الفكري.. إرهاب أيضًا

سلطان حميد الجسمي

المشاركة
التطرف الفكري.. إرهاب أيضًا

التطرف الفكري، جسر يقود صاحبه إلى الإرهاب الذي يجعل من الإنسان أداة لنشر الكراهية والعنصرية، ويصبح مطية سهلة تستخدمه المنظمات الإرهابية والمتطرفة، لتحقيق أهدافها الشنيعة والإجرامية والإرهابية في حق المجتمعات. وحرق القرآن الكريم في السويد إنما هو عمل إرهابي فكري متطرف، لم يقتصر على منحى شخصي بحت، بل تدخلت الشرطة السويدية بإعطائها تصريحاً، من دون مراعاة لجوهر القانون الذي وضع من أجل استتباب النظام، وسلامة المجتمع وحماية حقوق الجميع.

إنّ هذا العمل الإجرامي البشع، يستفز مشاعر ملايين المسلمين في السويد وفي أوروبا والعالم، خاصة أنه وقع في أول أيام عيد الأضحى المبارك وأمام مسجد ستوكهولم، وهو ما يحتم على المسؤولين العقلاء في السويد منع مثل هذه الجرائم المستفزة، والوقوف في صف السلام والتسامح والاستقرار المجتمعي، والوقوف مع المجتمع العالمي جنباً إلى جنب، لمحاربة التطرف الفكري.

مرّ الشرق الأوسط بظروف سيئة خلال السنوات الأخيرة من حروب وصراعات، وأجبر الكثير من البشر على الهروب والهجرة من بلدانهم، خشية على حياتهم وعلى أسرهم من الموت والقهر والفقر إلى الدول الأوروبية وأمريكا وكندا، إلا أن البعض تم استغلالهم من جانب منظمات متطرفة، لتستخدمهم خدمة لأهدافها ، وهي منظمات عنصرية تنشر الكراهية والعنصرية، وهذه المنظمات المتطرفة تستقطب فقط الفئات المهمشة في المجتمع، والذين لهم سوابق إجرامية والخارجين على القانون وضعفاء القلوب والإيمان، ليكونوا فرائس سهلة، لتحقيق غاياتهم الشنيعة وأهدافهم الإجرامية وغير الأخلاقية في حق البشرية والمجتمعات.

التطرف الفكري يجعل الإنسان أكثر إغراقاً في الكراهية والعنصرية والفكر المنحرف، ويكون سلاحاً فتاكاً في المجتمعات. فالمتطرف الذي أحرق القرآن في السويد، قادر على أن ينشر سمومه في المجتمع السويدي، ويلعب دوراً كبيراً في إشعال نيران الفتة والكراهية بين أتباع الأديان والطوائف من السويديين وغيرهم، وحتى الإساءة إلى العلاقات بين السويد والدول الأخرى، بسبب هذه الأفعال الشنيعة، لأن الإرهاب مثل الأفعى تنشر سمومها بين الدول والشعوب.

لا بد للمجتمعات أن تقف وقفة رجل واحد، وأن تقي شبابه من هذه السموم الفكرية الإرهابية المحرضة على العنف، بحجة حرية التعبير وهي في الحقيقة تنشر التعصب ضد الأديان وحرق الكتب المقدسة وتشويه صورة الدول التي يبث منها سمومه.

الدول التي تصدت وحاربت الفكر المتطرف، هي الدول الأكثر نمواً في العالم، والأكثر تطوراً في جميع قطاعاتها، سواء من الناحية الاقتصادية أو السياحية أو الصحية أو التعليمية، ودولة الإمارات هي إحدى هذه الدول، فهي واحة للسلام والاستقرار، وقد أصدرت بفضل القيادة الرشيدة الحكيمة في عام 2015 قانون «مكافحة التمييز والكراهية»، والذي يقضي بتجريم كافة الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها ومكافحة جميع أشكال التمييز، ونبذ خطاب الكراهية عبر جميع الطرق والوسائل، بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي.

ووفقاً لنص المرسوم فإنه يتم تجريم كل من يقوم بالإساءة إلى الأديان، أو إحدى شعائرها أو مقدساتها أو تجريحها، أو التطاول عليها أو السخرية منها أو المساس بها. كما يجرم القانون التعدي على أي من الكتب السماوية بالتحريف أو الإتلاف أو التدنيس أو الإساءة بأي شكل من الأشكال، إلى جانب تجريم التخريب أو الإتلاف أو الإساءة أو التدنيس لدور العبادة أو المقابر، وهذا القانون يعتبر رادعاً لكل من تسول له نفسه التحريض على الأديان، وكتبها المقدسة، ويحمي المجتمع من التطرف الفكري.

(الخليج)

يتم التصفح الآن