ما يحدث من عدوان إسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وسط دعم غربي كبير للمعتدي الإسرائيلي وكأن الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة تكافئ المجرم على إجرامه وتمنحه الدعم العسكري والسياسي لتنفيذ مخططاته بحق الشعب الفلسطيني، وكانت جرائم العدوان المستمرة كاشفة عن المعايير العالمية المزدوجة من هذه الدول التي ترى بعينيها احتراق غزة وتدميرها فوق رؤوس سكانها من المدنيين في ظل فرض الحصار الكامل على المواطنين، بقطع الكهرباء والمياه والوقود والغذاء والدواء وصولا لرفض علاج المصابين، وللأسف تشن الحكومة الإسرائيلية المتطرفة حربها بمباركة الغرب فاقد الإنسانية وداعم الدمار وسفك دماء الأبرياء.
ما حدث فجر السبت الماضي من هجوم نفذته الفصائل الفلسطينية هو حق شرعي لكل فلسطيني وسوري ولبناني تحتل أراضيه من جانب الكيان الصهيوني، فالقانون الدولي يمنح حق الدفاع عن الأرض والعرض ومواجهة مغتصبي الأرض والمحتلين لها، وهذا دور كل فلسطيني وحان الوقت لتأجيل أي خلافات بين الفصائل لتتوحد من أجل هدفها الوحيد لمواجهة العدوان الإسرائيلي الغاشم في الحرب البربرية التي يشنها على أهل غزة، بعد أن لقن نتنياهو درسًا وتعرض للإهانة بسبب الفشل العسكري والمخابراتي، وظهر أن الجيش الإسرائيلي لا يملك حتى المعلومات المسبقة أو أي توقعات عن قدرة الفصائل الفلسطينية في تنفيذ مثل هذه العمليات النوعية وامتلاكها طائرات دون طيار ومنظومة دفاع جوي، والقدرة على التدريب فترة طويلة وإخفاء هذه التدريبات حتى فوجئ الكيان الصهيوني بكشف منظوماته الأمنية والعسكرية، وفتح السياج الحديدي على الحدود ودخول المئات من عناصر الفصائل إلى الأراضي المحتلة، وتنفيذ الهجمات، بل والسيطرة على مواقع عسكرية وأمنية والعديد من المستوطنات.
حق الدفاع عن الأرض لتحريرها واجب على كل فلسطيني، ويظل محافظا على أرضه وألا يستجيب لدعوات النزوح من غزة، وهذه النوعية من المطالبات بتهجير الشعب الفلسطيني عن أراضيه تعني إغلاق ملف القضية للأبد، وهذا ما تتمناه إسرائيل والولايات المتحدة وفق نظرية التوسعات الاستعمارية، ومن هنا فإن السيادة المصرية ليست مستباحة، وأشير هنا لما ذكره إيلي زعيرا مدير المخابرات العسكرية الإسرائيلية بعد انتصار مصر المذهل في أكتوبر 1973 إذ قال: المواجهة بين الدول العربية وإسرائيل من الممكن أن تتكرر في المستقبل، وفي ظل ظروف أسوأ من ظروف 6 أكتوبر، وتساءل هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية الأسبق: منذ متى كانت سيناء مصرية. ليس هناك أفضل من قناة السويس ونهر الأردن كخطوط دفاع عن إسرائيل، كان ذلك قبل أن يلقنهم الجيش المصري درسا لن ينسوه قبل 50 عاما، ولا يمكن في أي وقت أن يدور الحديث عن مسألة توطين الفلسطينيين في سيناء، والتي حررناها بدماء الشهداء في أكتوبر 1973 وطهرناها من الإرهاب الذي انتشر طوال 10 سنوات كاملة.
وأصبحت مصر وقواتها المسلحة حاليا لديها الإمكانات والقدرات الهائلة لردع من يفكر في استباحة السيادة المصرية، وظهر للعالم كله الأهمية والتأثير لمصر، والتي كانت هي مركز التحركات والاتصالات على مدى الأيام الماضية، فالكل يتحدث مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، قادة العالم شرقا وغربا من أجل تحرك مصر لوقف العمليات العسكرية والتفاوض حول الأسرى الإسرائيليين والجنسيات المختلفة، والذين نقلوا لقطاع غزة، فمصر تقع عليها مسؤولية كبرى، ومنذ السبت الماضي، تحركت مصر بشكل عاجل من خلال الرئيس السيسي مع قادة العالم ووزير الخارحية سامح شكري مع وزراء خارجية الدول الأوروبية والولايات المتحدة وروسيا والدول العربية وتركيا، وتأتي التحركات المصرية من أجل الحل الجذري لهذه القضية بإقامة دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وما نراه من المجتمع الدولي وصمته على جرائم الاحتلال الإسرائيلي، والتي ارتكبت وترتكب جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني، يؤكد أن العالم الغربي والولايات المتحدة يساعدان بل ويشجعان الاحتلال لارتكاب المزيد من سفك الدماء دون مساءلة، كل المؤشرات تذهب إلى الانفجار مع التدمير الشامل الذي ترتكبه سلطات الاحتلال بغزة وقد نكون أمام معركة طويلة وخسائرها ستكون كبيرة على الشعب الفلسطيني والمحتل الإسرائيلي.
("الأهرام") المصرية