مجزرة «جنين».. وأوهام السلام

بحسب ما نشرته صحيفة الشرق الأوسط يوم أمس (الثلاثاء)، يقول رون بن يشاي المحلل العسكري والأمني لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن العملية الحالية في جنين تستهدف تنفيذ إستراتيجية جديدة للجيش الإسرائيلي تقوم على حرية العمل، ويُقصد بها أن أي عملية اقتحام في مخيم جنين تعني الدخول من دون إنذار مسبق، ولترجمة ذلك على الواقع شارك في العملية الإسرائيلية الواسعة أكثر من ألف جندي إسرائيلي، معززين بآليات ثقيلة قامت بهدم وتدمير وتجريف شوارع ومنازل بالطائرات التي شاركت في قصف مواقع عديدة، مما دفع أكثر من 5,000 فلسطيني إلى مغادرة منازلهم، في أشرس هجوم على المخيم منذ حوالى 20 عامًا.

هذه العملية البربرية أعطت الحكومة الإسرائيلية للجيش كامل الصلاحيات لتنفيذها، والسبب كالعادة ادعاءات مكافحة الإرهاب، لكنها عملية مخطّط لها منذ عام، ولنا أن نتصور جيشًا ضخمًا متوحشًا مجهزًا بأحدث العدة والعتاد ومعبأً بالكراهية يهاجم مخيمًا أعزل ويعاقب كل ساكنيه العزّل بشكل جماعي بشع، في عملية خططت لها ونفذتها كل أجهزة الجيش.

وكالعادة، أمريكا تصرح بتضامنها مع إسرائيل وحقها في حمايته، وما دامت أمريكا تقول ذلك فالمجتمع الدولي يصبح أصمًا أبكم أمام هذه البربرية العلنية المتكررة، فأيّ سلام يمكن أن يتحقق مع كيان بهذا الصلف، يمارس القتل والتهجير والهدم والتجريف بحق شعب تكالبت عليه النكبات من خارجه وداخله، وكيف ما زال رعاته يتحدثون عن إمكانية السلام، بل والتطبيع وهو يتحدى مشاعر كل العرب بمثل هذه الممارسات المتكررة بما تحمله من دلالات ورسائل.

المبدأ لا يختلف لدى أي حكومة إسرائيلية، من اليمين أو اليسار، التكتيك والتوقيت والذرائع هي التي تختلف أحيانًا، وهي ذرائع جائرة فمهما كانت الاستفزازات التي تدّعيها إسرائيل فإنها لا تبرّر دخول جيش نظامي في حرب مع لاجئين احتلّت أرضهم، ويعيشون في أسوأ وأقسى ظروف الحياة. فهل ما زال هناك من يظنّ أنّ هذا الكيان المغتصب الذي يقوم على الآلة العسكرية يستطيع أن يكون عنصر سلام في المنطقة.

(عكاظ)

يتم التصفح الآن