هل محاولات تهجير الفلسطينيين من غزّة إلى سيناء المصرية حقيقة أم مجرد أوهام وتخيلات ومخاوف في عقول المصريين كما يدعي البعض بما فيهم مصريون للأسف؟!
قبل العدوان الإسرائيلي البربري على قطاع غزة منذ ٧ أكتوبر الحالي عقب عملية «طوفان الأقصى»، كان الكثير منا يتعامل مع فكرة الوطن البديل للفلسطينيين وتهجيرهم من أرضهم وتصفية قضيتهم للأبد، على أساس أنها مجرد شكوك وهواجس، موجودة فقط في عقول أصحاب نظرية المؤامرة العرب، وبعض غلاة المتطرفين الصهاينة في إسرائيل.
لكن وفي اليوم التالي للعدوان الإسرائيلي سمعنا وشاهدنا أكثر من مسؤول إسرائيلي وأحدهم كان الناطق باسم جيش الاحتلال يقول لأهالي غزة خصوصا قطاع الشمال: «فروا إلى الجنوب إلى مصر حتى تنقذوا أرواحكم».
وسمعنا أيضا أكثر من مسؤول إسرائيلي حالي وسابق يستعجبون لماذا لا تقبل مصر استقبال الفلسطينيين رغم أن إجمالي عددهم في غزة يساوي تقريبا عدد المواليد الجدد المصريين سنويا؟!
وبعض هؤلاء تبجح قائلا: إذا قبلت مصر استقبال المهجرين فسوف نساعدها على إسقاط كل ديونها الدولارية! وكأن مصر تبيع سيادتها وكرامتها وأمنها واستقرارها مقابل هذه الديون؟!
لكن التقرير الإسرائيلي الأول في هذا المجال هو التقرير الذي بثته القناة السابعة للتليفزيون الإسرائيلي وأعده مراسلها تساحي ليفي يوم ٢٠ أكتوبر الحالي.
وسأحاول أن أعرض فقرات كاملة من هذا التقرير المسيء حتى يعرف المصريون والعرب كيف تنظر لنا إسرائيل!
يقول ليفي في التقرير، إن هناك معركة دبلوماسية حامية الوطيس بين إسرائيل ومصر وستقرر مستقبل غزة والحرب في المنطقة. وجوهرها هل ستنجح إسرائيل في رمي سكان غزة في سيناء مقابل سلسلة من المزايا الاقتصادية أم تنجح مصر في منع ذلك؟!!
هو يقول: «المصريون يرفضون فتح المعبر حتى أمام سكان غزة من مواطني الدول الأجنبية، ويطالبون في المقابل بإدخال مساعدات مدنية لمنع حدوث أزمة إنسانية وموجة من اللاجئين التي تخشاها مصر».
وتابع: «أمامنا (معركة دجاج) دبلوماسية، يمكن للفائز فيها أن يقرر الحرب بأكملها».
وأضاف: «في ضوء هذا الاستنتاج فإن إعادة توطين سكان قطاع غزة في مصر يجب أن يصبح هدفا سياسيا لإسرائيل.
ويزعم هذا المراسل كاذبا: «إن هذا هو الحل الأكثر إنسانية بالنسبة لإسرائيل أو بالنسبة لسكان غزة، الذين يريد معظمهم الهجرة من القطاع هربا من سجن حماس.
ويسأل ليفي متغابيا: «لماذا تقاوم مصر هذا الاقتراح؟»، مجيبا: «بالنسبة للمصريين، خسارة القطاع هي مشكلة استراتيجية. بالنسبة لمصر، لأن مصر من وجهة نظره تعتبر غزة موقعا متقدما يشتبك مع قوات الجيش الإسرائيلي في الجنوب، ويزعج إسرائيل ويمنعها من تعزيز قوتها.
يضيف ليفي أن مصر تواصل تعزيز قوتها العسكرية والاقتصادية وتشيد البنية التحتية والأنفاق في سيناء. وهو ما يعني أنها تعتبر إسرائيل التهديد الرئيسي، لمصر رغم اتفاق السلام.
وحول كيفية نقل سكان غزة لمصر، قال ليفي: «يجب على إسرائيل استغلال الأزمة الاقتصادية الحادة في مصر لصالح تقديم المساعدات الدولية لها مقابل استيعاب سكان غزة. ويفصل في الأمر بقوله: «في المرحلة الأولى، تحتاج إسرائيل إلى زيادة الضغط الإنساني على قطاع غزة حتى يتمكن في نهاية المطاف مئات الآلاف من الجياع والعطشى من سكانه من عبور معبر رفح».
وتابع: «في المرحلة الثانية، عندما تواجه مصر الحقيقة النهائية المتمثلة في تدفق اللاجئين إلى أراضيها، يوصي بأن تقوم إسرائيل والولايات المتحدة بتنظيم المجتمع الدولي، والأونروا، وصندوق النقد الدولي، لتدفق المساعدات الاقتصادية إلى مصر، وتمكين استيعاب بعض الغزيين في مصر».
ويزعم كاذبا: «إن النجاح في التهجير سيختصر الحرب وبالتالي يقلل من خطر فتح المزيد من الجبهات».
واختتم تقريره قائلا: «في الشرق الأوسط، لا تتم الأعمال إلا مع الأقوياء، ويتعين على إسرائيل أن تغتنم الفرصة لاستعراض القوة، في حين تعمل على تغيير الشرق الأوسط لأجيال عديدة».
انتهى كلام المراسل الإسرائيلي ومن المهم الإشارة إلى أن ما يقوله هذا الكذاب ليس فرديا بل يعبر عن مزاج إسرائيلي عام، بل عن خطط موجودة في الأدراج منذ عقود وتنتظر فقط الظروف المناسبة للتنفيذ، وقد رأينا مراكز أبحاث إسرائيلية وغربية تدرس الموضوع وتروج له.
والسؤال: كيف نتعامل مع هذه المخططات بالطريقة المناسبة؟. هذا سؤال يحتاج إلى نقاش معمق على جميع المستويات.
("الشروق") المصرية