وأمام هول مجازر إسرائيل وخبث خططها التدميرية التهجيرية المدعومة أميركيًا وغربيًا في قطاع غزّة، وإعطاء إيران "الضوء الأخضر" لأذرعها العسكرية المتموضعة على الساحات العربية كي تطلق مناوشات حربية "مضبوطة الإيقاع" على أكثر من جبهة إقليمية في مواجهة القواعد العسكرية الأميركية والمواقع الإسرائيلية، يكاد يخال المتابع للمشهد أنّ قضية العرب المركزية، فلسطين، انتقلت راية الدفاع عنها من الكتف العربي إلى الكتف الإيراني، وأنّ دور العرب بات يقتصر على رفض تهجير فلسطينيي الغزة إلى سيناء، وفلسطينيي الضفة إلى الأردن!
إنطلاقًا من ذلك، تأتي أهمية القمة العربية الطارئة، التي ستُعقد في الرياض في 11 تشرين الثاني الجاري، بحيث تشدّد مصادر فلسطينية معنيّة، عبر "عروبة 22"، على "الحاجة المُلحّة والأهمية القصوى لاستعادة العرب الملف الفلسطيني وإعادة تكريس عروبة القضية الفلسطينية، في مواجهة محاولات تصفية هذه القضية من الجانب الإسرائيلي الغربي من جهة، ومحاولات الإستثمار الإقليمية في الدماء الفلسطينية والعربية من جهة أخرى".
وفي قراءتها للمعطيات المتوافرة والمتواترة من العواصم العربية، ترى المصادر الفلسطينية أنّ "مواقف الدول العربية مشجّعة، لكنها لا تزال دون السقف المطلوب، لا سيّما وأن هذه الدول قادرة على تحقيق نتائج حاسمة وإيجابية إذا ما كانت موحّدة في الرؤية والعمل"، موضحةً أنه "من الضروري العمل على ترجمة الإنجاز الذي تحقق ميدانيًا في عملية "طوفان الأقصى" على المستوى السياسي بما يخدم القضية الفلسطينية والأمن القومي العربي ككل، نظرًا إلى كون ما حصل وضع الكيان الإسرائيلي والمجتمع الدولي أمام مأزق خطير قد يفتح الباب أمام حلول سياسية جذرية للصراع إذا ما تم التعاطي مع المستجدات الراهنة بكثير من الصلابة والحكمة في إحباط المخططات الإسرائيلية، والعمل على استمالة الرأي العام الدولي لنصرة الحق الفلسطيني وانتزاع كل المبررات التي من الممكن أن تساعد تل أبيب في إعادة تقديم نفسها بصورة "الضحية" بعدما تكشّفت صورتها الوحشية والدموية الحقيقية أمام شعوب العالم".
لذلك، تشدد المصادر نفسها على أهمية دحض كل بروبغندا "الحق في الدفاع عن النفس" التي تقودها إسرائيل في المحافل الغربية والأممية والدولية لتبرير عدوانها الهمجي على قطاع غزة، وضرورة إعادة تسليط الضوء على حق الفلسطينيين المشروع في مقاومة الاحتلال بموجب القوانين والمواثيق الدولية والتصدي بالتالي لكل محاولات التشبيه بين فصائل المقاومة الفلسطينية والتنظيمات الإرهابية، أو بين ما حصل في 7 أكتوبر والهجمات الإرهابية التي وقعت في نيويورك في 11 أيلول من العام 2001.
أما على المقلب الفلسطيني، فتؤكد المصادر أنه أمام "اللحظة المفصلية والمخاطر التي تواجه القضية الفلسطينية والتي تفرض على القادة العرب اتخاذ مواقف موحّدة وحاسمة في استعادة "عروبة القصية"، لا بد للفلسطينيين، بدورهم أيضًا، العمل على تظهير وحدة الموقف الفلسطيني الذي يشكّل "حجر الأساس" في استعادة الحقوق وتحرير الأرض بعيدًا عن الخلافات والمزايدات وكل أشكال التشرذم التي لم توصل إلا إلى تشريع الأبواب أكثر فأكثر أمام إمعان الاحتلال في استباحة الأراضي الفلسطينية واستثمار القوى الخارجية، الإقليمية والدولية، في معاناة الشعب الفلسطيني المستمرة منذ 75 عامًا".
وفي المعلومات المتصلة بالتحضيرات الجارية بين العواصم العربية لانعقاد قمة الرياض المرتقبة، تشير مصادر واسعة الاطلاع إلى "تكثيف الاتصالات العربية البينيّة في سبيل الخروج بموقف حازم وحاسم في رفض أي شكل جديد من مشاريع "الترانسفير" والتهجير للفلسطينيين، إلى جانب التركيز على وجوب الضغط لوقف إطلاق النار واحترام مبادئ القانون الإنساني الدولي، توصلًا إلى العودة إلى مسار المفاوضات القائم على "حل الدولتين"، ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته في هذا المجال".
وتؤكد المصادر نفسها لـ"عروبة 22" أنّ "القمة العربية الطارئة ستتبنّى وتدعم بشكل تام الموقفين المصري والأردني في إحباط المخطط الإسرائيلي التهجيري للفلسطينيين، بموازاة التأكيد على أهمية الصمود الفلسطيني على أرض فلسطين في إفشال هذا المخطط"، مع الإشارة في الوقت عينه إلى "ضرورة عدم التقليل من تداعيات استمرار الانحياز الأميركي والغربي الأعمى لتل أبيب على مسار العلاقات العربية الغربية عمومًا، وعلى جهود الإدارة الأميركية تحديدًا في تطبيع العلاقات العربية مع اٍسرائيل بما يؤكد استحالة عزل العرب عن قضيتهم المركزية والاستفراد بالفلسطينيين لتصفية قضيتهم... وهذه هي الرسالة الأساس التي ينبغي أن توصلها القمة العربية بصورة واضحة وحازمة إلى واشنطن وسائر عواصم العالم".
(خاص "عروبة 22")