كيان يزعم أنه دولة، ويتصرف تصرف عصابات ويرتكب جرائم غير مسبوقة حتى في تاريخ الإجرام.. كيف نتوقع منه احترام المواثيق والمعاهدات والقانون الدولي؟.. عن أي قانون دولي نتحدث مع حكومة يمينية متطرفة عقيدتها القتل والاجرام وتهويد جميع الأراضي الفلسطينية المغتصبة؟.
اسرائيل لم تستثن في حرب الابادة التي تمعن بها في غزة وعلى مرأى ومشهد من العالم، لم تستثن طفلا ولا امراة ولا شيخا ولم تستثن مسجدا ولا كنيسة ولا مستشفى ولا مدرسة ولا صحفيا ولا ممرضا أو طبيبا.. وبعد كل ما جرى ويجري، هل تتوقعون من هذه الحكومة أن تراعي المقدسات الاسلامية والمسيحية في قدس الأقداس؟ وهي تسمح بدخول قطعان المستوطنين وجنود الاحتلال ببساطيرهم داخل المسجد الأقصى.. هل تراعي مثل هذه الحكومة العهود والمواثيق؟.
اطلاق الدعوات من قبل ما يسمى بمنظمات الهيكل ومن يدور في فلكها من المتطرفين بخصوص عمل وشرعية وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في المسجد الأقصى، اضافة الى المخطط الذي أعلنت عنه جماعات صهيونية دينية متطرفة لتنظيم ودعم مسيرة تستهدف المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف..
وذريعة الاعياد اليهودية، ومنها عيد الحانوكا الذي تحتفل به منظمات وجماعات الهيكل، منذ الأمس الأول، ما كل ذلك الا ذريعة استعمارية لتنفيذ المخططات الصهيونية، بما فيها هدم المسجد الأقصى، وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه، لكيان لا يؤمن ولا يريد السلام ولا حلّ الدولتين.
كل هذه الأفعال ليست مستغربة في هذا التوقيت بالتحديد، لأنه استمرار لانتهاكات سابقة وهو الآن يتم في مرحلة «الفوضى» التي تخلقها الحكومة اليمينية المتطرفة في اسرائيل كرد على «طوفان الأقصى»..هذه الحكومة التي تتوسع بتسليح المستوطنين في الضفة وفي المدينة المقدسة وتطلق لهم العنان لقتل الفلسطينيين، هي تستغل فرصة العدوان الغاشم على قطاع غزة وتعد لتوسيع رقعة الحرب بالعدوان على الفلسطينيين في الضفة ومواصلة الاعتداءات على المسجد الأقصى المبارك، الحرم القدسي الشريف.
- اسرائيل تعمي بصرها عن حقائق تؤكد:
1 - أن الوصاية الهاشمية تاريخية تحميها مواثيق وعهود تمتد لاكثر من مئة عام.
2 - المادة التاسعة من معاهدة السلام بين الأردن واسرائيل نصّت وبكل وضوح على «اعتراف واحترام إسرائيل للدور الأردني القائم على الأماكن المقدسة في القدس الشريف من الناحية التاريخية والدينية.»
3 - «الهاشميون واعمار المقدسات ممتد منذ نحو مئة عام»، وتحديدا فان الإعمار الهاشمي الأول كان عام 1924 على يد الشريف الحسين بن علي «تشكل بموجبه الوصاية على المقدسات والبيعة للشريف حسين من أهل فلسطين أصحاب الأرض والحق».
- هذه حقائق تعترف بها القوانين والمنظمات الدولية، ومنها قرارات الأمم المتحدة واليونسكو تحديدا، والتي أكدت أن المسجد الأقصى المبارك، الحرم القدسي الشريف، ملك إسلامي خالص ولا علاقة لليهود به، ولذلك فان الوصاية الهاشمية كانت وستبقى مستمرة بالحفاظ على هوية المسجد الأقصى بصفته مسجدًا إسلاميًّا خالصًا بكل مساحاته البالغة 144 دونمًا، ولا يقبل الشراكة ولا التقسيم.
- على الحكومة الاسرائيلية المتطرفة أن تدرك تماما مغبّة وخطورة اطلاق يد المستوطنين المتطرفين والاقتراب من الخطوط الحمراء وتجاوزها، فالمسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف وجميع المقدسات الاسلامية والمسيحية هي خطوط حمراء، ليس من صالح اسرائيل أن تتجاوزها وتحديدا في هذا الظرف الذي باتت تتكشف فيه مخططاتها أمام العالم الذي - وان لم تحرك كثير من حكوماته ساكنا - الا أن الوضع سيتغير مع مزيد من ضغوط الشارع عليها جرّاء استمرار اسرائيل في تعنتها واعتداءاتها في غزة والضفة والقدس.
- اسرائيل تريد توسعة الحرب في المنطقة، ولا تلتفت حتى للنداءات والرغبات الامريكية بعدم توسيع الحرب في الاقليم، الا أن اسرائيل تجد بالدعم الامريكي والغربي منقطع النظير فرصة لتحقيق أهدافها وخططها في:» التهجير -وتهويد الدولة - وهدم الأقصى -..وغير ذلك من المخططات.
باختصار: على الولايات المتحدة - التي ربما تتمنى الخروج سريعا من الورطة التي أقحمتها بها اسرائيل وهي في عام الانتخابات الامريكية 2024 - أن تضغط على ربيبتها اسرائيل من أجل: وقف اعتداءاتها فورا على غزة - ووقف اعتداءاتها على الضفة والقدس - ومنع تسليح المستوطنين وكبح عدوانهم على الضفة والقدس - وأخيرا وليس آخرا: الوصاية الهاشمية على المقدسات «خط أحمر».
("الدستور") الأردنية