تهديد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بـ«اتخاذ ما يلزم» لمنع إيران من حصولها على السلاح النووي، ليس سوى مجرد كلام في الهواء، واستمرار لمحاولة «تخدير» المنطقة، وهذه التهديدات اللفظية يمتد عمرها لسنوات طويلة.
ولعلّ التقرير الأحدث للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بشأن استمرار تخصيب إيران لليورانيوم، هو ما أثار حفيظة إسرائيل، وأنطق لسان رئيس وزرائها بذلك التهديد، الذي أظنه جاء في الوقت الضائع، حيث أشار تقرير الوكالة إلى أن إيران لديها مخزون من اليورانيوم المخصّب يكفيها لإنتاج قنبلتين نوويتين، حيث ارتفع هذا المخزون -بحسب التقرير- إلى نحو طن، بنسبة تفوق 25% منذ فبراير الماضي.
إسرائيل لو كانت تريد أن «تتخذ ما يلزم» كما ادعى رئيس وزرائها ضد إيران لعدم امتلاكها سلاحاً نووياً، لفعلت «هذا الذي يلزم» منذ سنوات، كما فعلت بالضبط في العراق في بداية الثمانينات عندما قصفت مفاعل تموز النووي البحثي، الذي كان مخصصاً لبحوث نووية فقط، وليس لتصنيع قنبلة كما تفعله إيران الآن، ومع ذلك لم يسلم هذا المفاعل العراقي الذي وأدته إسرائيل وسوته مع التراب لمجرد أن العراق «فكر» في جعل هذا المفاعل مركزاً للبحث العلمي في المجال النووي.
أما في الطرف الآخر، وأقصد إيران فهي لديها حالياً مخزون لإنتاج قنبلتين نوويتين، كما أشار تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومع ذلك لاتزال إسرائيل تهدّد بـ«اتخاذ ما يلزم»، وأكاد أكون متيقناً أن «ما يلزم» لن يأتي أبداً إسرائيل، التي يُقال عنها ما يُقال من تعاونها من تحت الطاولة مع إيران، وأن كلا الطرفين على وفاق تام، ولكن أمام عدسات الكاميرات، وفي فضاء الإعلام فكلا الطرفين يُظهران للآخرين أنهما عدوّان كبيران.
المُضحك المُبكي فيما يحدث بين إسرائيل وإيران، أن هناك عاملاً مشتركاً بينهما، رغم كل التهديدات التي تُظهر العداوة والبغضاء بينهما، وهذا العامل المشترك أو لِنَقُل الضحية المشتركة، هي الأمة العربية، فإسرائيل تُهدّد إيران ولكن سلاحها تفتك به الشعب الفلسطيني الشقيق، وإيران في المقابل تُهدّد بتدمير إسرائيل أو محوها من على الوجود كما ادّعت من قَبْل، ولكنّ دمار إيران أصاب أربع دول عربية، من بينها سوريا ولبنان التي تقع إسرائيل المحتلة لفلسطين بينهما.
إذن، فإن تهديدات كلا الطرفين للآخر، لا تعدو عن كونها مجرد فرقعات إعلامية، هدفها تخدير أكثر لمن يصدّقهما، وأن من يظنّ أن أحد الطرفين قادر على محو الآخر من على الوجود فهو في اعتقادي واهِم.
الوطن