صحافة

استهداف فلسطين التدريجي

حمادة فراعنة

المشاركة
استهداف فلسطين التدريجي

بروز «العدو الفلسطيني»، في نظر بيني غانتس، الذي كان يقود المعارضة مع يائير لبيد وليبرمان ضد حكومة نتنياهو، بروز هذا العدو على أثر مبادرة 7 أكتوبر الكفاحية، دفعه للانتقال من موقع المعارضة إلى موقع الأئتلاف الحكومي، فالأولوية بالنسبة له، كما هو اليمين السياسي والديني الإسرائيلي المتطرف:

1- الحفاظ على أمن المستعمرة وتفوقها، واستمرارية عملها وبرنامجها التوسعي في بلع فلسطين، وخاصة: القدس الموحدة عاصمة للمستعمرة، وأن تكون الضفة الفلسطينية وتبقى يهودا والسامرة كجزء من خارطة المستعمرة التوسعية.

2- ضرب وإضعاف وإنهاء أي مظهر من مظاهر المقاومة الفلسطينية وخاصة بعد عملية 7 تشرين أول أكتوبر 2023.

لا ينسجم بيني غانتس مع نتنياهو، ويختلف معه، ويتهمه بالأنانية والذاتية، والتهرب من اتهامات الفساد والمحاكمة، وعمل على إسقاطه من موقع المعارضة واسهامه في قيادة المظاهرات الاحتجاجية الأسبوعية بالتعاون مع حليفيه يائير لبيد وليبرمان، ولكنه تخلى عنهما، والتحق بحكومة نتنياهو وزيراً معه وعضواً في مجلس الحرب، من أجل أمن «المستعمرة» في مواجهة العدو المشترك: «العدو الفلسطيني».

وهو درس بليغ لعل قيادات فتح وحماس وباقي الفصائل يتعلمون من عدوهم الموحد، حيث لا عدو للفلسطينيين سوى المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي الذي يعمل على عبرنة كامل خارطة فلسطين وأسرلتها وتهويدها بالاستيطان، ومنع أي حل واقعي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أقول الواقعي وليس الحل العادل، فالحل العادل مختفٍ عن الطاولة، لصالح الحل الواقعي، حل الدولتين، وهم يعملون ضد الحل الواقعي لصالح الحل الوحيد الذي يعملون لأجله، ألا وهو الحل الإسرائيلي، أي بلع فلسطين وتحويلها إلى مستعمرة واحدة على كامل خارطتها باستثناء قطاع غزة، حيث عملوا وساعدوا على تعزيز الانقسام وتغذيته بالخدمات باتجاه استمراريته والحفاظ عليه.

الحل الواقعي، حل الدولتين، بات مرفوضاً ومعلناً من الفريق الأئتلافي الذي يقود المستعمرة، فريق نتنياهو وبن غفير وسموترتش والتحق بهم بيني غانتس، وبات واضحاً مرئياً أن هذا الفريق يرى ويجد أن وجود 7 ملايين عربي فلسطيني على كامل أرض فلسطين، أو خمسة ملايين، بدون قطاع غزة وأهلها لا يمكن قيام واستقرار وثبات «دولة يهودية» على أرض فلسطين، وهذا ما يُفسر همجية وعدوانية وشراسة الهجوم التدميري الدموي بالقتل المباشر للمدنيين الفلسطينيين على كامل قطاع غزة، فالحل بالنسبة لهم لمعالجة الوضع الديمغرافي السكاني الشعبي الفلسطيني هو القتل دفعاً للتهجير كما فعلوا عام 1948، بطرد نصف الشعب الفلسطيني من مدنه وقراه في ذلك الوقت، وإرغامهم على التشرد والرحيل نحو اللجوء خارج فلسطين، نحو لبنان وسوريا والأردن آنذاك.

هجومهم المتطرف تحت حجة «حق الدفاع عن النفس» الأميركية العنوان المبرر الذي قدمته واشنطن لقوات المستعمرة غطاء لأفعال جرائمها، هو السلوك التدميري التهجيري لاستكمال ما فعلته المستعمرة عام 1948.

مهما قيل، ومهما سعت كل منهما: فتح وحماس، تقديم الأعذار، وكل منهما رمى الكرة والمسؤولية نحو الآخر، حجج مكشوفة استئثارية، فالاحتلال يستفرد بهما على الدور، يستفرد بالقدس، يستفرد بالضفة، يستفرد بالقطاع، وهو يستهدف الكل الفلسطيني، ويستفرد بفتح ثم ينتقل إلى حماس، ويستفرد بحركة الجهاد كما فعل خلال السنتين الماضيتين في اغتيال أغلبية قيادات الجهاد، وها هو يسعى نحو اغتيال كامل حركة حماس، لذا على الكل الفلسطيني أن يتعلم، من عدوه ويفهم مقصده، يستهدف الكل الفلسطيني على دفعات وبالتدريج المرحلي.

("الدستور") الأردنية

يتم التصفح الآن