صحافة

مرحلة جديدة : "الحرب الاستخباراتية"

عوني الداوود

المشاركة
مرحلة جديدة :

بغض النظر عن جولة وزير الخارجية الأمريكي توني بلينكن في المنطقة، والتي تعدّ (الرابعة منذ اندلاع الحرب على غزة)، وما تحمله من سيناريوهات للمرحلة القادمة.. إلا أن المشهد في الأيام الماضية، وبعد نحو 3 أشهر على العدوان على غزة، يظهر أن الحرب قد انتقلت الى مرحلة جديدة تعتمد أكثر على المعلومات الاستخباراتية باستخدام تقنيات تجسس هي الاحدث في العالم دون الاستغناء عن العنصر البشري فيما يمكن تسميته «بحرب الجواسيس» من أجل تحقيق الاهداف المعلنة في حرب العدوان على غزة.

اسرائيل ومنذ 7 اكتوبر/ تشرين الاول 2023 وضعت هدفين للحرب الوجودية -كما أسمتها-.. الأول: القضاء على حماس، وقد فشلت في ذلك فشلا ذريعا باعترافها وعلى مرأى من العالم، بل صارت تتراجع في معظم تصريحاتها وتصريحات المسؤولين الامريكيين، لأن تحقيق ذلك الهدف مستحيل ولان حماس فكر لا يزول باستشهاد القادة ولا حتى المنتسبين والمؤمنين بفكر حماس كحركة «مقاومة».

الهدف الثاني: تحرير الرهائن والأسرى بقوة السلاح، وهذا الهدف فشلت اسرائيل وبدعم قوى العالم وفي مقدمتها امريكا في تحقيقه.. ولذلك فهي - وبعد 3 أشهر من بدء العدوان على غزة - باتت تبحث عن «صورة نصر» علّها تجدها في الهدف الثالث الذي أضافته وهو: القضاء على قادة حماس في غزّة وبمقدمتهم يحيى السنوار ومحمد ضيف، وقد فشلت في ذلك أيضا.. ولهذا بات البحث عن «صورة نصر خارج حدود غزة » .. وهنا لا بد من الاشارة والتذكير بما يلي:

1 - في 22 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أعلن نتنياهو إصدار تعليماته للموساد بالعمل ضد قادة (حماس) أينما كانوا.

2 - في 30 نوفمبر/تشرين الثاني عقد اجتماع «استخباراتي» رفيع المستوى استضافته العاصمة القطرية الدوحة للبحث بموضوع «الرهائن» وحضره رئيس الموساد ومدير وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» ورئيس المخابرات المصرية الذين التقوا رئيس الوزراء القطري.. ولم يتحقق أي اتفاق وصولا لهدنة جديدة أو صفقات جديدة لتحرير رهائن مقابل اطلاق سراح سجناء فلسطينيين..رغم لقاءات «استخباراتية» أخرى عقدت في دول أوروبية الشهر الماضي.

- تاريخ 7 اكتوبر لم يمثل فشلا عسكريا وأمنيا كبيرا لاسرائيل فحسب بل اعتبر فشلا استخباراتيا ذريعا لها وللولايات المتحدة الامريكية.. وطوال الـ90 يوما الفائتة حاول الكيان الاسرائيلي استرداد هيبته العسكرية فلم يفلح لأن كل ما تحقق هو دمار شامل للبنية التحتية لغزة وحرب ابادة ضد الاطفال والنساء والمدنيين وعلى مرأى ومسمع العالم الذي بات يتخلى رويدا رويدا وتحت ضغط الشارع عن الدعم المطلق والاعمى للحرب التي تخوضها اسرائيل.. لذلك صارت اسرائيل والداعمون لها يبحثون عن «صورة نصر» تعتمد على المعلومات الاستخباراتية والتجسسية استهدافا لقادة حماس في الخارج وبحثا عن نصر تقدمه لمواطنيها وتحفظ به ما تبقى من ماء الوجه فكانت:

1 - عملية اغتيال نائب المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في الضاحية الجنوبية وفي عقر دار «حزب الله».

2 - انفجاران في مدينة «كرمان» الايرانية وبالقرب من مرقد قاسم سليماني أودى بحياة اكثر من 100 ممن كانوا يحيون الذكرى الرابعة لمقتل قاسم سليماني.

3 - ..مع الاشارة لاستهداف القائد في الحرس الثوري الايراني رضي موسوي في سوريا في 25 كانون الاول/ ديسمبر الماضي.

توقيت اغتيال العاروري بذكرى سليماني له دلالات.. وتبع الحدثين اعلان تركيا منذ يومين عن اعتقال أكثر من أربعين شخصًا، نجحت الاستخبارات الإسرائيلية في تجنيدهم، من أجل القيام بالتجسس والتعقب وخطف ناشطين فلسطينيين مقيمين في تركيا وعائلاتهم..مع التذكير هنا بأن جهاز الاستخبارات التركية كان قد أعلن قبل نحو شهر عن احباط محاولة الموساد الإسرائيلي، اختطاف مهندس فلسطيني، ساهم في اختراق منظومة «القبّة الحديدية» عامي 2015 و2016.

- باختصار: حرب الاغتيالات.. أو الحرب التجسسية.. أو الحرب الاستخباراتية -سمّها ما شئت- قد تؤدي لأمرين:

1 - إما أن تشكّل فرصة لاسرائيل والولايات المتحدة للهبوط من على الشجرة والبدء بالتمهيد لوقف الحرب والدخول بمفاوضات اطلاق سراح الرهائن مقابل الأسرى في السجون الاسرائيلية.

2 - أو أنها تفتح جبهة جديدة في حرب يسعى نتنياهو لاطالتها حتى الانتخابات الامريكية طمعا بعودة حليفه ترامب الى البيت الابيض.. وإطالة عمره هو في الحكومة.

*باختصار: إسرائيل أو حكومة نتنياهو «مأزومة» وكلّما فشلت بمعركة فتحت أخرى بحثا عن «صورة نصر»، لكنّها في واقع الأمر تزداد تورطا في كل يوم يطول فيه أمد الحرب خصوصا مع الضغوط بالداخل الاسرائيلي وحتى داخل حكومة الحرب.. وباتت الفضائح الداخلية والخارجية تحاصرها ولن يكون آخرها أنّ المحامي المكلف بالدفاع عن إسرائيل في محكمة العدل الدولية (آلان ديرشوفيتز) متورط في فضائح جيفري إبستين الجنسية التي كشف النقاب عنها منذ يومين!

("الدستور") الأردنية

يتم التصفح الآن