ويعكس مؤشر نورماندي للسلم، رؤية الاتحاد الأوروبي في مجال السياسة الخارجية، ولذا فإنّ المؤشر يستند الى الاستراتيجية الشاملة للاتحاد الأوروبي، والتي حددت مصادر وأنواع التهديدات، والتي يعتقد الاتحاد الأوروبي أنها تشكل خطرًا على مستقبل السلم والديمقراطية.
دول الاتحاد الأوروبي لا تواجه سوى تهديد واحد من ضمن أحد عشر تهديدًا وهو "انعدام الأمن الطاقي"
وهكذا فقد أشارت الاستراتيجية الشاملة للاتحاد الأوروبي إلى أحد عشر (11) تهديدًا، للسلم والأمن وهي كالتالي: الإرهاب، وانعدام الأمن الطاقي، والأزمات الاقتصادية، والدول الهشة، والنزاعات العنيفة، والإجرام العابر للحدود، والتغيّرات المناخية، والتضليل الإعلامي، والأمن السيراني، وأسلحة الدمار الشامل (ADM)، والتهديدات الهجينة.
واعتمد مؤشر نورماندي على هذا التصنيف وأقصى "التهديدات الهجينة" وأدرجها بشكل غير مباشر في الأزمات الاقتصادية والتضليل الإعلامي وانعدام الامن الطاقي، والهجوم السيراني؛ وأضاف المؤشر مفهوم جودة المسار الديموقراطي، باعتبار ذلك مصدرًا للاستقرار أو مصدرًا للخطر في حالة تعثّر الممارسة الديمقراطية. ويؤكد الخبراء بأنّ مؤشر نورماندي للسلم، ليس تصنيفًا للدول حسب معيار مستواهم في السلم، وإنما تصنيف بناءً على التهديدات الخاصة التي من شأنها أن تعيق السلم في بلد ما. (Diplomatie, n° 77,2024.).
ويُلاحَظ بأنّ مؤشر نورماندي لسنة 2023، قد انتهى إلى خلاصة مفادها، أنّ دول الاتحاد الأوروبي، لا تواجه سوى تهديد واحد من ضمن أحد عشر تهديدًا، وهو تهديد انعدام الأمن الطاقي، وذلك بسبب الأزمة الروسية - الأوكرانية. وأشار المؤشر إلى الدول العشر الأوائل في التصنيف، وهي سويسرا والنرويج وايسلندا وأستراليا ونيوزيلندا وكندا ودول الاتحاد الأوروبي، وكوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة، وهي لا تواجه تهديدات خطيرة.
أربع دول عربية هي ضمن الدول التي تواجه مخاطر وتهديدات كبيرة
بينما الدول العشر المتعثّرة في التصنيف فهي، التشاد (المرتبة 129 في 2022 - 128 في 2023)، والصومال (المرتبة 134 في 2022 - 129 في 2023) ومالي (المرتبة 124 في 2022 - 130 في 2023) وجنوب السودان (المرتبة 133 في 2022 - 131 في 2023) وسوريا (المرتبة 136 في 2022 - 132 في 2023) والعراق (المرتبة 128 في 2022 - 133 في 2023) واليمن (المرتبة 135 في 2022 - 134 في 2023) وجمهورية الكونغو الديموقراطية (المرتبة 132 في 2022 - 135 في 2023) وجمهورية أفريقيا الوسطى (المرتبة 130 في 2022 - 136 في 2023)، ثم أفغانستان في (المرتبة 137 في 2022 و2023).
ويبدو جليًا أن أربع دول عربية هي ضمن الدول التي تواجه مخاطر وتهديدات كبيرة، وهي الصومال والعراق واليمن وسوريا؛ حسب المؤشر.
ومن المعلوم أنّ التعريف الحديث للسلم، لا يربط السلم بعدم وجود حروب، وإنما يتضمن المفهوم الجديد للسلم، عناصر متعددة، ومن ذلك مستوى الرفاه أو العيش الكريم في مجتمع ما، والحق في التنمية وباقي الحقوق الأخرى المتعارف عليها دوليًا. لذا فإنّ وضع السلم في مجتمع ما، ممكن أن يتأثر بالتهديدات التي حددها مؤشر نورماندي للسلم؛ وهي طريقة أخرى لقياس السلم، والأخذ بعين الاعتبار ترابط المخاطر العالمية، مما يستدعي رصد مختلف التهديدات التي يمكن أن تشكل خطرًا في الراهن أو المستقبل، وهنا تكمن أهمية مؤشر نورماندي للسلم.
(خاص "عروبة 22")