وسط حرارة الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في الولايات المتحدة، ووسط التوقعات بفوز الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي تصدّر نتائج الاستطلاعات، طالب المرشح ترامب بمنحه حصانة رئاسية شاملة لتكون حماية له من الملاحقات القضائية الجنائية حيث يواجه ترامب حالياً نحو 91 تهمة جنائية في 4 قضايا منفصلة وتشمل: السعي لقلب خسارته في انتخابات عام 2020، وحيازته وثائق سرية تضر بالأمن القومي، وذلك بعد فوزه الساحق بتأييد الحزب الجمهوري للترشح بأكثر من نصف الأصوات، وبالتالي يكون ترامب هو الأوفر حظاً في حال ترشحه لانتخابات الرئاسة المقبلة.
وقد كان أول الاختبار في ولاية أيوا لتحديد إن كان بإمكانه هزيمة خصميه نيكي هايلي ورون ديسانتيس (الذي انسحب لاحقاً)، على الرغم من أحوال الطقس فيها هي الأشد برودة في فصل الشتاء، وبالتالي واجه ناخبو هذه الولاية برودة العواصف الثلجية والرياح العاتية التي وصلت درجات الحرارة إلى 42 درجة تحت الصفر، ما أدى إلى قلة المشاركة في هذه الانتخابات.
ورغم الجهود الهائلة التي بذلها المرشح رون ديسانتيس، حينئذ، ونيكي هايلي، الحاكمة السابقة لولاية كارولاينا الجنوبية وسفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة، كما أنها المرأة الوحيدة المنافسة في السباق الانتخابي، ولكن من المعروف أن ولاية أيوا الحاسمة لا تتنبأ بالمرشح النهائي ولكنها تعد الولاية الحاسمة لتقليص حلبة التنافس ونقطة انطلاق لساحات المعارك الانتخابية، وبالرغم من عدد سكان أيوا لا يتجاوز (1) في المئة من سكان الولايات المتحدة، إلا أنها تحتل مكانة خاصة على الساحة السياسية الأميركية منذ أكثر من 50 عاماً!
إذ يحظى المرشح ترامب بأصوات تقدر بـ48 في المئة من الناخبين وبالتالي هناك مؤشرات إيجابية تفيد أن هزيمة ترامب أصبحت الآن غير ممكنة كما يعزز مكانته باعتباره المرشح الأقوى لخوض المبارزة النهائية المحتملة مع خليفته الديموقراطي جون بايدن، في نوفمبر المقبل.
وقد اعترف بايدن بأهمية هذه المرحلة الحاسمة في منصة (X) حيث دعا في تغريدته أنصاره للتبرع لحملته الرئاسية، وقال بكل صراحة «إن دونالد ترامب أصبح يشكّل قلقاً بالنسبة لي وبات بكل وضوح المرشح الأقوى المنافس في المرحلة المقبلة».
وما يؤكد تصريحاته نتائج انتخابات أيوا التي قلبت الموازين لصالح ترامب، ثم حلول رون ديسانتيس في المركز الثاني وهو صاحب المواقف الصلبة في قضية الهجرة والإجهاض، هذا وقد حصل ديسانتيس على 21 في المئة من الأصوات، أما المرشحة نيكي هايلي فقد حصلت على المركز الثالث بحصولها على 19 في المئة من الأصوات.
ففي بلدة أديل أقامت هيلي تجمعاً انتخابياً لافتاً للأنظار، وقالت إن دونالد ترامب يجلب الفوضى في أدائه، فلا يمكن إصلاح فوضى الديموقراطيين بفوضى الجمهوريين، وفي عشية انطلاق الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في ولاية نيوهامبشاير، اعتبر دونالد ترامب أن الولايات المتحدة أصبحت مزبلة للعالم نتيجة لعدم كفاءة الرئيس الديموقراطي جو بايدن، وفي المقابل شككت منافسته نيكي هايلي في أهليته العقلية للعودة الى السلطة الرئاسية مجدداً.
وقد مثل ترامب قبل أيام أمام محكمة مدنية في نيويورك حيث تتم مقاضاته للمرة الثانية بتهمة التشهير من جانب امرأة تدعى اي جين كارول، بعدما كان قد دِين بتهمة الاعتداء الجنسي عام 2023، ووسط تراكم هذه الملاحقات القضائية الجنائية على المرشح الرئاسي دونالد ترامب، يتزايد النقاش داخل الولايات المتحدة وخارجها بشأن احتمال عودته إلى البيت الأبيض بقوة، كونه المرشح الأوفر حظاً لتمثيل الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية نهاية العام الحالي، وبالتالي أعلن نحو نصف أعضاء الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ تأييدهم للمرشح ترامب، لخوض هذه الانتخابات، وذلك قبل الانتخابات التمهيدية في ولاية نيوهامبشر التي تفوق فيها على هايلي أول من أمس.
ففي خضم هذه الانتخابات التمهيدية ولهيبها هناك أوساط مقربة من هذه الأحداث تؤكد بأن هناك فرصة ذهبية أمام ترامب لمضاعفة جهوده المحلية والدولية لتحقيق النصر، أي أنه بحاجة الى إعادة ترتيب أوراقه في الفترة الرئاسية الجديدة إن كان هناك قلق دولي على فوزه، ثم أكدت هذه الأوساط أن بعودته ستكون الولايات المتحدة أكثر قوة وسيكون العالم أكثر استقراراً لولايته الثانية، بينما يتهمه الرئيس الحالي ومرشح الديموقراطيين جو بايدن، على أنه يريد فرض حظر على دخول العرب إلى الولايات المتحدة بعد بناء الجدار الحدودي وبعد منع إصدار تأشيرات دخول دول إسلامية في عهده، إلا أن ترامب ما زال يتهم بايدن بأسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة وتحت قيادته أصبحت مكب نفايات لبقية العالم وبالتالي باتت الديموقراطية في الولايات المتحدة في خطر بسبب عدم كفاءته!
تستمر الانتخابات التمهيدية عند الجمهوريين بعد فوز دونالد ترامب بفارق كبير عن منافسيه في الاقتراع الأول الذي جرى في ولاية أيوا، وتفوقه على هايلي في ولاية نيو هامبشاير، ولكن المفاجأة كانت عند انسحاب المرشح رون ديسانتيس من السباق بسبب تبني الحزب الجمهوري لترامب وإعطائه فرصة أخرى، في ضوء هذا التبني دعا ترامب كل الجمهوريين إلى دعمه وأن تكون لهم كلمة موحدة.
والسؤال هنا: هل أصبح الطريق أمامه ممهّداً في محاولته الثالثة للوصول إلى البيت الأبيض؟!.
("الراي") الكويتية