معركة رفح المرتقبة

الجولة الأخيرة من المفاوضات التي استضافتها القاهرة قبل أيام، استهدفت من خلالها مصر، نزع فتيل ذلك الانفجار المروع، الذي سوف تشهده المنطقة برمتها، إذا ما استمرت إسرائيل في غيها، وقررت بين عشية وضحاها، تنفيذ خطة نتنياهو الجنونية، باجتياح رفح الفلسطينية، وما قد يخلفه هذا الاجتياح البربري من مجزرة، ربما تفوق في وحشيتها تلك المجزرة التي نفذها هولاكو خان في بغداد، وخلفت وراءها أكثر من مليون شخص، في حاضرة الخلافة العباسية.

والمؤكد أن أحدا لا يعرف حتى اليوم، ما الذي سوف تنتهي إليه مفاوضات اللحظات الحرجة، لنزع فتيل هذا الانفجار الكبير، وقد أصبحت المنطقة برمتها، على بعد أمتار قليلة منه، فلا يزال نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة يمعنون في الجنون، ولا يزال المجتمع الدولي برمته يقف على أطراف أصابعه، دون أن يقدم على خطوة عملية على الأرض، لوقف هذا العبث، أو لجم وغد تل ابيب، الذي يصب الزيت كل يوم على النيران المشتعلة، والتعبير الأخير نسبته قناة «إن بي سي» الامريكية للرئيس جو بايدن، في وصف رئيس الوزراء الاسرائيلي، أثناء جلسة خاصة جمعته وعددا من الممولين لحملته الانتخابية، أعرب خلالها عن إحباطه من تصرفات نتنياهو الحمقاء، ومن فشله هو شخصيا، في إقناعه بأهمية أن تغير إسرائيل من تكتيكاتها العسكرية في غزة.

تتزايد الضغوط الدولية من أجل التوصل إلى هدنة انسانية ممتدة نسبيا، يعول كثيرون أن تشهد إطلاق سراح عدد كبير من الأسرى من الجانبين، حسبما يقضي اتفاق إطار العمل، الذي انتهى اليه اجتماع باريس الشهر الماضي، والذي يتحدث في جانب كبير منه، عن هدنة انسانية على ثلاث مراحل، تشهد المرحلة الاولى منها والتي تستمر لنحو ستة اسابيع، إطلاق المقاومة الفلسطينية سراح نحو 40 أسيرا إسرائيليا، وتكون الاولوية فيهم للنساء والرجال الأكبر من 60 عاما، أو الذين يعانون مشاكل صحية ضخمة، فيما تشهد المرحلتان الثانية والثالثة إطلاق سراح الجنود وجثامين القتلى منهم، في مقابل اطلاق سراح عدد كبير من الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية.

لا تبدي المقاومة الفلسطينية وفى القلب منها حركة حماس، أي اعتراضات على مقترحات باريس، وتقول انها منفتحة على مناقشة أي مبادرات قد تنتهي لوقف الحرب، وتقول فصائل المقاومة إنها تنتظر ما سوف تنتهي اليه محادثات القاهرة من نتائج، قبل أن تقول كلمتها الأخيرة، في وقت تقف فيه المنطقة على وتر مشدود، في انتظار كارثة مرتقبة، من المؤكد أن اسرائيل ستكون فيها أكبر الخاسرين، اذا ما استمرت حكومتها المتطرفة في اللعب بالنيران، ولعلها تدرك قبل فوات الأوان، أنها ستكون أول من يحترق بها، إذا ما دقت طبول الحرب.

("الأهرام") المصرية

يتم التصفح الآن