واصلت الصحف العربية، الصادرة اليوم، مواكبة مستجدات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، على وقع ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي المزيد من المجازر التي تستهدف المدنيين، ما يعاكس كل الأجواء التي تتحدث عن قرب الوصول إلى إتفاق هدنة قبل بداية شهر رمضان المبارك، وهو ما دفع الرئيس الأميركي جو بايدن إلى التراجع عن تصريحه السابق، مستبعدًا وقفًا لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة "حماس" بحلول الإثنين المقبل، بينما أعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أنّ تل أبيب لن ترضخ لما وصفه بـ"مطالب حماس الوهمية".
وإذ استهدفت مدفعية الاحتلال صباح اليوم مدرسة تؤوي نازحين في خان يونس، كانت القوات الإسرائيلية قد ارتكبت صباح أمس مجزرة متعمّدة بحق فلسطينيين كانوا ينتظرون تسلّم مساعدات إنسانية في شارع الرشيد بمدينة غزّة، ما أسفر عن سقوط 112 شهيدًا و760 مصابًا، الأمر الذي أثار موجة إدانات عربية ودولية منددة بـ"مجزرة الجياع".
وفي تأكيد جديد على فشل المجتمع الدولي في منع إسرائيل من ارتكاب المزيد من الجرائم، أنهى مجلس الأمن الدولي في نيويورك جلسة مشاورات مغلقة، بشأن مجزرة "شارع الرشيد"، بعد طلب من دولة الجزائر، دون أن يصدر أي بيان صحافي أو عناصر بيان حول الموضوع، نتيجة اعتراض واشنطن على صيغة البيان الذي أُعدّ في المجلس حول المجزرة. في حين أقرّ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، خلال جلسة استماع في الكونغرس، بأنّ إسرائيل قتلت أكثر من 25 ألف امرأة وطفل منذ السابع من أكتوبر الماضي.
من ناحيته، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أنّ "مقتل أكثر من 100 شخص كانوا يسعون للحصول على مساعدات إنسانية في غزة مسألة تتطلب تحقيقًا مستقلًا وفعالًا"، وأضاف: "أنا "مصدوم من تطورات الحرب مع إسرائيل التي تقول سلطات فلسطينية إنّ أكثر من 30 ألف مدني قتلوا فيها منذ السابع من تشرين الأول". وردًا على أسئلة بشأن فشل قرار لمجلس الأمن في فرض وقف إطلاق النار، أجاب غوتيريش :"إنّ تفاقم الانقسامات الجيوسياسية حوّل حق النقض إلى أداة فعالة لشل عمل مجلس الأمن.. ولديّ قناعة تامة بأننا بحاجة إلى وقف إنساني لإطلاق النار ونحتاج إلى إطلاق سراح الرهائن بشكل فوري وغير مشروط وينبغي أن يكون لدينا مجلس أمن قادر على تحقيق هذه الأهداف". كما ندد منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بالمجزرة الإسرائيلية الجديدة معتبرًا أن استمرار سقوط القتلى في صفوف المدنيين "أمر غير مقبول"، وقال: "أشعر بالهلع من التقارير عن مذبحة أخرى بين المدنيين في غزة الذين هم في حاجة إلى المساعدات الإنسانية".
في المقابل، دعت حركة "حماس" جامعة الدول العربية، ومجلس الأمن الدولي، للانعقاد العاجل، لاتخاذ قرارات تُلزم إسرائيل بـ"وقف القتل الجماعي والتطهير العرقي في غزة، ووقف كلّ انتهاكاتها للقوانين الدولية، وانتهاكها لمقرّرات محكمة العدل الدولية التي طالبتها بوقف جريمة الإبادة والتطهير العرقي".
أما على مستوى جبهة جنوب لبنان، فكشف مسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، بحسب شبكة "سي أن أن"، عن تزايد القلق تجاه تخطيط إسرائيل لتوغّل بري في لبنان يمكن أن يبدأ في أواخر الربيع أو أوائل الصيف المقبل، "في حال فشلت الجهود الدبلوماسية في دفع "حزب الله إلى التراجع عن حدود لبنان الجنوبية". في وقت اعلنت القيادة الوسطى الأميركية أنها نفذت ضربتين ضد 6 صواريخ، كانت معدة للإطلاق نحو البحر الأحمر من مناطق الحوثيين.
في هذا الإطار، رأت صحيفة "الشروق" المصرية أنّ "حادثة انتحار الشاب الأميركي آرون بوشنل، الضابط في سلاح الجو الأميركي، بحرق نفسه أمام السفارة الأسرائيلية في واشنطن، نقلة نوعية كبيرة في وسائل الاحتجاج داخل أكبر دولة داعمة للكيان الصهيوني، ومن مؤسسة الجيش الداعم المادي لهذا الكيان، ما يجعل النظر إلى الشاب المنتحر بالدرس ولفت الأنظار الواضح من قبل أقرنائه، بأن هناك شعبًا مقهورًا يعذّب، وآخرين يدعمونه"، وسألت: "فهل يعي بايدن ومن على شاكلته أثر أفعالهم؟".
من ناحيتها، اعتبرت صحيفة "الخليج" الإماراتية أنه "لو كان في هذا العالم إنسانية حقة وموضع للعدالة لكانت الجريمة بحق الجياع في غزة خاتمة السجل الأسود لهذه الحرب، التي يجري فيها إبادة شعب، بل إبادة الحياة في قطاع غزّة، لافتةً إلى أنه "بعد كل هذا الدماء والدمار والتصميم الإسرائيلي على القتل، لم يعد هناك من مبرر للصمت أو التجاهل، فقد طفح الكيل، ولم يعد هناك متسع على تحمّل هذه المذبحة اليومية لشعب محاصر ومجوّع".
بينما رأت صحيفة "الشرق" القطرية أن "مجزرة شارع الرشيد" تُشكّل "فصلًا جديدًا من فصول جرائم الإبادة الجماعية من خلال العدوان الإسرائيلي المستمر ضد الشعب الفلسطيني، الذي لم يترك انتهاكًا أو جريمة إلا وارتكبها، بما في ذلك المجازر اليومية للسكان، واستخدام الأسلحة الثقيلة والمحرّمة دوليًا، والتهجير القسري للسكان المدنيين، وسياسة التجويع والحصار، وتدمير المنشآت المدنية والبنى التحتية، بما فيها المنازل والمدارس والمستشفيات في انتهاك وتحد صارخ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني".
كما لفتت صحيفة "اللواء" اللبنانية إلى أنّ "حرب غزة كشفت أمام العالم كله حقيقة النظام العنصري الصهيوني القائم في الدولة العبرية، وفضحت أساليب ووسائل الإضطهاد والتنكيل التي تمارسها القوات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين، ووضعت المجتمع الدولي والمؤسسات الأممية المعنية أمام مسؤولياتها الإنسانية والقانونية، لوضع حد لهذه الجرائم العنصرية البشعة في القرن الواحد والعشرين".
وبالتزامن، أشارت صحيفة "الرياض" السعودية إلى أنه "يبدو مع استمرار الحرب الإسرائيلية في غزة أنّ حل الدولتين أصبح بعيد المنال أكثر من أي وقت مضى، ومع ذلك فإن المتابعين بدقة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني يدركون أنه لكي يتحقق السلام على الإطلاق، فإن خطة السلام المتضمنة حلًا دبلوماسياً هي الأقرب لحل شامل للصراع أكثر من أي خطة عسكرية تتبعها الاستراتيجية الإسرائيلية، في محاولة الضغط، وتسعى من خلالها إلى تدمير قطاع غزّة، ويصبح الأمل ضعيفًا في العودة إلى عملية السلام".
(رصد "عروبة 22")