واصلت الصحف العربية، الصادرة اليوم، مواكبة مستجدات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، حيث كثفت قوات الاحتلال غاراتها وقصفها في مختلف أنحاء القطاع مخلّفةً عشرات الشهداء والجرحى في سلسلة مجازر ارتكبتها خلال الساعات الأخيرة، بينما كشفت وسائل إعلام عالمية أنّ إسرائيل وحركة "حماس" بدأتا التفاوض على "التفاصيل" المتعلقة باتفاق محتمل لوقف مؤقت لإطلاق النار في غزّة والإفراج عن محتجزين، غير أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو منح وفد التفاوض "صلاحيات أقل بكثير" مما طلبه قادته الأمنيون، مع وضعه "خطوطًا حمراء" أكثر صرامة بما يتعلق بقائمة المعتقلين الفلسطينيين المحتمل إدراجهم في الصفقة.
في هذا الإطار، كشفت مصادر مصرية مطلعة على ملف مفاوضات وقف إطلاق النار، بحسب ما ذكرت صحيفة "العربي الجديد"، عن "اتصالات مصرية إسرائيلية جرت صباح أمس الاثنين، على وقع اقتحام قوات جيش الاحتلال مجمّع الشفاء الطبي وسط غزّة، وتوسيع المواجهة في مناطق الشمال والوسط مجددًا، وتصاعد المعارك في خانيونس". وفي المقابل، أفادت القناة (13) العبرية، مساء الاثنين، بأنّ وزيري الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش هددا بالانسحاب من الحكومة الإسرائيلية، في حال تضمنت الصفقة المحتملة مع "حماس" إطلاق سراح عشرات الأسرى الفلسطينيين الذين أدينوا بقتل إسرائيليين.
وإذ أجرى الرئيس الأميركي جو بايدن، الاثنين، مباحثات هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، للمرة الأولى منذ أكثر من شهر، أوضح البيت الأبيض أنّ بايدن كرّر خلال الاتصال "قلقه العميق بشأن احتمال شن إسرائيل عملية بري كبيرة في رفح"، واتفق مع نتنياهو على "اجتماع فريقيهما في واشنطن قريبًا لبحث سبل استهداف حماس من دون القيام بعملية برية في رفح مع نتنياهو شمل "الوضع في رفح وجهود زيادة المساعدة الإنسانية إلى غزة". في حين أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية صباح اليوم عن زيارة سيقوم بها وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى السعودية ومصر خلال الأسبوع الجاري لبحث الجهود المبذولة لضمان التوصل إلى اتفاق وقف النار في غزّة وزيادة إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
تزامنًا، وفي حين وافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي للمرة الأولى على خطط لفرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين المتطرّفين في الضفة الغربية، حذرت الأمم المتحدة من أن احتمال حدوث مجاعة في شمال غزة يلوح في الأفق حيث يواجه نصف سكان المنطقة بالفعل "مستويات أزمة انعدام الأمن الغذائي أو ما هو أسوأ"، بينما أعلنت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) كاثرين راسل أنّ "13 ألف طفل قُتلوا في قطاع غزّة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي"، مشددة على أنّ هذا الأمر "لم يحدث قط في أي صراع آخر في العالم".
على المستوى الإقليمي، أعلن الجيش الأميركي أنه دمّر سبعة صواريخ مضادة للسفن وثلاث طائرات مسيّرة وثلاث حاويات لتخزين الأسلحة في مناطق يسيطر عليها الحوثيون في اليمن. كما طالب مجلس الأمن جماعة الحوثي بـ"الوقف الفوري" للهجمات ضد السفن التي تعبر باب المندب والبحر الأحمر، داعيًا الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى "التعاون العملي" لمنع الحوثيين من الحصول على الأسلحة والأعتدة اللازمة لتنفيذ مزيد من الهجمات.
وفجر اليوم، استهدف الجيش الإسرائيلي بعدة غارات جوية مواقع عسكرية مشتركة بين قوات النظام السوري و"حزب الله" اللبناني في منطقة القلمون شمال العاصمة السورية دمشق.
في هذا السياق، لفتت صحيفة "الدستور" الأردنية إلى أنّ "اليمين الإسرائيلي يمارس الحروب والعنف ويواصل إشعال المزيد من الحرائق في ساحة الصراع، ويستبدل الحلول السياسية للأزمات والصراع بمنطق عسكري استيطاني ويعمل على تفجير ساحة الصراع وتوسيع دائرة الحروب في المنطقة، بينما يضرب نتنياهو مرتكزات النظام العالمي ويستخف بشرعياته ويفرض عليه فقدان ما تبقى له من مصداقية ليس فقط في تطبيق قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، وإنما أيضًا في كل ما يتعلق بالإنسانية والانحياز للمدنيين".
كذلك أشارت صحيفة "الشروق" المصرية إلى أنه "وسط حديث متكرر عن هدنة أو وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزّة المنكوب بفعل الهجمات الإسرائيلية الوحشية، يبقى الواقع المرير المهدد بمجاعة أشد قسوة وضراوة في حصد أرواح سكان الشريط الساحلي الضيق الذي يأوي أكثر من مليوني فلسطيني، باتوا اليوم رهينة لألاعيب "انتخابية" بين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن".
بدورها، شددت صحيفة "عكاظ" السعودية على أنّ "الصورة المخزية والقبيحة التي ظهر بها وعليها الكيان الصهيوني في حربه الأطلسية على الشعب الفلسطيني تؤكد أن هذا الكيان نمرٌ ورقيٌ متعدد الأغراض، أسّسه ونفخ فيه الغرب الاستعماري الصليبي الرأسمالي، وحاول أن يصنع له اسمًا وهوية ومقعدًا في الأمم المتحدة".
بينما اعتبرت صحيفة "الراي" الكويتية أنه "إذا ما وضعنا الحرب على غزّة تحت مجهر التشريح السياسي المتخصص فسنجد استدلالات عدة تشير إلى أن هذه الحرب ذات علاقة أيضًا بالتغييرات الهيكلية التي يشهدها النظام العالمي"، موضحة أنه "لا يمكن تصوّر كل هذه الحرب ومفاعيلها وتكلفتها السياسية والاقتصادية والإنسانية التي تتكبدها دولة مثل الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية الكبرى من خلال هدف واحد يتمثل في القضاء على "حماس" فقط، بل الأمر يبدو أن الذي نصب الفخ يطمح لصيد أكبر من العصفور".
أما صحيفة "الوطن" البحرينية فنقلت أنّ "الاعتراضات على تواجد مكاتب لحركة "حماس" في الدوحة واستضافة زعمائها بدأت تتزايد حدّةً داخل أروقة الإدارة الأميركية وفي الكونغرس الأميركي وخاصة من مجموعة من الجمهوريين، ما دفع بالدوحة إلى تذكيرهم بأن ذلك تم بطلب من الإدارة الأميركية، والجديد أنهم عرضوا طرد الجماعة بعد السابع من أكتوبر، لكن إدارتهم هي التي رفضت".
في المقابل، أوضحت صحيفة "اللواء" اللبنانية أنه "مقابل المحاولات الإيرانية للتقدم إلى المشهد الإقليمي عبر وحدة الساحات التي يتحمل تبعاتها المباشرة لبنان، تقدم مجريات الميدان والتفاوض في غزّة معطيات مختلفة قد تأخذ الوضع في المنطقة إلى ما يمكن اعتباره "ستاتيكو إقليمي برعاية دولية"، يمتد من البحر الأحمر حتى البحر المتوسط مرورًا بسوريا والجنوب اللبناني".
(رصد "عروبة 22")