صحافة

أين ذهبت توصيات الحوار الوطني؟

عماد الدين حسين

المشاركة
أين ذهبت توصيات الحوار الوطني؟

كثيرون يسألون: أين ذهبت توصيات المرحلة الأولى من الحوار الوطني.. ومتى سيتم تنفيذها؟ والبعض من هؤلاء الكثيرين يسألون بصورة استنكارية: «ألم نقل لكم إن الحوار الوطني بأكمله كان مجرد مكلمة لإلهاء الرأي العام واختراق الطبقة السياسية وإحداث انشقاق بينها، وشراء وقت حتى تمر الانتخابات الرئاسية على خير؟!».

ولا ألوم هؤلاء إطلاقًا لأن مثل هذا النوع من الأسئلة سمعته بأذني من بعض المشاركين في الحوار الوطني خلال الجلسات التي عقدت طوال العام الماضي.

وللإجابة عن هذا السؤال نذكر بأن الرئيس عبدالفتاح السيسي هو من أطلق الدعوة للحوار الوطني في ٢٦ أبريل ٢٠٢٢، محددًا الهدف في تحديد أولويات العمل الوطني، وأن «نسمع بعضنا البعض».

ظني الشخصي وباعتباري عضوًا في مجلس أمناء الحوار الوطني فإن جميع القوى السياسية الشرعية، سواء كانت مؤيدة أو معارضة قد أتيح لها أن تقول رأيها وكلمتها وراءها وأفكارها بكل حرية، بل إن ذلك تم نقله على الهواء مباشرة عبر قناة «إكسترا لايف»، التابعة للشركة المتحدة، إضافة إلى تغطيات واسعة من جميع وسائل الإعلام المختلفة.

ومنذ الاجتماع الأول لمجلس أمناء الحوار الوطني في الأسبوع الأول من يوليو ٢٠٢٢ وحتى الاجتماع الأخير للجان المحور الاقتصادي قبل بداية شهر رمضان الحالي، فقد ناقش مجلس الأمناء وجلسات الحوار الفعلية كل ما يمكن تخليه تقريبًا من قضايا ومشاكل وأزمات في مصر عبر ثلاثة محاور، هي السياسي والاقتصادي والاجتماعي من خلال ١٩ لجنة و١١٣ قضية، وكل قضية تفرعت إلى جلسات مختلفة، وشارك في النقاشات كل القوى السياسية بلا استثناء، بل إن من بين المشاركين من كان داخل السجن وخرج للمشاركة، وكان له رأي ودور فاعل.

قد يعلق البعض ويسأل مستنكرًا لكن كل ما سبق مجرد كلام بين سياسيين، فما الذي عاد على الشعب المصري من هذه «المكلمة»؟!

الإجابة ببساطة أن الحوار الوطني تمكن من إنجاز المرحلة الأولى ورفع توصياتها بالفعل إلى رئيس الجمهورية، وكانت عبارة عن ١٣٥ توصية في المحاور الثلاثة، السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

الرئيس السيسي حول هذه التوصيات إلى مجلس الوزراء لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لتنفيذها أو إحالة مشروعات القوانين إلى البرلمان لبحث إصدارها في قوانين تشريعية.

رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي قرر مشكورًا تشكيل لجنة تنسيقية مشتركة بين مجلس الوزراء وبين مجلس أمناء الحوار الوطني تتولى متابعة تنفيذ هذه التوصيات، وبالفعل فإن هذه اللجنة عقدت اجتماعين، برئاسة رئيس الوزراء، خلال أقل من شهر، آخرها كان يوم الأربعاء الماضي.

خلال الاجتماع حصلنا على كتيب إحصائي مهم يتضمن الخطة التنفيذية لتوصيات الحوار الوطني، أعده مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بالمجلس، وهو جهد مشكور يُضاف إلى الجهد الإعلامي المهم الذي يبذله الزميل هاني يونس، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء في هذا الصدد.

في المحور السياسي المكون من ٤ لجان رئيسية كانت هناك ٣٧ توصية، تم تنفيذ ٦ منها بالفعل، وفي المحور الاجتماعي «٥ لجان رئيسية» كانت هناك ٦٤ توصية تم تنفيذ ٢١ منها، وفي المحور الاقتصادي كانت هناك ٣٤ توصية تم تنفيذ عشرين إجراء منها.

وداخل هذا الكتيب رسوم بيانية محددة عن الإجراءات التنفيذية في كل لجنة داخل كل محور من المحاور الثلاثة. مع العلم أن توصيات المرحلة الثانية من الحوار خصوصًا في الشق الاقتصادي يفترض أن يتم تقديمها إلى رئيس الجمهورية بعد بدء الولاية الرسمية للرئيس خلال أيام قليلة.

سيسأل البعض أيضًا ويقول: وما تلك التوصيات التي تم تنفيذها ولم نسمع عنها حتى الآن؟!

السؤال منطقي، وأصحابه ينظرون فقط إلى التوصيات السياسية الأساسية خصوصًا قوانين الانتخاب والحبس الاحتياطي وتداول المعلومات، أو حتى اتخاذ سياسات محددة لمعالجة الأزمة الاقتصادية من جذورها. ومعظم هذه التوصيات موجودة في المرحلة الثانية من التوصيات، لكن ما تم تنفيذه توصيات غير جماهيرية، لكنها مهمة وسوف أعود إليها بالتفصيل. لكن من المهم أيضًا أن نسلط الضوء على الآلية التنفيذية التي تحدث عنها الدكتور مصطفى مدبولي فى اجتماعنا معه يوم الأربعاء الماضي.

("الشروق") المصرية

يتم التصفح الآن