مشاريع تفتيت الأمّة!

لا شك أنّ موجة التطبيع مع تركيا وايران تلقي بظلالها على الوطن العربي وتضعف المشروع القومي للأمّة، لا سيما وأنّ هاتين الدولتين الإقليميتين تعملان بالسر والعلن على تقويض المشروع القومي العربي، والاستفادة القصوى من حالة الفراغ الناتجة عن ضعف هذا المشروع.

فتركيا، المندرجة ضمن حلف "الناتو" الذي تتزعمه الولايات المتحدة، لها تاريخ استعماري وما تزال تحتل إقليم الاسكندرونة التابع للجمهورية العربية السورية، وتواصل قضمها للأراضي العربية، وقد لعبت دورًا فاعلًا في تفكيك سوريا وغزوها.

كذلك الحال مع إيران التي تلعب دورًا أساسيًا في تفتيت المنطقة العربية من خلال ضرب الدولة الوطنية في مختلف الأقطار العربية بالعمل على إذكاء الصراعات الطائفية، واستبدال مؤسسات الدولة الوطنية بالجماعات والميليشيات الموالية لها.

لقد كشفت أحداث غزّة عن جانب من الغشاوة لدى من توهموا أنّ تركيا وايران قبلتهما فلسطين، وأظهرت المعطيات المحيطة بأداء كل منهما حيال الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينين أنّ حسابات كل من تركيا وإيران مقتصرة حصرًا على تحقيق مصالحهما على حساب العرب والقضية الفلسطينية.

فللأتراك مشروعهم، وللايرانيين مشروعهم، في التمدد والنفوذ واستغلال مقدّرات الأمّة العربية، فتركيا التي تخلت عن السلطنة لم تتخلَّ عن نزعتها الاستعمارية في الوطن العربي، حيث لعبت في سوريا دورًا مهمًا لصالح الأمريكيين في دعم الفصائل المنبثقة عن "القاعدة"، وفي العراق تواصل استباحة الأراضي العربية، وكذلك الأمر ساهمت إيران في غزو الأميركيين للعراق وتفكيك بنيته الاجتماعية ودولته الوطنية، وهي تفعل الشيء نفسه في سوريا ولبنان واليمن، بمزاعم دعم "محور المقاومة وتحرير القدس" فيما هي تسقط فعليًا سيادة الدول العربية وتضرب كياناتها الوطنية وعمقها القومي... وتاريخيًا تثبت الوقائع أنّ الشرق الفارسي والشمال التركي شكلا أهم مهددات الأمّة العربية، وصولًا اليوم إلى المتاجرة بالقضية الفلسطينية واستخدامها كحصان طروادة لاقتحام ساحات الأمّة.

فلسطين قضية عربية، ولن تكون سوى قضية عربية لا تركية ولا إيرانية، وليس على العرب سوى الاعتماد على أنفسهم في تحرير أراضيهم من كل غاصب ومحتل.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن