صحافة

محور فيلادلفيا والمعبر ومعاهدة السلام وحقائق ثابتة

محمد إبراهيم الدويرى

المشاركة
محور فيلادلفيا والمعبر ومعاهدة السلام وحقائق ثابتة

ترفض مصر وبشدة الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة في مدينة رفح وخاصة احتلال معبر رفح ومحور فيلادلفيا اللذين يقعان على أراض فلسطينية، الأمر الذي دفعنا إلى إغلاق معبر رفح من جانبنا وتوقف دخول المساعدات من خلاله رفضاً للتعامل المصري مع سلطة أمر واقع إسرائيلية احتلت المعبر، وبغض النظر عن عدم ارتباط هذه الإجراءات بمعاهدة السلام بين الدولتين، إلا أن هذه التطورات تزيد من تعقيد فرص حل أزمة غزة وتضفي مزيداً من التوتر على مناخ العلاقات الثنائية.

هناك مجموعة جوانب من الضروري أن أشير إليها وهي لا تتعلق بالعمليات العسكرية ولكنها تتعلق بمصطلحات تم تداولها خلال الحرب ومن ثم من المهم توضيح بعضها وتصحيح البعض الآخر استناداً على نصوص الاتفاقات حتى لا تختلط الأمور ويتم توجيه اتهامات باطلة ضد بعض الأطراف.

وأبدأ بما يطلق عليه «اتفاقات كامب ديفيد» فهي تتضمن اتفاقين رئيسيين تم توقيعهما في 17 سبتمبر 1978 بين كل من الرئيس السادات والرئيس كارتر ومناحيم بيجين، الاتفاق الأول يسمى «إطار السلام في الشرق الأوسط» وهو خاص بحل القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي طبقاً لقراري مجلس الأمن رقمي 242 و338، أما الثاني فهو «إطار الاتفاق لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل» وهو عبارة عن مجموعة مبادئ رئيسية سوف تتضمنها معاهدة السلام عند توقيعها لاحقاً.

وفي أعقاب مرور ستة أشهر على توقيع هاتين الاتفاقيتين، وقع الرؤساء الثلاثة في واشنطن معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في 26 مارس 1979 التي تنظم جميع أوجه العلاقات الثنائية، وهنا نشير إلى نقاط أربع:

النقطة الأولى أن اسم «قطاع غزة» ورد في المادة الثانية من المعاهدة ونصت على «أن الحدود الدائمة بين مصر وإسرائيل هي الحدود الدولية المعترف بها بين مصر وفلسطين تحت الانتداب وذلك دون المساس بوضع قطاع غزة (أي أن غزة خارج أي اتفاق بين الدولتين).

النقطة الثانية أن ترتيبات الأمن وردت في المادة الرابعة ونصت في فقرتها الرابعة على «أنه يتم بناء على طلب أحد الطرفين إعادة النظر في ترتيبات الأمن المنصوص عليها وتعديلها باتفاق الطرفين (مناطق محدودة التسليح في الأراضى المصرية والإسرائيلية- قوات أمم متحدة ومراقبون وإستبدلت بقوات حفظ سلام (MFO).

النقطة الثالثة أوضح الملحق الأول للمعاهدة - وهو البروتوكول الخاص بالانسحاب الإسرائيلي وترتيبات الأمن - في مادته الثانية أن هناك أربع مناطق يتم فيها تحديد طبيعة التسلح وشكل تواجد القوات الدولية ثلاث منها داخل سيناء (أ – ب – جـ) وينطبق نفس الأمر على الأراضي الإسرائيلية التي ستكون بها منطقة واحدة وهي (د) ولا تتواجد بها دبابات أو مدفعية أو صواريخ (تمت مراعاة العمق الجغرافي للدولتين).

النقطة الرابعة أن المنطقة (د) تقع داخل الأراضي الإسرائيلية على حدودها مع مصر وتبدأ من شرق رفح أي ابتداء من نقطة تقع خارج حدود القطاع وتمتد حتى إيلات، أي أن غزة لا تقع ضمن المنطقة (د)، ومما يؤكد ذلك أن إسرائيل عندما انسحبت من غزة عام 2005 سحبت جميع قواتها العسكرية من غزة.

وارتباطاً بالترتيبات الأمنية في سيناء، فقد وقعت مصر مع إسرائيل اتفاقاً في سبتمبر 2005 يقضي بانتشار فوج حرس حدود في المنطقة (جـ) في سيناء بديلاً لقوات الشرطة المنصوص عليها في المعاهدة من أجل محاربة الإرهاب والتهريب خاصة في المنطقة الحدودية مع غزة، ثم نجحت مصر بامتياز في تعديل المادة الرابعة من المعاهدة عندما تم التوافق في إطار اللجنة المشتركة بين الدولتين في أوائل نوفمبر 2021 على زيادة قوات حرس الحدود وإمكاناتها لضبط وتأمين الحدود في الاتجاه الإستراتيجي الشمالي الشرقي.

أما فيما يتعلق بمحور فيلادلفيا فإنه عبارة عن شريط ضيق يقع كاملاً داخل قطاع غزة في مواجهة الحدود مع مصر ويمتد من البحر المتوسط وحتى معبر كرم أبو سالم (14 كم) وأطلقت إسرائيل عليه هذا الاسم عقب احتلال القطاع وتمركزت فيه قواتها العسكرية، والأمر اللافت هنا أن إسرائيل انسحبت من المحور عقب انسحابها من غزة في سيتمبر 2005 مما يؤكد أنه ليس جزءاً من أراضيها ولا يدخل ضمن المنطقة (د)، وقد سيطرت عليه قوات السلطة الفلسطينية عقب الانسحاب الإسرائيلي ثم سيطرت عليه حركة حماس عقب سيطرتها على غزة منتصف 2007، والخلاصة أن هذا المحور الفلسطيني لم تنظمه أية اتفاقات مصرية إسرائيلية أو فلسطينية.

وبالنسبة إلى معبر رفح نوضح ما يلي:

- أن إسرائيل سيطرت على المعبر منذ احتلالها غزة عقب حرب 1967 وكان يعمل بشكل طبيعي في ظل الاحتلال لمدة 38 عاماً.

- أنه عقب انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005 تم توقيع ما يسمى باتفاقية المعابر في 15 نوفمبر 2005 بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل ونصت على وجود طرف ثالث لتنظيم العمل في المعبر من الناحية الفلسطينية ولم تكن مصر طرفاً في هذا الاتفاق بأي شكل.

- أن العمل انتظم في المعبر منذ 25 نوفمبر 2005 وارتبط بوجود ثلاثة عناصر أساسية وهي هيئة المعابر التابعة للسلطة الفلسطينية وقوات الحرس الرئاسي الفلسطيني والطرف الثالث وهو قوات أوروبية EUBAM .

- أنه عقب سيطرة حماس على غزة في يونيو 2007 انسحبت EUBAM من المعبر وتم طرد سلطة المعابر والحرس الرئاسي، وبالتالي لم تعد العناصر الثلاثة المتوافق عليها متوافرة، ومن ثم تم إغلاق المعبر من الناحيتين، إلا أن مصر كانت تفتح المعبر بشكل استثنائي على فترات أمام خروج سكان غزة.

- تم إغلاق المعبر عقب أحداث يناير 2011 لأسباب أمنية إلا أنه بعد القضاء على الإرهاب تمت إعادة افتتاحه بشكل دائم ولم تغلقه مصر من ناحيتها منذ بدء الحرب الحالية على غزة إلا عندما احتلته إسرائيل خلال الأسابيع الماضية ولن يتم فتحه إلا إذا انسحبت إسرائيل من المعبر الفلسطيني.

("الأهرام") المصرية

يتم التصفح الآن