واصلت الصحف العربية الصادرة اليوم مواكبة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، على وقع إستمرار حالة الترقب لمصير مفاوضات وقف إطلاق النار، بموجب مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن، والقلق من إحتمال تدهور الأوضاع الأمنية على نحو أكبر في جنوب لبنان.
وإذ حلّ عيد الأضحى المبارك على أبناء غزّة شاهدًا على ما يتعرضون له من مذابح ومجازر وجرائم إبادة، أفادت وكالة "الأونروا"، أمس، بأنّ "أكثر من 50 ألف طفل في قطاع غزّة باتوا بحاجة ماسّة إلى العلاج من سوء التغذية الحاد"، بينما وفي محاولة للتخفيف من حدة الضغوط الأممية والإنسانية سعت تل أبيب إلى الالتفاف على مسؤوليتها عن سفك دماء الفلسطينيين عبر إعلان المتحدّث باسم جيش الإحتلال أفيخاي أدرعي، أنّه "بعد مناقشات جرت مع الأمم المتحدة والمنظّمات الدّوليّة، تقرَّر أنّه اعتبارًا من يوم أمس وبشكل يومي بين السّاعات الثّامنة صباحًا (08:00) وحتّى السّابعة مساءً (19:00)، سيتمّ تعليق الأنشطة العسكريّة بشكل تكتيكي ومحلّي، في الطّريق الواصل من كرم شالوم إلى شارع صلاح الدين وشماله، وذلك لزيادة حجم المساعدات الإنسانيّة الّتي تدخل إلى قطاع غزّة".
بالتزامن، كانت "كتائب القسام" قد أعلنت أنها قتلت 11 جنديًا إسرائيلياً في القطاع في يوم عرفة، وذلك بعد ساعات من تأكيد مقتل 8 جنود إسرائيليين في كمين بمدينة رفح. في حين أقدم الجيش الإسرائيلي على تنفيذ سلسلة من الهجمات الجوية، التي استهدف فيها المدنيين. بينما أبدى رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو تصميمه على استكمال الحرب على غزّة، رغم إقراره بأنها "حرب صعبة جدًا تدور في عدة جبهات بينها الجبهة الدولية". وفي المقابل، شدد الناطق العسكري باسم "كتائب القسام" أبو عبيدة على أنّ "عمليتنا المركبة والنوعية اليوم في رفح هي تأكيد جديد على فشل العدو أمام مقاومتنا وضربة موجعة لجيشه، ولدينا المزيد".
من جهته، أعلن مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان أنّ وسطاء من قطر ومصر يعتزمون التواصل مع قيادات "حماس" قريبًا، لمعرفة ما إذا كان هناك سبيل للمضي قدمًا في اقتراح وقف إطلاق النار في غزّة الذي يطرحه الرئيس الأميركي. في حين أعلنت إدارة بايدن فرض عقوبات على جماعة "تساف 9" الإسرائيلية، بسبب وقوفها وراء الهجمات على قوافل المساعدات الإنسانية أثناء توجهها إلى قطاع غزة.
وإذ نقلت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية عن مصادر أمنية تقديرها انتهاء العملية العسكرية في رفح خلال أسبوعين أو بضعة أسابيع، أشارت المصادر إلى أن "تل أبيب وصلت إلى مفترق طرق هام (...) سنحتفظ بالسيطرة على محور فيلادلفيا ومعبر رفح حتى عندما ينهي الجيش الإسرائيلي نشاطه". ورأى خبراء معنيون بينهم عسكريون، في أحاديث منفصلة لصحيفة "الشرق الأوسط"، أنّ "تلك السيطرة الدعائية الموجهة للداخل الإسرائيلي، مجرد "مخالفة" وليست "اختراقًا" لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، ولا تعدو كونها "بروباغندا إسرائيلية" موجهة للداخل، وضغوطًا على "حماس" والوسطاء".
بينما أكد المتحدث الرسمي باسم حركة "حماس" جهاد طه أنّ "الحركة، وفصائل المقاومة، أبدت تجاوبًا كبيرًا مع مقترحات بايدن، بشأن اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي، وكان لديها بعض التعديلات البسيطة التي من شأنها أن تعزّز تنفيذ مشروع اتفاق غزّة، خاصة المرحلة الأولى". وأوضح طه، لـ"العربي الجديد"، أنه "على الرغم من ذلك فإننا منفتحون على الإجابة، وتوضيح أي استفسار خلال عملية التفاوض، والمساعي والجهود ما زالت مستمرة من قبل الوسطاء، وهذا حق لشعبنا ومقاومته لإنهاء العدوان".
أما على مستوى جبهة جنوب لبنان، فتسود حالة من الترقب للزيارة التي سيقوم بها المبعوث الأميركي آموس هوكتشاين الى تل أبيب يوم الإثنين، للبحث في منع استمرار المواجهات التي ستؤدي الى انفجار كبير، وإعادة السعي إلى ضبطها أو حصرها. بينما أشارت وسائل إعلام إسرائيليّة إلى أنّ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت سيصل قريبًا إلى الولايات المتحدة الأميركية، في زيارة رسمية هي الثانية له منذ بدء حرب غزّة، حيث سيبحث في واشنطن نقل أسلحة بشكل عاجل واحتمال نشوب حرب مع "حزب الله".
في هذا السياق، أوضحت صحيفة "الجريدة" الكويتية أنّ "هناك قلقًا أميركيًا من ديناميكية جديدة في الحكومة الإسرائيلية بعد استقالة بيني غانتس وزيادة تأثير بن غفير وسموتريتش، اللذين يضغطان في سبيل التصعيد، بينما لا أحد يعلم ما الذي سيقوم به نتنياهو، خصوصًا أنّ الجيش الإسرائيلي أعد خطة لتوسيع الحرب، وينتظر القرار السياسي".
من ناحيتها، أشارت صحيفة "الخليج" الإماراتية إلى أنه "مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزّة، لم يعرف القطاع الفلسطيني المدمّر والمحاصر العيد، فلا نحر للأضاحي ولا ولائم عائلية، ولا مظاهر احتفال ولا هدايا للأطفال، إنها مقبرة تنبعث منها رائحة الموت والفقد والدمار من كل الأرجاء، ولم يعد هناك مكان للفرحة في هذا القطاع الذي تحوّل في ثمانية أشهر إلى مسرح حيّ لإبادة جماعية حاقدة وجريمة ضد الإنسانية لن تسقط لقرون".
بينما لفتت صحيفة "الوطن" القطرية إلى أنه "في مواجهة حرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال في غزّة، وعمليات القتل التي يمارسها في الضفة الغربية، تبدو الحاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى آخر للبحث عن حلٍ نهائي يعطي الفلسطينيين الحد الأدنى من حقوقهم، ويسمح بطي صفحة هذا الصراع، بعد أن بات جليًا بأنّ تحويل قضية فلسطين إلى مسألة لاجئين لم تنجح، ولن تنجح، وسوف تؤدي إلى المزيد من الانفجارات".