بصمات

كوارث البيروقراطية في العالم العربي

البيروقراطية في العالم العربي، كما هو الحال في أجزاء أخرى في العالم، لها تأثيرات على المجتمع والاقتصاد والسياسة، بحيث تعرقل الرتابة النمو، وتؤدي إلى تراجع كفاءة الخدمات العامة وغياب الشفافية وتعزيز الإتجاهات التقلدية والسيطرة المركزيّة، مما يحدّ من المبادرات الفردية والإستقلالية ومقاومة التغييرات والإصلاحات.

كوارث البيروقراطية في العالم العربي

تقوم البيروقراطية على العديد من الإجراءات الإدارية المعقدّة، وينتج عنها خفض الإنتاجية، زيادة التكاليف على الأعمال، تشجيع الفساد، الإحباط النفسي، انعدام ثقة المواطنيين بحكوماتهم، وصولًا إلى عرقلة الإبتكارات، والتسبب باضطربات سياسية واجتماعية.

يدعو إعلان المؤتمر الـ39 لمنظّة اليونسكو إلى تبني أهداف التنمية المستدامة (أجندة 2030)، وخصوصًا بإعتماد أساليب حديثة للإنتاج تحرص على ضمان الفعاليّة القصوى في استخدام الموارد البشرية والطبيعية، والإلتزام بمبدأ التعاون الشامل بين كل الأفرقاء، بحيث لا يتأثر رخاء الأجيال المقبلة وبقاؤها بممارسات بيروقراطية.

الدول ذات المستويات العالية في البيروقراطية والفساد قد تخسر ما بين 5% إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي

وفقًا لتقرير ممارسة أنشطة الأعمال الصادر عن البنك الدولي، تحتاج الشركات في بعض الدول العربية إلى ما يزيد عن 200 يوم لإكمال إجراءات التأسيس والتشغيل مع التكاليف الإدارية المرتفعة على الرسوم وللحصول على التصاريح والخدمات، ويمكن أن تصل الكلفة سنويًا في بعض هذه الدول إلى 1.5% من الناتج القومي كما هو الحال في تونس ولبنان.

وأشار تقرير البنك الدولي إلى أنّ الدول ذات المستويات العالية في البيروقراطية والفساد، قد تخسر ما بين 5% إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي، وفي بعض الدول العربية مثل العراق وليبيا واليمن، تساهم حالة البيروقراطية والفساد في خسائر إقتصادية كبيرة تعوق التنمية المستدامة.

ووفقًا لتقديرات منظمة الشفافية الدولية، قد تصل كلفة الفساد في الدول العربية إلى مئات المليارات من الدولارات سنويًا. على سبيل المثال، يكلّف الفساد في الإقتصاد المصري حوالى 68 مليار دولار سنويًا. هذا إلى كلفة الوقت والجهد، وثني المستشمرين الأجانب عن تنفيذ مشاريعهم ما دفع ذات زمن رئيس حكومة لبنان الراحل رفيق الحريري في "ملتقى رجال الأعمال والإقتصاد العرب" في الأردن إلى تمزيق خطاب كان يهم بقراءته في حفل الإفتتاح الرسمي، داعيًا إلى العمل الفوري، وتجاوز متاهة الأوراق الزائدة، والقفز فوق الإجراءات الروتينية في إنشاء السوق العربية المشتركة ومناطق التجارة الحرّة.

كذلك تؤثر البيروقراطية على الدول المتقدّمة، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية. إذ تشير التقديرات الى أنّ الكلفة السنوية للإمتثال للبيروقراطية الفدرالية تصل إلى تريليونات الدولارات، (قدّر تقرير مؤسسة المبادرات التنافسية كلفة التنظيمات الفدرالية حوالى 1.9 تريليون دولار) .

التعامل مع الروتين الإداري للبيروقراطية، يمكن أن يؤدي إلى ضغوط نفسية في الحياة المعاصرة، وتعقيدات في النظام القانوني وفقدان الثقة بالسلطات السياسية القائمة، وعرقلة العدالة والمساواة. هناك تشاؤم عالمي حول عمل الحكومات يجعل الناس تشعر بالإحباط الشديد. هذا لا يتعلق بنقص الأشخاص الموهوبين في الخدمة العامة، ومع ذلك لا يستطيعون إنجاز الامور بسرعة. وتجد صعوبة في فهم العديد من القوانين ولوائح الاعمال والتجارة والمال والطاقة.

تحتاج الدول العربية إلى إصلاحات جذرية وتبسيط المعاملات وتحسين الكفاءة وتطبيق التكنولوجيا وتطوير البرمجيات

هذا التعقيد يشكل تحديًا كبيرًا وثمة اعتقاد عميق بأنّ الحكومات مسؤولة عن ذلك، وهي المشكلة في البلدان الكبيرة والصغيرة بعدما أصبحت كل القطاعات العامة والخاصة أكثر بيروقراطية، وكذلك المنظمات الدولية التي تضم طبقات متراكبة من المديرين والموظفين.

وللتقليل من هذه التكاليف تحتاج الدول العربية والدول المتقدّمة إلى إجراء إصلاحات جذرية، وتبسيط المعاملات وتحسين الكفاءة وتطبيق التكنولوجيا وتطوير البرمجيات، وإعادة تقييم عمل التنظيمات البيروقراطية كافة.. من دون إضافة تعقيدات أخرى.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن