صحافة

نتنياهو والانتخابات الرئاسية الأمريكية

د.خليل حسين

المشاركة
نتنياهو والانتخابات الرئاسية الأمريكية

كان رئيس الوزراء الاسرائيلي يرتب ملفاته للقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن، وإلقاء كلمة له في الكونغرس، تنحى الرئيس بايدن عن ترشحه لولاية ثانية، نتيجة الضغوط الهائلة التي وجهت إليه، فما هو الموقف الإسرائيلي في ملف الانتخابات وما هو تأثير نتنياهو تحديداً في هذا الملف؟

أولاً، من حيث المبدأ، تعتبر زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة في هذا التوقيت بالذات بدلالاتها وخلفياتها وإلقائه خطاباً في الكونغرس، من الزيارات الدقيقة التي تكتسب أهمية خاصة، لاسيما أنها ترتبط بأهداف إسرائيلة بحتة ذات صلة بالحرب على غزة وكيفية استمالة المواقف الأمريكية لتتطابق مع مواقف نتنياهو من ملفات حرب غزة وتداعيات ومستقبل الوضع في لبنان والتهديد بتوسيع الحرب عليه.

فمن الحقائق الثابتة التأثير الإسرائيلي المباشر في عملية وصول الرئيس الأمريكي إلى البيت الأبيض أو انتخاب أعضاء الكونغرس، فلطالما تركت وسائل الضغط واللوبيات الإسرائيلية بصمات فارقة ومؤثرة في إيصال كل هؤلاء، ذلك بصرف النظر عن انتماء الرئيس المرشح للحزب الديمقراطي أو الجمهوري.

وفي هذا الاطار، ثمة ميول إسرائيلية واضحة إلى مرشحي الحزب الديمقراطي، بالنظر للطبيعة الليبرالية للجالية اليهودية في الولايات المتحدة وعلاقاتها المؤثرة في إسرائيل، وعلى الرغم من ذلك، ثمة أسباب لتبدل الرأي العام في اللوبيات اليهودية الأمريكية مثل (الآيباك) حول التبدل باتجاه الجمهوريين، وهذا ما يحصل حالياً في المجتمع الأمريكي.

لقد كان للموقف الأمريكي من حرب غزة أثراً واضحاً على تغير السلوك باتجاه الانقلاب على الديمقراطيين والتقرب تجاه الجمهوريين في انتخابات عام 2024؛ إذ ثمة اتهامات إسرائيلية صريحة لتخلي الحزب الديمقراطي عن الاستراتيجيات التي تحكم العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية، ووجهت الاتهامات إلى الرئيس جو بايدن، فيما استغل المرشح الجمهوري، الرئيس السابق، دونالد ترامب، ذلك لمصلحته، الأمر الذي عزز موقعه في السباق الرئاسي، وثمة من يقول، إنه ضمن الوصول إلى الرئاسة بعد محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها مؤخراً، في الوقت الذي غرق بايدن في المزيد من الزلات والثغر التي حسمت تنحيه عن السباق الرئاسي.

وفي الواقع أيضاً، ثمة مصالح متطابقة ومتبادلة حالياً، بين نتنياهو تحديداً والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، ما يعزز أيضاً وصوله إلى البيت الأبيض الذي بات مرجحاً جداً، في مواجهة المرشحة الديمقراطية المحتملة نائبة الرئيس كامالا هاريس، فنتنياهو بحاجة إلى دعم واضح في إكمال حربه في رفح ولبنان حتى ولو كان بإدخال الولايات المتحدة طرفاً في الحرب حتى ولو بطريقة مباشرة، في حين ما زالت الإدارة الأمريكية الحالية تفضل الحلول الدبلوماسية، باعتبار أن فتح أي معركة عسكرية ستؤدي إلى حرب إقليمية واسعة لن يكون أي طرف قادر على السيطرة على مساراتها ونتائجها، ذلك في ظل ظروف صعبة ليس من السهل التغلب عليها أو الدفع بها نحو نهايات محققة لطرف بعينه دون أثمان باهظة جداً.

في المبدأ، لن يكون خافياً على أحد ما بحثه نتنياهو مع الرئيس بايدن، أو عرضه من مواقف في خطابه في الكونغرس، وهما مناسبتين لن تتكررا لنتنياهو في ظل ظروف ضاغطة جداً تمارس عليه، من حكومته بشكل رئيسي، ومن المجتمع الإسرائيلي، وبخاصة أهالي المحتجزين لدى حركة حماس، وفي ظل تلك الأجواء المحرجة لكلا الطرفين، لم يكن من خيار أسهل لنتنياهو، سوى رفع سقف المطالب لجهة الدعم السياسي والعسكري في مواجهته القائمة حالياً.

وبصرف النظر أيضاً، عن مستوى التأثير القائم في اللقاءات التي أجراها في واشنطن، فثمة مزيد من الجهد والعمل الفاعل الذي يقوم به المرشح الجمهوري دونالد ترامب، لنيل ثقة أطراف وفئات كانت محسوبة بشكل شبه تلقائي على المرشحين الديمقراطيين.

في عام 2021، كان 70 في المئة من اليهود يميلون إلى الديمقراطيين، ونصفهم يصفون وجهات نظرهم بأنها ليبرالية، إلا أن ثمة استثناء، فاليهود الأرثوذكس، الذين يشكلون حوالي 10 في المئة من اليهود الأمريكيين، محافظون إلى حد كبير، حيث يؤيد 75 في المئة منهم الجمهوريين، ويوافق 81 في المئة منهم على رئاسة ترامب. وهذا نهج مختلف مقارنة بمواقف المجموعات اليهودية الأخرى.

وتدل الإحصاءات على الاختلاف الكبير بين اليهود الأرثوذكس والمجتمع اليهودي الأوسع، وثلاثة أرباع اليهود (73 في المئة) رفضوا أداء ترامب الوظيفي، مقارنة ب 27 في المئة فقط وافقوا عليه. ومع ذلك، فإن 77 في المئة من اليهود الأرثوذكس اعتبروا ترامب ودوداً تجاه اليهود في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من اعتراف الأغلبية بموقف ترامب المؤيد لإسرائيل، إلا أن 31 في المئة فقط من اليهود وصفوه بأنه ودود تجاه اليهود الأمريكيين.

في أي حال من الأحوال، ثمة تبدل واضح في المزاج الانتخابي الأمريكي وبخاصة اليهود، حيث الميل بات واضحاً تجاه المرشح الجمهوري دونالد ترامب، حتى ثمة من يؤكد وصوله إلى البيت الأبيض ما سيسهم في تصلب مواقف نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة.

(الخليج الإماراتية)

يتم التصفح الآن