صحافة

"المشهد اليوم"... مساعٍ دولية لتفادي الحرب الشاملة

واصلت الصحف العربية الصادرة اليوم مواكبة مستجدات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، على وقع إستمرار حالة الترقب للرد الإسرائيلي على حادثة مجدل شمس، التي كانت تل أبيب قد حملت "حزب الله" المسؤولية عنها بالرغم من نفي الحزب ذلك. بالتزامن مع مروحة واسعة من الاتصالات الدولية، الهادفة إلى منع خروج الأمور عن السيطرة على هذه الجبهة، وبالتالي التدحرج نحو حرب شاملة سيكون لها تداعياتها على مستوى المنطقة برمتها.

وكان "حزب الله"، بحسب ما نقل عن مصادر مقربة منه يوم أمس، قد رد على الرسائل التحذيرية، برسائل مضادة أكد فيها أنه ملزم بالردّ على أي ضربة، وفي حال استهداف منطقة مدنية فسيردّ بالمثل، وإذا تم استهداف مرفق عام واستراتيجي فسيردّ باستهداف مثله في إسرائيل. بينما اتخذت شركات طيران كثيرة حول العالم قرارات بتعليق السفر إلى لبنان، تحسباً لحصول أي طارئ، على وقع تجديد العديد من الدول تحذير رعاياها من السفر إلى لبنان أيضاً، إلى جانب دعوة من هم متواجدين فيه إلى المغادرة.

على صعيد متصل، أكد البيت الأبيض أن لإسرائيل كل الحق في الرد على هجوم "حزب الله"، لكنه شدد على أن لا أحد يريد حرباً شاملة، وعلى أن الإدارة الأميركية واثقة من قدرتها على تجنب نتيجة من هذا القبيل. بينما أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، عن قلقه إزاء احتمالات توسع دائرة المواجهة العسكرية بين إسرائيل و"حزب الله" بما يزيد عن نطاقها الحالي، ويجر الشرق الأوسط إلى حرب إقليمية. في وقت تحدّث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هاتفياً مع نظيره الايراني مسعود بزشكيان، وأكد له "ضرورة بذل كل الجهود لتجنب تصعيد عسكري" بين إسرائيل و"حزب الله"، داعياً إيران إلى "وقف دعمها للجهات المزعزعة للاستقرار".

بالتزامن، نقلت وكالة "رويترز" عن خمسة أشخاص مطلعين أن الولايات المتحدة تقود حملة دبلوماسية لردع إسرائيل عن ضرب العاصمة اللبنانية بيروت، أو البنية الأساسية المدنية الرئيسية. وأشارت المصادر إلى أن الدبلوماسية المكوكية تركز على تقييد رد إسرائيل من خلال حثها على عدم استهداف بيروت المكتظة بالسكان، أو الضاحية الجنوبية معقل "حزب الله"، أو البنية التحتية الرئيسية مثل المطارات والجسور. في وقت أعلن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي أن بلاده لا تزال تعتقد بإمكانية التوصل إلى حل دبلوماسي بعد حادثة مجدل شمس، مشدداً على أن دعم بلاده لإسرائيل "ثابت".

بدوره، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، لوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، أن هجوم مجدل شمس في هضبة الجولان المحتل تصعيد كبير من "حزب الله"، مشيراً إلى أن تل أبيب ستجبر "حزب الله" على تحمل مسؤولية الهجوم المنسوب إليه. بينما لفت نتنياهو إلى أن "إسرائيل  لن تدع هذا يمر ولا يمكنها ذلك"، قائلاً: "ردنا سيأتي وسيكون قاسياً". وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد زار بلدة مجدل شمس، إلا أن استقباله لم يكن كما يهوى، بحيث احتج العديد من أهالي البلدة على وجوده، مطالبين بطرده، بشعارات تصفه بـ"قاتل الأطفال"، فيما رفضت فعالياتها استغلال دماء أولادها.

بالنسبة إلى التطورات في قطاع غزة، أفادت وسائل إعلام فلسطينية باستشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة آخرين بجروح، فجر اليوم، في غارة جوية استهدفت منزلاً في عبسان الكبيرة شرق خانيونس. كما قصفت الطائرات الإسرائيلية منزلاً في محيط مسجد السلام بمنطقة التحلية شرق خانيونس. بينما أعلنت حركة "حماس" أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عاد من جديد إلى "استراتيجية" المماطلة والتهرب من الوصول إلى صفقة في غزة، من خلال وضع شروط ومطالب جديدة. في حين نفى نتنياهو إجراء أي تغييرات، لافتاً إلى أن "حماس" هي التي تصر على إجراء تعديلات كثيرة على الاقتراح الأصلي.

من جانبها، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة القطاع "منطقة وباء لشلل الأطفال". ورأت الوزارة أنّ ذلك يمثّل "تهديداً صحياً لسكان قطاع غزة والدول المجاورة وانتكاسة لبرنامج استئصال شلل الأطفال عالمياً". بينما أشارت كبيرة منسقي الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة سيغريت كاغ، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "حجم الدمار الذي لحق بغزة يصعب تصوره". ووصفت كاغ الوضع في غزة بالكارثي، حيث تستمر منذ عشرة أشهر معاناة المدنيين الفلسطينيين تحت "دوامة رهيبة من البؤس الإنساني"، والذي يشمل الدمار والصدمة والأعداد الكبيرة من القتلى.

وفي تطور لافت، أعلن الجيش الإسرائيلي، مساء الاثنين، نقله ثلاث كتائب كان مقرراً أن تدخل قطاع غزة إلى قاعدة "بيت ليد" وسط إسرائيل، التي اقتحمها متظاهرون يمينيون احتجاجاً على اعتقال جنود متهمين بارتكاب اعتداء جنسي بحق أسير فلسطيني من غزة. وكان العشرات، من بينهم جنود ملثمون مسلحون يرتدون الزي العسكري وأعضاء كنيست ووزراء، قد اقتحموا قاعدة "بيت ليد" (وسط) والمحكمة العسكرية بداخلها، حيث يخضع الجنود المتهمون للتحقيق، وسط مواجهات عنيفة مع الشرطة العسكرية وأمن القاعدة، وفق صحيفة "هآرتس".

على مستوى التطورات في الضفة الغربية المحتلة، أقدمت قوات إسرائيلية، فجر اليوم، على إقتحام مدينة قلقيلية، وادي السمن جنوب الخليل وبلدة بيت أمر شمالها.

إقليمياً، أعلن عضو في حركة النجباء العراقية أن هدنة الفصائل المسلحة مع القوات الأميركية انتهت. بينما دعا وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس حلف شمال الأطلسي لطرد تركيا من عضويته، في خطوة من المرجح أن تزيد من التوتر بين الجانبين. في حين أعلنت علنت القيادة الوسطى الأميركية أنها دمرت، خلال الـ24 ساعة الماضية، طائرة مسيرة للحوثيين في منطقة يسيطرون عليها باليمن، مشيرة الى أن "المسيرة الحوثية مثلت تهديدا للقوات الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية".

في هذا السياق، رأت صحيفة "الأهرام" المصرية أن ما تقوم به إسرائيل من محاولات لتوسيع جبهة الصراع، يحمل تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار في المنطقة، ويفتح أبواب الجحيم على مصراعيها وهو أمر ليس في مصلحة أي طرف، فالمنطقة التي عانت ويلات الحروب والصراعات والأزمات خلال العقد الماضي، ولا تزال تعاني مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ عشرة أشهر، لن تحتمل حرباً جديدة ستمتد ساحتها وآثارها إلى المنطقة بكاملها.

وأشارت صحيفة "الوطن" القطرية إلى أن التهديدات الإسرائيلية ضد لبنان ليست جديدة، وهي تهدد منذ عشرة أشهر بإعادة هذا البلد العربي إلى العصر الحجري، وفي واقع الأمر فإن تل أبيب تريد إعادة العالم العربي بأسره إلى العصر الحجري، من أجل ضمان بقائها والتوسع أكثر فأكثر "من النيل إلى الفرات"، طالما وجدت الدعم والمساندة، وطالما استطاعت الإفلات من الجرائم التي ارتكبتها، وهي ماثلة للعيان.

بدورها، لفتت صحيفة "البيان" الإماراتية إلى أن تجربة غزة تكشف أن تصورات الجيش الإسرائيلي في إنهاء قادة "حماس"، وتحرير الرهائن في فترة لا تزيد على 4 إلى 6 أسابيع تثبت فشلها الذريع، فما زلنا بعد أكثر من 300 يوم لم نر أي نجاح فعلي لهذه الأهداف، معتبرة أنه في حالة "حزب الله"، فإن المسألة ستكون أكثر صعوبة لعدة أسباب، أبرزها أن قدرات الحزب العسكرية من ناحية نوعية التسليح، وكفاءة الأداء، وعدد المقاتلين تفوق أضعاف أضعاف حالة "حماس"، كما أن مسرح العمليات ليس محاصراً مثل حالة غزة فهو مفتوح من ناحية البحر والبر والجو.

وأوضحت صحيفة "الجريدة" الكويتية أن الاتصالات الدولية والضغوط الأميركية المكثفة ساهمت في "حصر" الضربة الإسرائيلية الوشيكة لـ"حزب الله" رداً على اتهامه باستهداف بلدة مجدل شمس في الجولان المحتل، وأدت إلى تأخيرها بحثاً عن هدف نوعي لاستهدافه بطريقة محدودة لا تؤدي إلى اندلاع حرب واسعة.

واعتبرت صحيفة "اللواء" اللبنانية أن استعادة الحكومات العربية، ومنها لبنان وسوريا، لدورها الحقيقي وثقة مواطنيها، يستوجب الإنتقال من موقع الترقب السلبي لمجريات القضية الفلسطينية إلى دور قيادي قادر على رسم الأُطر الجديدة لإدارة الصراع وتحديد المخاطر، بما يعيد للمواجهة مع إسرائيل مشروعيتها القانونية وبعدها الإقليمي، بعيداً عن سياسات المحاور العابرة للدول.

من جانبها، أشارت صحيفة "الدستور" الأردنية إلى أن سياسة هدم المنازل التي تمارسها سلطات الاحتلال وإعادة احتلال قطاع غزة وتهجير سكانه، تتعارض مع المعايير المنصوص عليها في مختلف الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، كما أنها أسلوب عقابي تنتهجه دولة الاحتلال لمواجهة الوجود الفلسطيني في الأراضي المحتلة، والتي تعد من جرائم الحرب الكبرى والجرائم ضد الإنسانية، كونها تمثل انتهاكا جسيما لأحكام القانون الدولي الإنساني.

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن