واصلت الصحف العربية الصادرة اليوم مواكبة مستجدات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، على وقع تكثيف الجهود الدبلوماسية الهادفة لإحتواء التصعيد على مستوى المنطقة، بعد عمليات الاغتيال التي أقدمت عليها إسرائيل في طهران والضاحية الجنوبية. في وقت تستمر تل أبيب في جرائمها في القطاع، بحيث أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أنه في جريمة جديدة من نوعها، امتهن الجيش الإسرائيلي كرامة جثامين 89 شهيداً فلسطينياً كان قد سرقها سابقاً خلال جريمة الإبادة الجماعية، حيث سلّم جثامينهم مجرد هياكل عظمية وجثثاً مُتحللة.
في هذا السياق، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، بعد اجتماع مع فريق الأمن القومي، أننا "ناقشنا الخطوات التي نتخذها للدفاع عن قواتنا، والرد على أي هجوم ضد أفرادنا بالطريقة والمكان الذي نختاره"، لافتاً إلى أننا "تلقينا تحديثات بشأن التهديدات التي تشكلها إيران ووكلاؤها والجهود الدبلوماسية لتهدئة التوترات الإقليمية". بينما نقلت "رويترز" عن مسؤول أميركي أن فريق الأمن القومي أبلغ الرئيس الأميركي، أنه من غير الواضح متى ستشن إيران هجوماً على إسرائيل. في وقت أوضحت شبكة "CNN" أن مدى مشاركة الولايات المتحدة في الحرب، يعتمد بشكل كبير على كيفية رد ايران على مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية.
من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن الوزير لويد أوستن أكد لنظيره الإسرائيلي يوآف غالانت الالتزام بأمن إسرائيل في مواجهة تهديدات إيران و"حزب الله" ومليشيات متحالفة مع إيران. في وقت لفتت كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي إلى أنه "بينما نستعد للدفاع عن إسرائيل ضد إيران ووكلائها الإرهابيين، نعمل أيضاً على تهدئة التوترات".
على صعيد متصل، تلقى رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الاثنين، اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ناقشا فيه "مستجدات جهود الوساطة المشتركة لإنهاء الحرب على القطاع، والتوترات المستمرة في الشرق الأوسط، وتأكيد ضرورة التهدئة وخفض التصعيد في المنطقة". في حين أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، خلال اتصال هاتفي تلقاه من الرئيس الأميركي، الاثنين، ضرورة خفض التصعيد الدائر في المنطقة والتوصل إلى تهدئة شاملة تحول دون انزلاقها إلى حرب إقليمية.
وكان بلينكن قد أعلن أن الشرق الأوسط يمر بمرحلة حرجة، داعياً أطراف النزاع إلى "كسر حلقة العنف" عبر إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، مطالباً أيضاً باحتواء التصعيد مع استعداد إيران لتوجيه ضربة محتملة لإسرائيل. بينما أكد وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو لنظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس عزم إيران الر على اغتيال هنية.
في هذا الإطار، تستمر التهديدات الإيرانية بالرد على إغتيال هنية، حيث أكد الرئيس مسعود بزشكيان، لدى استقباله أمين مجلس الأمن القومي الروسي سيرغي شويغو، أن إيران سترد على إسرائيل لكنها لا تريد توسيع الحرب. في وقت نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين إيرانيين أن روسيا بدأت تسليم إيران أجهزة رادار متقدمة ومعدات دفاع جوي، مشيرة إلى أن طهران طلبت من موسكو أنظمة دفاع جوي متطورة استعداداً لحرب محتملة مع إسرائيل.
على مستوى التطورات في الضفة الغربية، شنت القوات الإسرائيلية عدواناً على بلدة عقابا في طوباس، أسفر عن استشهاد أربعة فلسطينيين وإصابة سبعة آخرين. في حين تستمر الاقتحامات الإسرائيلية لمدينة جنين، بعد أن أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي عن تنفيذ عملية في المخيم بدعوى "استهداف المسلحين والكشف عن المتفجرات". بينما أمر وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش بمصادرة 100 مليون شيكل من أموال الضرائب المخصصة للسلطة الفلسطينية. كما دعا إلى "الاستيطان في قطاع غزة"، زاعماً أنه "طالما أن رهائن إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة، فإن تجويع مليوني فلسطيني حتى الموت هو أمر عادل وأخلاقي".
بالتزامن، يستمر التصعيد على جبهة جنوب لبنان بين الجيش الإسرائيلي و"حزب الله"، بإنتظار الرد الذي سيقوم به الحزب على إغتيال القيادي العسكري فؤاد شكر. في حين أعلنت إسرائيل، الاثنين، القضاء على علي جمال الدين جواد القائد في وحدة "الرضوان" التابعة لـ"حزب الله" بغارة جوية على بلدة عبا.
من ناحية أخرى، أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أنها ستُنهي عمل 9 موظفين في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ربما شاركوا في هجوم حركة "حماس" على إسرائيل في السابع من تشرين الأول الماضي.
إقليمياً، أعلنت القيادة المركزية الأميركية أن قواتها نجحت في تدمير عدد من المسيّرات التابعة للحوثيين، خلال الساعات الـ24 الماضية. في حين أفادت مصادر أمنية عراقية في محافظة الأنبار، غربي العراق، بأن صاروخين على الأقل أطلقا تجاه قاعدة عين الأسد التي تضم مئات العسكريين الأميركيين العاملين ضمن قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في العراق، ما أدى إلى إصابة عدة جنود أميركيين.
بينما أفادت صحيفة "واشنطن بوست" بأن غارة أميركية قرب بغداد قتلت الأسبوع الماضي قياديا ينتمي لجماعة أنصار الله (الحوثية)، مختص في تصنيع المسيّرات.
في هذا المجال، كشف مصدر دبلوماسي مطلع، لصحيفة "الجريدة" الكويتية، عن تحذير وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قادة إيران من فخ ينصبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمنطقة كلها، داعياً إياهم إلى العدول عن الانتقام لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، مقابل وقف العدوان المتواصل على غزة منذ 304 أيام.
بينما أشارت صحيفة "الدستور" الأردنية إلى أننا "لن نشارك في معركة حصيلتها ضد فلسطين، ولصالح المستعمرة الإسرائيلية"، موضحة أن "هذا هو مضمون وهدف رسالة زيارة الوزير الأردني إلى طهران معبراً عن ضمير الأردنيين ووعيهم، رضي من رضي وزعل من زعل".
ورأت صحيفة "الأهرام" المصرية أن منطق القوة والعدوان وإشعال الحرائق الذي تتبناه الحكومة الإسرائيلية لن يحقق أي هدف، بينما السلام العادل والشامل هو السياج الحقيقي لتحقيق أمن إسرائيل ومواطنيها، وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، ولهذا لابد من معالجة جذرية للصراع، وهي المقاربة التي طالبت بها مصر منذ وقت طويل.
بدورها، لفتت صحيفة "اللواء" اللبنانية إلى أن هستيريا الحرب التي تضرب حكومة نتنياهو المتطرفة، قادت الكيان الصهيوني إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر، خرجت عن قواعد الإشتباك المتوافق عليها إقليمياً ودولياً، منذ حرب ٢٠١٦، وتهدد بإندلاع حرب مدمرة في الشرق الأوسط، أين منها الحربين العالمتين في أوروبا، والخسائر الفادحة التي أصابت بلدان القارة العجوز.
بينما اعتبرت صحيفة "عكاظ" السعودية أنه مهما فعلت إسرائيل في محاولتها استعادة إمكانات الردع لديها، فإن الوضع الاستراتيجي في المنطقة لن يعود إلى ما قبل المواجهات الأخيرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لافتة إلى أن إسرائيل فقدت الكثير من وضعها الإقليمي الاستراتيجي المتميز، وانكشفت محدودية إمكانات الردع التقليدية لديها.
وأشارت صحيفة "الوطن" القطرية إلى أن المطلوب في الوقت الحالي وقف العدوان والانسحاب من قطاع غزة والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين ومن ثم تلبية كافة المطالب الفلسطينية برؤية استراتيجية شاملة لمختلف مناحي الحياة الفلسطينية، التي يواصل الاحتلال تدميرها لمنع الفلسطينيين من إقامة دولتهم والعيش بحرية.
(رصد "عروبة 22")